عندما تقف بوصلة حكام العرب عند وجهة الغرب!!؟

عندما تقف بوصلة حكام العرب عند وجهة الغرب!!؟

بقلم: محمد الرصافي المقداد |

في مشهد درامي مفاجئ للعالم، ظهر اكبر معلم مسيحي في العاصمة باريس وهو يحترق، ويكبر الحريق ويستمر، رغم امكانيات فرنسا الكبيرة في مجال الاطفاء، ما دعا الى الاستغراب، سيما وأن اجراءات الصيانة الجارية فيها، مشددة على شروط الأمان، والاحتياط من أي احتمال لنشوب حريق بها.

حريق اذهل الفرنسيين – وليس كلهم – واصابهم بالصدمة، فلم يسع افكارهم مجرد سؤالين بسيطين: هل يمكن ان يكون الحريق مدبرا؟ ولماذا كنيسة نوتردام بالذات؟

فرضية ان يكون الحريق مدبرا، خصوصا بعد الخبر الذي تسرب، ومفاده أن عجزا في التمويل أبطأ عمليات الترميم، ما دعا الى تدبير الحريق، بهدف استدرار عطف الاثرياء في فرنسا واوروبا والعالم، لجمع تبرعات ضخمة، ليس للكاتدرائية وحدها، فما جمع ولم يعلن عنه يفوق اضعاف اعادة بناء كاتدرائية نوتردام، والمستفيد حقيقة هو اللوبي الصهيوني المتنفّذ في فرنسا، ووجهته دعم الكيان الصهيوني، واستكمال صفقة القرن.

اما لماذا تحديد كنيسة نوتردام بالذات، فذلك لانها تحمل بعدا دينيا، ورمزا تاريخيا مسيحيا فرنسيا واوروبيا، باستطاعته افتكاك الاهتمام به، والحزن على ما اصابه، وتحريك الرغبة لدى الأغبياء، من أجل تقديم الاموال بسخاء لدعوى اعادة ترميمها.

وهنا ياتي احتمال تورط جهة فرنسية في تدبير الحريق، بالدقة التي حصل فيها، لاستبعاد اي شبهة كونه عمل اجرامي، والا لماذا تستبعد فرضية العمل التخريبي من الوهلة الاولى؟ ولماذا يظهر ماكرون بتلك السحنة الغير متاثرة تماما بحادث يعتبر في حد ذاته كارثة بالنسبة للفرنسيين؟

حسب مدعي عام باريس (ريمي هيتس)، صرح منذ بداية نشوب الحريق، ان الحادث عرضي، ولا شيء يشير الى انه متعمد، والنتائج النهائية للتحقيق، الذي أدرجوه تحت مادة من القانون الفرنسي: (إلحاق الأضرار بشكل غير متعمد.) ما يزيد من ترجيح أنه حريق مدبّر.

ورغم الفرضية التي ذكرتها اثمن مواقف الفرنسيين – باستثناء ماكرون – المتاثرة بما اصاب كنيستهم الاقدم في باريس، لافتا بذلك نظر المسلمين، الغارقين في غيبوبة تامة، عن معالمهم ورموزهم الدينية، التي ينتهك بعضها الصهاينة، كالمسجد الاقصى المعتدى عليه بالحرق والتدنيس، والمهدد بالانهيار بسبب الحفريات الجارية تحته، وينتهك بعضها الاخر  قوى تحالف العدوان السعودي في اليمن ودابة الارهاب الوهابي في سوريا والعراق، التي اطلقها الغرب ومنهم فرنسا، لتفتك بكل شيء يعترضها، فلم تسلم منهم حتى المساجد، فارسلوا لها شياطينهم تدمرها، وتحصد ارواح المسلمين فيها، بالحقد الذي حمله الصليبيون لنا في الاندلس، وفي حملاتهم التي شنّوها على فلسطين .

السيء والمعيب بل لعله يعتبر فضيحة عند ذوي الاحساس، أن يتبرع النظامان السعودي والاماراتي  بمئات ملايين الدولارات لترميم الكاتدرائية، ولا يحركون ساكنا لما تعانيه الشعوب الاسلامية، من مشاكل ومعضلات اقتصادية، تتهدد مستقبل جيل كامل من ابناء الأمة الاسلامية، وهدر تبذير اموال النفط والغاز وعوائد الحج، سياسة دأب عليها حكام الحجاز والامارات، بل ووظفوا قسما منها، في تدمير وحرق سوريا والعراق واليمن وليبيا.

