عندما يبلغ جنون الغرب على إيران مداه…بقلم محمد الرصافي المقداد

عندما يبلغ جنون الغرب على إيران مداه…بقلم  محمد الرصافي المقداد

43 سنة وأمريكا والدول الأوروبية المتصهينة معها، يبذلون جهودهم من أجل اسقاط النظام الإسلامي في إيران، بعدما أعلن منذ أول نجاح ثورته، أنّه عدوّ للمنظومة الاستكبارية الغربية، بسبب جرائمها المتعددة بحق الشعوب المستضعفة، وأنّه معنيّ بقضية فلسطين وتحريرها من العدوّ الصهيوني، وقد وصلت أمريكا وحلفائها اليوم إلى طريق مسدود بعد كل الذي ارتكبوه، بلا أفق أظهر لهم بارقة أمل، في إمكانية نجاح مشروع واحد من مشاريعهم العدائية، التي أنفقوا عليها مئات مليارات الدولارات، دون أن تأتي بنتيجة تذكر، فمحصّل الواقع الإيراني الدّاخلي اليوم أعمال شغب شبّت هنا وهناك في مناطق محدودة، رافقتها اعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة، مما تسبب في وقوع ضحايا سقط فيها مدنيون وأمنيون، عمل الاعلام الغربي وتوابعه على تظخيم أحداثها ومضاعفة أعداد ضحاياها، دون أن يصل إلى نتيجة تأملها دوله.

كل ما وقفت وراءه أمريكا الغرب قديما من عمليات تحريض، تخللتها أعمال شغب وفوضى لم تسفر على شيء، كما هي الحال مع الإضطرابات الأخيرة، التي بذلوا فيها ما بذلوه من تأطير وإنفاق وتحريض ومتابعة، ومنتهى اليأس الى ما وصلوا إليه من نتيجة، دفعهم إلى الكذب مجدّدا، ونشر أخبار لا أساس لها من الصحة في الدّاخل الإيراني، وذلك مبلغهم من التمنّي لحدّ الآن.

من كان متابعا للشأن الإيراني على مدى العقود الأربعة الماضية، أمكن له أن يفكّ شيفرة التهافت الغربي عليها، متحالفا مع الأنظمة العربية الخليجية العميلة، ويدرك أن ما جرى بدعوى المطالبة بسفور النساء وتعرّيهن، وإطلاق حريتهن بعيدا عن القيم الإسلامية، ليس سوى محاولة جديدة يائسة وبائسة، من أجل زعزعة الأمن الداخلي وبث الفوضى في إيران، وأعتقد أن أمريكا ودول الغرب قد بلغوا من اليأس مبلغا، دفع بهم إلى لعب آخر أوراقهم في إيران.

أمريكا ودول الغرب سخّرت إمكانات أجهزتها السياسية والإعلامية ومخابراتها، من أجل الاضرار بإيران وتشويهها وتقديمها على أنّ الذي يحكمها، نظام متخلّف عن الديمقراطية المزيفة التي يدعو اليها معسكره، لذلك سخّرت مئات القنوات الفضائية الناطقة بالفارسية، للتاثير على المواطن الإيراني وتصديق ما تروجه تلك القنوات من أكاذيب عن نظامه، وفي هذا الصّدد، أوضح غريب آبادي، مساعد رئيس السلطة القضائية الإيرانية: “بسبب التدخل والتورط المباشر لأمريكا في أعمال الشغب الأخيرة، فإنه تقرر بأن ترفع دعوى قضائية في محكمة طهران لتحديد الخسائر الواردة وإصدار أحكام لازمة ضدها”. وأشار إلى “الدور المدمر لقناتي “إيران إنترنشنال” و”بي‌ بي‌ سي” الناطقتين باللغة الفارسية، في التوجيه والتحريض على أعمال الشغب، وتحث المتظاهرين على تدمير الممتلكات العامة والخاصة وكذلك تدريبهم على القيام بأعمال إرهابية”.”(1) وأشار آبادي إلى أن “المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية اللتين تستضيفان وتدعمان شبكات التلفزيون لن يتم تجاهلهما من قبل النظام القضائي للجمهورية الإسلامية”.(2)

