طه الظاهري ال مختار والق الحنين

طه الظاهري ال مختار والق الحنين

طه الظاهري ال مختار عرفته يتوضأ بنور العشق الالهي ويسبح في سماوات الالق الشعري ليشعل في طريق المقاومة شموعا تنير الطريق , ولينفخ في النفوس وفي العقول شعاع الحقيقة المغيبة التي حاول الاخرون سرقتها او القاءها في سلة المهملات .
شاعر يمني يقول انه مقلّ في الشعر , ولكني قرأت له العديد من القصائد المتصلة برحم الحقيقة والموصولة بسلم المقاومة والدفاع عن الحق في معركة الحق والباطل .
الرجل ومن خلال اريج عطره اليمني ينضح بالشهامة والشيم والقيم التي عز نظيرها في زمن التيه والتعلق بالقشريات واللهاث وراء الماديات .
الغربة لدية هي المسار المتعارض مع الحقيقة والمخبوء في جفون الغدر والخيانة , والحنين لديه مترع بالآي القراني المتقد والمتطلع الى نور الجبهات ومشاعل الولادة الحقة عندما يدافع الانسان عن الحقيقة ويقول كلمة الحق بوجه سلطان جائر .
ترافق شاعرنا الظاهري دائما نغمات الوجد المشحون بالحب والولاء لخط الرسالة ولخط الولاية ولخط الاستلهام من نبع العقيدة ,يمتطي صهوات الفجر المشنوق على قارعة الطريق ليفتح شآبيب الفتح لتشع حرارة الايمان وتندلع انشودة المجد المتلالئ في خبايا الكون وتلافيف الزمن .
شاعرنا طه الظاهري ال مختار كتب قصائده من عمق التجربة ومن عنفوان الفجر النابض , كتب الحقيقة في زمن القحط حيث تندثر المعاني الجميلة، وتتضاءل الصفات العظيمة، ويكثر النفاق، ويستشري الشقاق، وتسوء الأخلاق، يتقزم العمالقة، وتتعملق الأقزام، لقد شع بضياء الكلمات رغم الضباب والدخان , وانار الطريق بنبع وصفاء الحرف الصادق ليرسم انشودة المستقبل وليطل بهديل الكلمات مثل نبع الماء الرقراق في صحراء الجدب والغبار، فأحيا رذاد كلماته نفوس أقوام عطشى، والهب مشاعر قوم بنفحاته العبقرية التي تفوح نشرا، وتضوع عطرا، وأثمل الأرواح طيبا، وطيب الأنفاس سحرا، وكذا الأرواح سكرى.
الغربة التي يتلفع بها الشاعر طه لم تكن غربة ذات بقدر ماهي غربة مبدا وارومة ظلت الطريق لتصبح فريسة الاوهام او لنقل ذبيحة السحت الذي غير سلوكها واستباح ثولابتها وحولها الى طبل فارغ يرتحل على قارعة الطريق
تسألني أعربي ……لتعرف سر أهاتي
وتعلم انني خجل …..فقط لعريب كلماتي
هنا تخجل عروبتنا …… وتعفيني التزاماتي
هنا عرب بلا عرب ……. وحكام التفاهاتي
هنا التيجان قد مزجت …..بأشلاء البراءات
كذا الاحلام قد ذبحت ……. بسكين العمالات
وكم من ألسن قطعت …….ليكتم صوتها الأتي
شاعرنا ينثر قمح الكلمة ليزرع في شغاف النفوس رغيفا يسد به رمق طفل جائع او اسير ضائع ,ينثر حروفه على ضفاف الريح لتزهو في عنفوان العاصفة سنابل العطاء وتتحول الى توابل تضوع في معدة الايام , الالم الغائر في قلب الواقع المعاصر يتحول لديه الى تعويذة يرتقي بها ليصافح ازاهير الوجود المتحلقة في فناء الحديقة .
شاعرنا كان طالبا مجتهدا نابغا متفوقا استنار بمناقب اهل البيت وهو مازال في الاعدادية في مجتمع سني بدأت تغزوه الافكار الوهابية,وفي الثانوية بدأ يناقش الاستاذ حول تفسير اية التطهير ومن هنا كانت هذه المناقشة كفيلة بوضعه في دائرة الضوء للنظام السابق, توجت هذه المناوشات الكلامية والنقاشية بحرمانه من الحصول على نسبة التفوق المؤهلة للابتعاث الى الخارج بتبديل ثلاث دفاتر امتحان لثلاث مواد دراسية , وهذا موقف صعب على طالب مبدع وتواق للمعرفة حيث اصيب بالاحباط ولم يواصل مشواره التعليمي واخذ يشغل نفسه بالعمل الخاص مع صعوبة الظروف وضيق الحال ولكن لم يهمل التزود في مجال الثقافة العامة وفكر مذهب أهل البيت عليهم السلام ,حتى وفقه الله لمعرفة مذهب الحق واتباعه .
