سياسة “لَيّ الذراع” لن تنفع.. عهد”التبوريب” إنتهى !!.. بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

سياسة “لَيّ الذراع” لن تنفع.. عهد”التبوريب” إنتهى !!.. بقلم  الناشط السياسي محمد البراهمي

ما يحدث في تونس، لا علاقة له من قريب أو بعيد بالديمقراطيّة والحريات وحقوق الإنسان والممارسات السياسية و المعارضة النزيهة، وإنّما هو ضرب من اللؤم والإسفاف والإستهتار والفساد وقلة الحياء.. إمتهن و أتقن العديد من المشعوذين السياسيين الرقص على حبال الإثارة والإستفزاز و الكذب و النفاق و تزييف الحقائق ، وقد أبدوا من الإنحدار اللغوي والوضاعة السلوكية والإفلاس المعرفي والفساد المفضوح ما أفقدهم أدنى مصداقية لدى الرأي العام، كنا نعتقد، أن الأمر لا يتجاوز حفنة من قليلي الأدب وكثيري الفساد وعديمي الحياء، ولكننا إكتشفنا أنهم يمثلون جزء هاما في هذه النخبة السياسية التي جاءت بها رياح الرداءة السياسية التي حولت العمل السياسي إلى ضرب من ضروب العهر و قلة الحياء..

نتفاجئ بين الحين والآخر بأسلوب لَيّ الذراع الذي تقوم به بعض الأطراف تريد من الدولة أن تخضع لمطالبهم وكأنه الأسلوب الصحيح للحوار مع الدولة في ظل هذه الظروف التي يتخندق خلفها مجموعة من الخفافيش تعمل على إثارة النَعراتِ من خلال التطاول على النظام وعلى الحكومة بسرد قصص مغلوطة ممزوجة ببعض الحقائق الخفية يتم تركيبها لتحيمل سمومهم بها وبثها بين الناس بتشجيعهم على اثارة الفوضى وبهذا تحقيق لرغبات محركيهم بحجج “إنقاذ البلاد” التي ما هي إلاّ “تخريب البلاد” على أيدي الخفافيش تحت مسميات عدة. وعندما فشلوا وتأكدوا من عدم قدرتهم على تحقيق غاياتهم من خلال المظاهرات في محاولة إثارة أجهزة الدولة لتتصرف بعدم وعي ولكنها أثبتت الأخيرة جدارتها في مقدرتها على امتصاصهم وعلى قوة ورباطة جأشها، فانتقلوا لاستخدام الإشاعات والاقاويل واستغلال الأوضاع الاقتصادية لدى التونسيين، فاستغلوا الناس البسطاء وقاموا بتوجيههم لإثارة الفوضى، لذا يجب على الدولة الوعي الكامل لم يُراد من هذه التحركات، وأن يتم مراقبة رؤوس الأفاعي التي تتحرك بدون أي مراقبة أو محاسبة ..

لا يحتاج المراقب إلى طويل تأمل، حتى يدرك أن الدولة التونسية تتعرض لحملة استقواء منظمة، تأخذ أشكالا مختلفة، أولها التطاول على رموزها ومؤسساتها، وإطلاق الكثير من النعوت والاتهامات ، هذا التطاول يقود إلى حلقة أخرى من حلقات الاستقواء على الدولة، تتمثل في هز الثقة بها، والتشكيك بكل قراراتها ومواقفها، وهو مانلمسه كل يوم على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تعج بخطاب مشبع ليس بالكثير من التجني فقط، بل والكثير من قلة الأدب و التحريض و قلة الحياء .. كل ماتقدم من صور الاستقواء على الدولة التونسية يهون، أمام انتقال البعض في استقوائهم عليها إلى مرحلة تهديدها و إبتزازها، في تحد غير مسبوق لوجود الدولة التونسية مما لايجوز السكوت عليه، و مهما تكن الأسباب فلم يعد جائزا السكوت على هذا الاستقواء، فقد آن أوان أن تسترد دولتنا هيبتها، التي هي عماد أمننا وطمأنينتنا كتونسيين اعتدنا على أن نكون أبناء دولة قوية مهابة الجانب.. و هناك عدة طرق للتعبير عن الرأي بعيدا عن اعتقاد البعض بأنه بصوته المرتفع وبدخان بعض الإطارات المشتعلة يستطيع أن يعكر أجواء بلدنا الحبيب، فيجب على كل تونسي حر وغيور تحمل المسؤولية الكاملة تجاه الوطن وأجهزته وممتلكاته وتجاه المواطنين وحرياتهم الخاصة التي ينتهكها البعض بحجة الحرية، لهذا صار لزاما على الحكومة أن تضع حدا لمثل هذه التجاوزات ويجب عليها أن تبدأ أولا بالفاسدين الذين نهبوا الدولة وأضعفوا هيبة الدولة وساعدوا على زعزعة أمنها واستقرارها؛ لأن المواطن يراهم وهم يسرحون ويمرحون أو حتى يعود بعضهم لتسلم مناصب أخرى في الدولة، فيجب محاسبة الفاسدين وكل شخص سولت له نفسه الإعتداء على المال العام وساعد أو إشترك بقضايا الفساد الكثيرة التي سمعنا وما زلنا نسمع عنها دون أن نرى أي نتيجة حقيقية للقضايا الكبرى والحاسمة والهامة، وأعتقد أن أولوية الحكومة في هذا الوقت تكمن في التركيز على وقف محاولات الاستقواء التي يمارسها البعض ، والتي أصبحت متكررة في الأيام الأخيرة، وخير بداية للتعامل مع هذه الحالات هي الإصلاح الحقيقي بعيدا عن الشعارات الجوفاء وبعيدا عن التصريحات التلفزيونية، حتى يشعر المواطن بأن هناك أملا يلوح بالأفق لتحسن الأمور، ومعالجة الخلل والتشوه المتراكم على مر الحكومات المتعاقبة.. على حكومتنا الموقرة أن تعمل على تجذير مصطلح دولة القانون والمؤسسات… حتى تؤسس لجو صحي وسليم وجيل واعي يدرك المفهوم الصحيح لدولة القانون والمؤسسات ، وهذا يؤدي بالتالي للإلتزام السليم بمفهوم الحرية، والتعبير عن الحرية بطرق صحية وسليمة وعقلانية، جيل يطالب بالحق ويحارب الفساد وأهله بأسلوب حضاري ومتقبل من الجميع حكومة وشعبا..