هذا و(رفعت السفارة الإيرانية في لندن دعوى على وسائل الإعلام المناوئة الناطقة باللغة الفارسية في بريطانيا، إلى هيئة الإعلام البريطانية (آفكام )، وذلك لتشويهها الاحداث الأخيرة في إيران، ومن بين القنوات “بي بي سي الفارسية” و”إيران اينترنشنال” وقناة “من و تو” (أنا وأنت) بسبب نهجها التشويهي المتحيز، وتحريفها المغرض للأحداث الأخيرة في إيران، والدعوة إلى نشر العنف ضد منظمات المجتمع المدني. وطالب السفير هيئة الإعلام البريطانية بتنفيذ القانون بالنسبة لهذه القنوات الناطقة باللغة الفارسية(3)

وفيما تغرق زعيمتا الغرب في مستنقع الأحداث المفبركة في إيران، يحدوهما أمل في أن تأتي جهودهما المشينة أكُلَها، بتوحيد المعارضة الإيرانية المشرذمة على حدّ تعبيره(4)، تطفو على سطح الأحداث دول متورطة فيما جرى ويجري منذ أحداث 2009 إلى هذه الأحداث، كالمملكة المتحدة والسعودية، وفي حساب إيران دول أخرى آوت قنوات الفتنة الناطقة بالفارسية، سوف تحصد شر ما فعلته بالقانون الدّولي، ولن تمرّ جريمة بحق شعب حرّ بدون عقاب.

وفي هذا المجال يجب علينا أن نقول كلمة حق بشأن إيران، فهي ليست مستهدفة دون سبب، فقد كانت من قبل في عهد الشّاه، تنعم بالاحترام والتقدير والتبجيل في الخارج، لأن من يحكمها دكتاتور وعميل لأمريكا وبريطانيا والصهاينة، منفّذا لأهدافهم في المنطقة دون حرج منه، ولما تغيّر الوضع، وأصبحت إيران نظاما إسلاميا عتيدا، نشأ بعد ثورة إسلامية كبرى، انجز انتصارها الشعب وفيّ محب لدينه، تحت قيادة فقيه عالم جليل إسمه الخميني، جاء بنظام إسلامي من صميم كتاب الله وسنة رسوله (ص)، طرحه للإستفتاء على الشعب، فكان النتيجة صاعقة للغرب، مقِضّةً مضاجع ساسته المعادين للإسلام 98.2%(5)، منهية حقبة التغريب الثقافي التي انتهجها الشاه قبل اسقاطه، لذلك بادرت أمريكا وبريطانيا إلى عرقلة مسيرة نظام وليّ الفقيه الناجحة.

القلقون على النظام الإسلامي في إيران، خصوصا أولئك الذين لم يحسنوا قراءة حقيقته بناء وأهدافا، وصلته الوثيقة بالوعد الإلهي في هذا الزمان، أقول لهم كيف تقلقوا على ركيزة أساسية أرادها الله، للتمهيد لظهور صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه، وأذكّرهم: أليست قيادة وجماهير الولاية هي المقصودة من قوله تعالى : (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم)(6) وكيف ترتابون وتحيّركم أحداث، وهي من علامات ابتلاء المؤمنين، ما يجب أن تتأكدوا منه أنّ النظام الإسلامي في إيران هو بعين الله وحفظه ورعايته، لن ينال منه اعداؤه مهما كبُرَ معسكر إفكهم وحشدوا فيه ما حشدوا من عملائهم داخل إيران وخارجها، ومهما فتنّنوا في حبك مؤامراتهم فلن تكون نهاية المطاف الا في صالح هذا النظام وسيفرض منطقه الإسلامي بما سيمليه الحال سلما أو حربا، ومن انتصر على قوى الاستكبار أولا سينتصر عليه في الجولة الأخيرة.

المصادر

1 – إيران ترفع دعوى قضائية ضد الولايات المتحدة

https://arabic.rt.com/world/1401216-

2 – إيران تقاضي أمريكا بسبب الإحتجاجات.. وتحذر الرياض ولندن

https://arabi21.com/story/1469721/

3 – ايران تشكو من القنوات المناوئة الناطقة باللغة الفارسية

https://arabic.iranpress.com/iran_politics-i136588-

4 – مظاهرات إيران: المعارضة المشرذمة تبدأ التوحد دعماً لحركة الاحتجاج – الإندبندت

https://www.bbc.com/arabic/inthepress-63369068

5 – الدستور الإيراني

https://ar.mfa.ir/portal/viewpage/3984

6 – سورة المحمد الآية 38/سنن الترمذي أبواب تفاسير القرآن سورة محمد ج5ص303ح3260

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023