الشاعر طه سخر كتاباته ومعرفته وكرس حياته لاجل المستضعفين ونصرة قضايا الامة والدفاع عن المظلومين ,فكان مثالا مبدعا يقتدى به واطلالة تشع عفة وسعادة ومودة ,كما وضع قافيته مدفعا تقصف مواقع التطبيع واللاهثين وراء الارتزاق والعابثين بمصائر الامم
هم الإمارات ان قاموا وإن قعدوا
هم الحثالات ان ضحكوا وإن لعبوا
هم البغايا وإن فترت محاسنها
تؤوي إليها من الشذاذ من رغبوا
ماذا أحدث عن قوم سجيتهم
لؤم وخبث وماء الغدر قد شربوا
فلا هم من ذوي معد فنعتبهم
عما يشين فيجدي فيهم العتب
وما لهم في قديم الدهر مكرمة
كلا ولا من ذوي الأنساب إن نسبوا
تبت يداكم بنوا نهيان قاطبة
يا فعلة السوء منها العار ينتحب
تأبى العواهر عن إتيان فعلكم
والآثمات تخاف العيب أن يعبوا
الشاعر طه يترع من فيض حب ال البيت (ع) وكيف لا وهو الذي ضحى بالغالي والنفيس ليكون في هذا الطريق الوعر وان قلّ سالكه , لان الهدى هو هدى الله وان المسير نحو الطفوف هو مسير الكرام الخالدين ., لذلك تترنح ابياته على وقع حوافر خيل المصيبة وتتعالى ذبذبات الحروف لتصل الى حافات الحبكة النصية لتضعنا امام بوابات الحقيقة الغائبة ولو الى حين
عفت الديار واوحشت اركانها
ونعت محاريب الهدى قوامها
دور لأل محمد في يثرب
مستوحشات فارقت أعلامها
أولم تكن تحيي التلاوة ليلها
وملائك الرحمن من روامها
ويشع منها النور وهي مناره
وتعم بالبركات من يعتامها
فغدت تحن إلى قديم زمانها
تشكو  إلى الرحمن من ظلامها
تشكو  إليه مئال آل محمد
ورحيلهم عنها وهجر مقامها
رحلوا الى ارض الطفوف وفارقوا
أرض الحجاز وحلها وحرامها
فلإن سألتم كربلاء وأرضها
وعن الحسين تجيبكم بكلامها
أن هاهنا انكدرت نجوم للورى
كانت تزيل عن النفوس سقامها
فهنا الإمام أبو الأئمة ضامئ
شخصت إليه من العتاة طغامها
هذه الابيات الرقراقة السلسة تكشف مدى حرقة الشاعر ومدى شعوره باللوعة والغربة في طريق ذات الشوكة ,فهو ومن خلال هذه الكلمات العابقات يحاول ان يستعرض الم وحرقة العترة النبوية الطاهرة والظلم التعسفي الذي طاردهم سابقا وهاهو يطارد اليوم اتباعهم , انهم الصراع الخالد بين الحق والباطل وانه التاريخ الذي يعيد فصوله ومشاهده بين حين واخر .
هذه الابيات تتمظهر لونا سمفونيا حزينا يتماوج على وقع عباراتها ,فالفكرة في هذه الأبيات تبدو تصويرية لتقدم لنا مشاهد متناثرة ولكنها تمتزج بتعسفية فوقية تحاول ان تستنزل جوّا غائما ممطرا في انعطافة انسيابية تضعنا في فاجعة كربلاء , ومشاهد الصراع التاريخي بين حملة العقيدة ورواد السلطة ,وبين هذا وذاك تنزاح ستائر الحقيقة وتنكشف الدلالة الميثو مبدئية في هذه الابيات لتسطع من خلالها بقعة ضوء الواقع المطعون في براءته والمقهور في عذريته , ومن ثم تتجلى لنا ادانة هذا النوع من الظلم التعسفي لال البيت (ع) , ومالحقهم من ظلم واضطهاد وتغريب وتقتيل وترهيب .

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023