لايمكن القبول أن تبقى تونس رهينة التبوريب النقابي و الإبتزاز السياسي الذي يمارسه البعض..وكأننا نعيش في غابة يحكمها منطق القوة والتهديد والابتزاز ولسنا في دولة مؤسسات لها دستور ينظم علاقات السلطات ببعضها البعض، مع الأسف الشديد مثل تلك الممارسات السياسية و الإجتماعية قد تعدت بكثير مرحلة التعسف، لتصل وبكل جدارة الى مرحلة ابتزاز سياسي رخيص وعرض مسرحي ركيك يسخر من عقول ابناء الشعب ويتكسب عليها !.. ألم يتعلم البعض من الدرس جيدا؟ ألم يدركوا بعد أنّ اساليب التهديد والوعيد ولي الذراع لن تجدي نفعا بعد الابتزاز الكبير الذي مورس من قبل و تسبب في إنتفاضة شعبية في الـ 25 جويلية 2021 ؟ للدولة هيبة ولقوانينها وقراراتها هيبة ايضا، ولن تكسرها سياسة لي الذراع، فالقضية متعلقة بهوية وطن بأكمله ولا يمكن التهاون فيها وجعلها محلا للمساومات والتسويات.. ولقد كان مطلوبا للتحرّك لوقف هذا النزيف.. لأن إنقاذ البلاد والعباد يمرّ عبر إنقاذ البلاد وعبر إنقاذ هيبة الدولة وعبر ردّ الاعتبار لعلوية القانون والمؤسسات..نحن أحوج ما نكون اليوم إلى إنفاذ القانون على الجميع وقبضة قوية تجعل الجميع ينضبطون إلى علوية القانون والمؤسسات و تعيد لهيبة الدولة كامل أبعادها ومضامينها.. ذلك ان الفوضى وازدراء هيبة الدولة وقوانينها ومؤسساتها مؤذنة كلّها بالخراب. وسوف لن يستقيم أي بُنيان يقام على هذه الآفات التي لا تحمل في طياتها غير الدمار الشامل.. طيلة العشرية السوداء الشعب الكريم يدفع فاتورة فساد الطبقة السياسية من أقصى اليمين إلى اقصى اليسار و إنّ الشعب يفهم جيدا خفايا الأمور ويميز بين المطالب المشروعة وبين وضع العصا في العجلة كما أنه ايضا لن يتساهل مع أي فشل جديد ولن يغفر للمعارضة ووقوفها عند حساباتها الضيقة..

إنّ تكاتف الجميع خلال هذه الفترة العصيبة أمر لا بديل له، نظرا لأن الحياد مع الوطن وقت الأزمات لا يعد سوى خيانة وجريمة كبرى في حق الوطن و الشعب ،وأن تكاتف ووقوف الشعب صفا واحدا خلف قيادته يصنع المعجزات ويؤدى الى النصر ضد أي مؤامرة على الوطن ،فالدولة التونسية على مر تاريخها داعية للسلام و الحرية و الديمقراطية لكنها لا تقبل التعدي عليها أو التفريط في حقوقها.. و الظروف الحالية لا تتطلب الحياد مع الوطن لأن الحياد فى الوقت الحالى خيانة كبرى ،، وإنما التكاتف والوقوف صفا واحد للتصدي لأى محاولات من شأنها الاضرار بمصلحة وطننا..

حفظ الله تونس من أي مؤامرة خبيثة من أعداء الوطن سواء في الداخل أو الخارج ..حفظ الله تونس دائما

عاشت تونس حرة مستقلة
عاش الشعب التونسي العظيم

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023