شعبيّة النظام الإسلامي في إيران أكبر من بطلانه أمريكيّا

بقلم: محمد بن عمر |

كلّ من شكك في شعبيّة النظام الإسلامي الإيراني، وادّعى أنه مسلّط على شعبه ومفروض عليه، يعتبر أحمقا أو سفيها، ولا يبعد عن كونه معاديا لعنوانه الإسلامي – الذي ميّز ثورته قيادة وشعارات – أو حاقدا على توجّهاته نحو الحرّية والعدالة، بعد حقبة من دكتاتورية، كانت تضطهد الشعب بمباركة بريطانية وأمريكية.

وبينما تتناغم تصريحات (ترامب) بشأن إيران، وفق ما أوردت وكالة (سبوتنك) للأنباء، حيث قال: (إن إيران عاشت 40 عاماً من الفساد والقمع والإرهاب، عقب اندلاع ثورتها عام 1979.. وانّ الشعب الإيراني يعاني منذ زمن طويل، وأصبح أكثر احتياجاً لمستقبل مشرق)، مع ما كتبه (بولتون) مستشار الأمن القومي الأمريكي، على صفحته ب(تويتر)، تعليقا على احتفال إيران، بالذكرى الأربعين لقيام الجمهورية الإسلامية: (لقد مر 40 عامًا من الفشل).

وهي تعابير لا تعكس الواقع داخل إيران، وهي مجرّد أمنيات أمريكية، وحلم بتغيير حال إيران، من بلد معاد لسياساتها الإستكبارية، إلى بلد خاضع لها مثلما كان قبل الثورة الإسلامية، تحت نظام الشاه العميل.

التّمنّي الأمريكي هبّت عليه رياح الإرادة الإيرانية، بما لا تشتهيه سفن الدعايات الامريكية، ففي صباح الذكرى ال40 لانتصار الثورة الإسلامية، خرجت جماهير الشعب الإيراني بتلقائيتها المعهودة بأعداد مليونية، متحدّية البرد القارس وتساقط الثلوج، لتعبّر عن فرحتها بهذه المناسبة، وتبرهن عن ولائها للنظام الإسلامي، ومرشدها الإمام الخامنئي.

وحتى تتضح الصورة أكثر عن جماهيرية النظام الإسلامي في إيران، لا بدّ من التذكير بأن اختيار الشعب له، جاء بقناعة أنه الأجدر بقيادته، من أجل بناء مستقبله في عالم، لم يكن يرى للإسلام دورا في مجال السياسة، فقد دعا الامام الخميني بعد انتصار الثورة، الشعب الى استفتاء يعبّر فيه بنعم للإسلام عقيدة وحكما، فكانت النتيجة إجابيّة، بنسبة قياسية بلغت 98.2%.

لذلك تسقط الدّعوى الامريكية والغربية والصهيونية، في اعتبار النظام الإسلامي الإيراني دكتاتوريا متسلطا على شعبه، وحضور جموع الشعب الإيراني المليونية في كل مناسبة تستوجب النزول الى الشوارع والساحات، ومشاركتها في الاحتفالات والفعاليات المؤيّدة والمناصرة للنظام الاسلامي.

ولم يكن النظام الإسلامي يوما خارجا عن رغبة شعبه، ولا خادما لغير طموحاته ومشاريعه، لذلك فهو نظام شعبي تسلّح بالإسلام، ليثبت أنه قادر على حسن قيادة بلاده، وأنّه آن الأوان ليكون الإسلام أداة حكم عادلة، وبديلا حقيقيا ونموذجا متميّزا، يقدّم لبقية الشعوب الإسلامية، نموذج النظام العادل، الوفيّ بالتزاماته الداخلية والخارجية.

وتبيّن أنه على مدى العقود الأربعة الماضية، التي تعرّضت فيها إيران للحصار والعقوبات من جانب أمريكا، فشل تلك الإجراءات الظالمة الحادية الجانب.

ولعلّ الفشل الذي تحدّث عنه (بولتن) ورئيسه، مقصود به فشل إدارتهما لسياسة أمريكا تجاه إيران، حيث بدا هناك نجاح من جهة إيران، في تخطي العقبات والعقوبات الأمريكية، والتقدّم بخطى حثيثة نحو النموّ الإقتصادي الكامل، الذي يضمن تبوّأها مكانة متقدّمة بين الدّول الكبرى، وفشل أمريكي في إيقاف التقدّم الإيراني، وبالتالي تعطيل مشاريعه التحرّرية، التي أعلنها منذ بداية ثورته، متحدّيا المنظومة الغربية، التي تعمل على إبقاء الكيان الصهيوني جاثما على أرض فلسطين.

انسداد سبل ترويض النظام الإسلامي في إيران، دفعت بأمريكا إلى التعجيل بمشروعها الجديد (صفقة القرن)، فحركت عملاءها في الخليج والأردن ومصر، للرفع من وتيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني، والظهور به علنا، بعد أن كان يمضي بعيدا عن إطلاع الشعوب بحقيقة ما يجري، والمؤتمر الذي دعت إلى عقده في (وارسو) العاصمة البولندية، يندرج في إطار تلك الصفقة، ويراد منه أيضا التمهيد لتحالف عربيّ صهيوني، يخوض عدوانا على إيران، بمشاركة أساسية من أمريكا.

أمريكا والغرب ومعهم الصّهاينة يدركون جيّدا، أنّ شعبية النظام الإسلامي كبيرة، وغير قابلة للتشكيك فيها، ولا كسر ارتباطها، ويأتي إخفاؤهم لهذه الحقيقة، في اطار تزييف ما يتمتّع به من عمق جماهيري، من أجل تقديم صورة غير واقعية عنه، تسهيلا لاستكمال بقية مراحل الإضرار به.

وتتعدد الحماقات الأمريكية في مواجهة إيران، ومن واحدة إلى أخرى يستمر التقدّم الإيراني، مجددا تحدّيه لأكبر أدوات الإستكبار العالمي، فارضا منطقه الإسلامي، الذي تفقد الدبلوماسية الأمريكية مصداقية التعامل النزيه معه.

وبينما تحشد أمريكا أدواتها بأسلوبها الإستكباري في الترهيب والترغيب، تواصل ايران مسيرتها نحو عزّها وسؤددها، وكلما فتح عليها أعداؤها باب نقمة أغلقه الله، وفتح بدله باب رحمة ولطف، ليستمرّ صراع الحق ضد الباطل، الى أن يحق الله الحق بكلماته ولو كره المشركون.

الديمقراطية التي تتبجح بها أمريكا وتروّج لها مع حلفائها من دول الغرب، وتعمل على فرضها على دول العالم استضعافا لها، ليست سوى عبودية مقننة لسيطرة رأس المال، وتأثيره السّلبي في المجال السياسي، وكلّ الأنظمة التي تعارض بصراحة السياسة الأمريكية، معرّضة اليوم للتدخّل الامريكي في شؤونها الداخلية، من أجل تغيير انظمتها، ولو كانت شرعية من وجهة نظر القوانين الدّولية، ويبدو أن أكثر دول وشعوب العالم أصبحت اليوم مقتنعة ببطلان الإجراءات الأمريكية، وعدوانية سياساتها الخارجية، وتعمل وسعها تجنب الإصطفاف معها، لأجل ذلك نقول، بأن ما تقوم به أمريكا تجاه إيران، لن يحقق لها شيئا، ويحتمل أن يعود عليها بالخسران.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023