السيء والمعيب ايضا، ان تصدر حركة النهضة بيانا بهذا الخصوص، تعبر فيه عن عميق اسفها لاحتراق نوتردام، ولا تلتفت لجرائم تحالف العدوان السعودي على الشعب اليمني، ولا لكارثة السيول التي اجتاحت مناطق من ايران والعراق، فهل يعني ذلك انخراط في منظومة التبعية لفرنسا والغرب، بكل أبعادها الاعلامية والسياسية والاقتصادية، أم هو مجرّد برتوكول، تقتضيه دبلوماسية الاحزاب المتسلقة، من أجل نيل الرضا والمباركة، في موقعية السلطة التي وصلت اليها بفضلهم، وطلب المزيد بهذا التقرّب التافه؟

لفت نظري كلمة الامام السيد علي الخامنئي، لدى استقباله المشاركين في المسابقة 36 لحفظ القران الكريم، والتي جاء فيها ما تعلق بالمقال، من تبعية اغلب حكام العرب لدول الغرب، رغم معرفتهم بحقيقة الغرب الاستعمارية والاستكبارية، ونواياهم الشيطانية المبيّتة تجاه بلادهم، فقد جاء فيها:

(إنّ الأمثلة على عدم العمل بالقرآن فيما بيننا، نحن الأمّة الإسلامية، ليست واحدة أو اثنتين، ومشكلاتنا ناجمة عن هذا الشيء، لنفترض على سبيل المثال، أنّ القرآن يقول عن أتباع الرسول: “أشِدّاءُ على الكُفّارِ رُحَماءُ بَينَهُم تَراهم رُكَّعًا سُجَّدًا يَبتَغونَ فَضلًا مِنَ اللهِ وَرِضوانًا”. بعضنا ينسى “أشداء على الكفار” ويدعها جانباً، مثل من؟ مثل هؤلاء الذين تحالفوا في البلدان الإسلامية مع أمريكا ومع الصهاينة، وداسوا على دماء الفلسطينيين بأقدامهم، وضيّعوا حقوقهم، هؤلاء نسوا “أشدّاء على الكفار” وصاروا خدماً للكفار، وتابعين لهم، ومنفّذين لأوامرهم، الكثير من زعماء الدول العربية الآن من هذا القبيل، هؤلاء فئة، والفئة الأخرى نسوا “رحماء بينهم”، وأوجدوا الخلافات بين المسلمين “وَال‍مُؤمِنونَ وَال‍مُؤمِناتُ بَعضُهُم أولِياء بَعض”.

عندما يأتي هؤلاء، ويكفّرون المؤمن بالله، والمؤمن بالقرآن، والمؤمن بالكعبة، والمؤمن بالقبلة ويقولون عنه إنّه كافر، فإنّهم – بذلك- ينسون “رحماء بينهم”، عندما لا يكون “التراحم بين المؤمنين” موجوداً، تنشب الحروب الداخلية في البلدان الإسلامية، ولكم أن تلاحظوا ما يحصل اليوم في سوريا، وفي اليمن، فمنذ أكثر من أربعة أعوام، واليمن يتعرّض للقصف، ومن الذي يقوم بالقصف؟ هل هو كافر؟ لا، إنّه مسلم، مسلم بالظاهر، لكنّه لا يرحم المسلمين، هذا هو معنى “الذين جعلوا القرآن عضين”. أي الذين يعملون ببعض القرآن؛ “أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض” ولا يعملون بالبعض الآخر.)

لذلك ترى هؤلاء الحكام يبادرون لتلبية دعوة اعدائهم، ولا يلتفتون الى اخوانهم، ولو باليسير من التعاون والبر، بما يدفعنا للقول، بأنهم أبعد ما يكونون عن الاسلام في ابسط أحكامه، بعد ظهور اعراض العمالة والتبعية بشكل فاضح، أشار الى بدخولهم في منعرج خطير من التآمر على البلدان الاسلامية، وفي مقدمتها ايران الاسلامية.

وبقدر ما تدفعنا هذه الحالة الى الأسى على ما وصل اليه حكامنا، تلزمنا ايضا على مقاومة اسبابها، وتجنيب شعوبنا نتائجها الكارثية العاجلة والآجلة، بالعمل على كشف عملاء الغرب وفضح اعمالهم، لتقول فيهم شعوبنا كلمتها.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023