صفقة الصهيونية الانجيلية والعربية تصفية للوجود الفلسطيني…بقلم صلاح الداودي

صفقة الصهيونية الانجيلية والعربية تصفية للوجود الفلسطيني…بقلم صلاح الداودي

لاحظنا في الآونة الأخيرة اللاحقة لإعلان وثيقة ما يسمى صفقة القرن غيابا لأي مرجعية قائمة على نظرة واضحة وصريحة وشاملة للوجود الفلسطيني ذاته المهدد بالتصفية قبل كل شيء وبعد كل شيء. شمل هذا التغييب الشامل للوجود الفلسطيني حق المقاومة الفلسطينية. ولم نستشف على الإطلاق رأيا أو رؤية تنطلق وتنتهي ضمن هذا الإطار. لا البرلمان العربي ولا المؤتمر الإسلامي ولا الجامعة العربية ولا السلطة الفلسطينية ولا عدم الانحياز ولا مجلس الأمن ولا الأمم المتحدة كانت مناسبة أو سياقا لطرح قضية الوجود الفلسطيني وقضية حق المقاومة بعيدا عن المرجعيات المعروفة المعتمدة تحت عناوين التفاوض والشرعية الدولية وما إلى هنالك والتي تنتهي جميعها إلى صيغة ما تسمية حنا ارندت: “الحق في الحق”.

بالمقابل، كانت وثيقة صفقة القرن بالفعل، على رأي مدير معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني عاموس يدلين في ورقته التي تلت مباشرة مؤتمر ترامب – نتنياهو والمعنونة “مخطط ترامب، ماذا بعد؟ “، كانت “مفتاحا للامن القومي”، حيث سيطرت عليها بشكل حاسم كلمات تفيد الخضوع للسيطرة الإسرائيلية وفقا للرؤية الأمنية الإسرائيلية. ومن هذه العبارات يمكن لأي متصفح للوثيقة أن يطالع: “خاضعة للسيطرة الإسرائيلية” و “وفقا للرؤية الأمنية الإسرائيلية”.

في خصوص التواصل الجغرافي مثلا نرصد استخدام: “ستخضع المستوطنات الإسرائيلية المعزولة للسيطرة المدنية والأمنية الإسرائيلية”. وفي موضوع شبكة الطرق نقرأ: “فيما سيخضع الفلسطينيون المتواجدون في قرى وبلدات معزولة لسيطرة مدنية فلسطينية. أما أمنيا فستكون تحت السيطرة الإسرائيلية”. وفي شان السيطرة الإسرائيلية نفسها “سيخصع غور الأردن للسيطرة الأمنية الإسرائيلية المباشرة”. ثم يأتي “إعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على المناطق الخاضعة لسيطرتها”.

وأما فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية ف”ستقام الدولة على مساحة 70% من الضفة الغربية على أن تبقى المستوطنات المعزولة كجيوب خاضعة للسيطرة الإسرائيلية”. وفي موضوع قطاع غزة: “كما ستحافظ إسرائيل على المياه الإقليمية تحت سيطرتها لأنها مهمة للأمن القومي الذي يمنح الإستقرار للمنطقة”.

ومن بعد ذلك تأتي الموانئ ومناطق التجارة الحرة حسب نص الصفقة دائما وتقول: “كل ذلك شريطة الحفاظ على الأمن القومي الإسرائيلي”. ثم، “من الصعب إقامة ميناء في قطاع غزة في المدى القريب بسبب التحديات الأمنية لإسرائيل”. “وسيتم نقل البضائع عبر طرق سريعة للدولة الفلسطينية طبق الترتيبات الأمنية الإسرائيلية”.

بالنسبة إلى ملف الأسرى، يقول لوبي صفقة القرن وخطتها المشتركة بصانعيها وعراببها: “أما الإفراج عن الدفعة الثانية فسيكون خاضعاً لموافقة إسرائيلية ووفقا للرؤية الأمنية الإسرائيلية”. ونفسه في ملف اللاجئين الفلسطينيين وأيضا في تبادل الأراضي: ” ويتم شق طريقين مركزيتين لربط الضفة الغربية بالأردن مع بقائها خاضعة للسيادة الإسرائيلية وبناء معابر حدودية حديثة”. وأيضا مكررة حول مدينة القدس: “إقامة شبكة سياحية مشتركة في البلدة القديمة من القدس مع بقائها خاضعة للسيادة الإسرائيلية الكاملة”.

تتواصل النغمة ذاتها عن وضع المجال الجوي: “سيبقى المجال الجوي للدولة الفلسطينية المستقبلية خاضعا للسيطرة الإسرائيلية”.

من البديهي طبعا ان لا يستغرب احد منا ذلك ومن البديهي أيضا أن لا ينتظر أحد أي تعويل على ما يسمى المرجعيات الدولية. غير أنه يجدر بحملة لواء المقاومة والمقاطعة ومناهضة العدوان والتطبيع أن يواصلوا تحمل وحمل الأمانة الأعظم في وجه هذا العدوان الأعظم وهي كما صغناها كما يلي: الوجود الفلسطيني من وجود المقاومة ولا حق دون حق المقاومة.

يؤكد ذلك إستطلاع الرأى الأخير الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية حول ما يسمى صفقة القرن هذه والذي جاء بما يلي: “80٪ يعتبرون ان صفقة القرن أعادت الصراع لمعادلة صراع الوجود” (…) “فيما يعتقد 70٪ أن الرئيس لن ينفذ قراراته”. والمقاومة أحق واقدس وخير وأبقى.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023