عاصفة المقاومة وطبول النصر القادمة…بقلم محمد الرصافي المقداد

تصريح وزير الحرب الصهيوني مثير للسخرية، عوض أن يكون واقعيا يقبله مستوطنوه، وهم في أدنى درجات انحطاط معنوياتهم، جاء ليغطّي واقع مشروع مقاومة إسلامية، وصل مرحلة تكافئ القوة مع جيشه، وإن أيّ إعداد يقابله إعداد آخر، ومن وعد بدخول الجليل فهو عند وعده، لم يخلف له وعدا من قبل.

لم يبلغ عمر مشروع الإمام الخميني الكبير في تحرير فلسطين، بَعْدُ نصف قرن من الزمان، ونحن نرى اليوم بأم أعيننا إلى أي مستوى بلغه من الإعتداد والقوة، وتَقدُّمه خلال هذه العشريات الأربعة، بات مشهودا له من طرف العالم، يرى بالعين من خلال الأخبار الواردة عليه، بخصوص اليمن المظلوم، ويلمس بالواقع الذي تعيشه منطقة الصراع بين قوى الحق والباطل، ولم يعد بالإمكان إنكار نجاحاته التي تحققت، وحتى التي لم تتحقق بعد، وأصبحت تتراءى لمحور المقاومة، كفلقة الصبح من عتمة الليل، وتبشّر بقرب حصوله.

انفرط إذا عقد النظام الرسمي العربي بجامعته، من دائرة القضية الفلسطينية، إلا من كلام أجوف لم يعد له معنى لدى أحرار فلسطين، ولم يعد يفيد بشيء في تحرير أرضها من الصهاينة المغتصبين، ولم يبق لها سوى أقلّ القليل من أوفياء مشروعها، تتقدّمهم إيران الإسلامية بأشواط، من حيث الاستعداد لمواجهة الصهاينة، وهي لا تؤمن بغير القوة، لتخليص فلسطين أرضا وشعبا، من أبشع احتلال طال أمد مكثه، في ظل تفريط عربي، بلغ اليوم مداه، بهرولة أنظمة طأطأت حكوماتها رؤوسها، لتطبيع الذّل مع أعداء الإسلام والمسلمين.

والنظام الإسلامي منذ أن تأسس، وحمل على عاتقه مشروعه لتحرير فلسطين، إيمانا من مؤسسه الامام الخميني، بأنه من أوكد الواجبات الملقاة على عواتق المسلمين، وعليهم التحرك والعمل من أجلها، والإستمرار من أجل تحقيقها إلى آخر مطافها، في حسن خاتمتها بتخليص الشعب الفلسطيني والأمّة الإسلامية، من أخطر احتلال عرفته المنطقة، بدوره الخبيث والخطير في تمزيق أوصال الممزق من الشعوب الإسلامية، والحيلولة دون قيامها من كبوة تخلّفها.

الكيان الصهيوني أدرك محوريّة إيران الإسلامية في هذا الشأن، وشهد مراحل تأليفها لحركات المقاومة الإسلامية، وما قدّمه من نتائج إيجابية إلى حدّ الآن، في إطار ما خططت له من أهداف، تدرّجت نحو التكافئ العسكري مع القوات الصهيونية، وقد أفزع تناميه بسرعة أركان هذا الكيان، وأرّق عيش مستوطنيه، وشكّلت فصائله المنتشرة داخل فلسطين وخارجها في الجوار، عناصر زعزعة لأمنه وأمانه، فليس الأمس كاليوم، وطويت صفحة زمن الجيش الذي لا يقهر، وبحلول هذا الكابوس وفرضه بشكل نهائي على الكيان الصهيوني، لم يجد زعماؤه بدّا، من اللجوء الى تصريحات بعيدة عن واقعه، لعلها ترفع من معنوياته، وتبقي على ما تبقى من معنويات، أصابتها انتكاسات قواته أمام فصائل المقاومة، في جنوب لبنان وقطاع غزة، بكل الوسائل المتاحة له إعلاميا وإن أمكن له عسكريا.

وزير الحرب الصهيوني  غانتس صرّح في حديث لشبكة “فوكس نيوز”، أن إسرائيل حددت العديد من الأهداف داخل إيران، والتي من شأن ضربها أن يضر بقدرتها على تطوير قنبلة ذرية. وقال: “إذا أوقفهم العالم قبل ذلك، فهذا جيد جدا، ولكن إذا لم يكن الأمر كذلك، فيجب أن نقف بشكل مستقل، ويجب أن ندافع عن أنفسنا”.(1)

هذا الكم الخيالي من الأهداف الذي أعلن عنه، يدعو إلى السخرية لضخامة العدد المصرّح به، على اعتبار أنه حلم صهيوني، يستحيل تحقيقه ولو بنسبة دنيا، ولو تحالفت معه أمريكا والدول الغربية، وعملاؤهم من الدول العربية المطبّعة مع الكيان الصهيوني، التي سيدفع غباء وحماقة بعضها  الى مشاركته في عدوانه المحتمل، والذي إن حصل وهو ما تأمله إيران ومحور مقاومتها، وتنتظره على أحرّ من الجمر، سيكون مفتتح زوال الكيان نهائيا من أرض فلسطين، نتيجة معتبرة في وجدان رجال الله، الذين سيحققون أمل الشعوب الإسلامية الذي طال انتظاره، في الخلاص من الغدّة السرطانية.

وفي هذه الحال – وفي صورة تورط دول خليجية – لن يكون الكيان الصهيوني ضحية سوء تقديره، سيكون مصيرها نفس مصير من ارتبطوا به، وأعتقد أنها ستكون خاطفة وسريعة، ومع وجود الكيان الصهيوني بلا عمق استراتيجي، مقابل ما يحيط به من قوى، ذات خصوصيات غير متوفرة فيه، فإنّ بنك الأهداف التي تحدث عنها وزير دفاعه، إن صحّت خريطته وتحديثها الجديد، من شأنه أن يردّ على العدوان، بما لم يكن متوقعا لدى غرفة عملياته، وما سيصيب مناطق المنتخبة في داخل فلسطين المحتلة، من طرف إيران ومحور مقاومتها، حينها يمكننا القول أن السّحر الصهيوني سينقلب عليه، والزمن لم يعد زمن هيبته، وقد سقطت في جنوب لبنان، وستسقط في فلسطين قريبا، فلننتظر أول غلطة يرتكبها الكيان الغاصب، وإن سلم قديما لأسباب نعرفها جميعا،  فإنه اليوم لن يسلم، وكما يقول المثل العربي: ما في كل مرة تسلم الجرّة.

هذا زمن استواء مشروع زوال الكيان الصهيوني والعدّ العكسي لزواله قد بدأ منذ اعلان الاعداد له، وليس الكلام وتسويق الدعايات كالفعل، وإنّ غدا لناظره لقريب.

المرجع

1 – غانتس يكشف عن خطة لضرب المواقع النووية الإيرانية وعن خريطة سرية لمواقع”حزب الله https://arabic.rt.com/world/1208606

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023