عندما يصبح دفاع الشعب اليمني عن نفسه عملا إرهابيا!!؟…بقلم محمد الرصافي المقداد

عندما يصبح دفاع الشعب اليمني عن نفسه عملا إرهابيا!!؟…بقلم محمد الرصافي المقداد

بينما يكافح الشعب اليمني من أجل استكمال مساره الثوري، ويعمل على صدّ عدوان تحالف عربي، جاء لينفّذ أجندة أمريكية صهيونية، من أجل السيطرة على منفذ باب المندب التجاري والاستراتيجي، تصطف حكومتنا الى جانب النظام السعودي، في عدوانه على اليمن، أرضا وشعبا، وتتحفنا بإساءة متكررة تعيد الى اذهان شعبنا، تاريخا عقيما لسياسة ما قبل 2011 ، فما الذي جنته هذه السياسة سابقا، وما الذي ستجنيه لاحقا؟

 لا شيء ادّعى من إظهار الحق سوى قوله وتبنيه، والإصداح به على الملأ انتصارا له، في زمن أصبح فيه قوله متاحا لمن عانق حجته، وواجب على من أخذ بناصيته، أن يظهره من باب واجب أداء الحق لله أولا، ولرسوله (ص) ثانيا، وللناس مراعاة لحقوقهم من بعد ذلك ثالثا وأخيرا، غير مهتمّ بمن صموا آذانهم، ومنعوها من التقاط  الكلم الطيب وتبنّيه، والحقّ أحقّ ان يتّبع.

قضية الشعب اليمني لا تزال تلقي بظلال أحداثها على أهلها – وأقصد بهم العرب بكافة دولهم- فلم نسمع منهم باعلامهم الرخيص المتذيّل سوى ادعاءات مبتذلة بعيدة عن نقل حقيقة ما يجري على ارضه من عدوان، بدأ بذريعة اعادة الشرعية اليه، فكانت عاصفة الحزم الفاشلة – بقيادة النظام السعودي – والتي حُسِبَ لها أن تنتهي في بضعة أسابيع  فيعيد عميله – وعميل الغرب والصهيونية طبعا – عبد ربه منصور هادي الى الحكم بعد أن رفضه الشعب اليمني من شماله الى جنوبه، ولم يعد له مكان هناك، فالتجأ فارّا بجلده من حساب وعقاب الشعب اليمني، الى حيث يعيش عادة خونة أوطانهم، وعملاء القوى المعادية للشعوب.

وعندما تكون الثورات العربية موجّهة ومنتقاة، فهي جائزة ومقبولة لشعوب بعينها دون أخرى، بل إنها غير ممكنة الحدوث وممنوعة، في البلدان الأكثر حاجة وضرورة لتغيير أنظمتها الموغلة في ظلم شعوبها، والمتخلّفة في نمط حكمها، ولا يخفى أن هذا الاستثناء من أَسْفَهِ ما ظهر به الربيع العربي، وبرهن لمن يعي ويعقلُ، أن تلك الثورات مفبركة وموجّهة نحو دول بعينها، يراد لها أن تكون مادّة دسمة، لصياغة شرق وغرب عربي جديد، يكون في خدمة مشاريع الغرب والصهيونية، وبأيدي شعوبها، وتحت مظلة الثورة المفبركة.

في هذا الإطار ما فتئت حكومة الثورة التونسية، تتحفنا في كل مرّة، بما يناقض الثورة، ويختلف مع مبادئها، التي لم تراعى وتحترم إلى اليوم، داخليا وخارجيا، سوى في احتفالات شكلية بلا روح، وختمت هذه السنة بتجاوزها، تعذُّرا بجائحة كورونا، للدلالة على رخصها حكوميا وشعبيا، وإنّه لمن المُهين أيضا أن ينخرط حزب حركة النهضة في الاصطفاف الى جانب رجعيّة التحالف العربي ضد إرادة الشعب اليمني، وعوض أن تندد ب العدوان على الشعب اليمني وأرضه ومكتسباته، تقوم بإصدار بيانات استنكار بقصف صاروخي، ردّا مشروعا على العدوان الوحشي اليوميّ، الذي يتعرض لها الشعب اليمني منذ ما يقارب من سبع سنوات(1).

البيان صدر ونشر على الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية، جاء كما يلي: 

إثر تواتر العمليات الإرهابية التي تستهدف المنشآت المدنية بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، تدين تونس بشدة هذه الاعتداءات الخطيرة التي تنتهك سيادة المملكة والمخالفة للقانون الدولي.

وإن تونس المتمسكة بوحدة الصف العربي في مواجهة التحديات التي تواجهها الأمة العربية والاسلامية، لتجدد الإعراب عن تضامنها الكامل مع المملكة العربية السعودية الشقيقة ووقوفها الدائم إلى جانبها في الذود عن مصالحها. كما تؤكد تونس دعمها المتواصل للمملكة العربية السعودية في مجابهة مثل هذه الأعمال العدائية التي تشكل تهديدا خطيرا لأمن هذا البلد الشقيق واستقرار كامل المنطقة (2).

بيان غير مسؤول من حكومتنا، مناصر لقوى تحالف الشّر العربي – وتحديدا النظام السعودي – على الشعب اليمني، الذي عانى من عدوانه ولا يزال الى اليوم تحت وطأته، لكنه اليوم يختلف عن بدايته، ذلك أن الجيش اليمني الوطني وقواه الشعبية، أصبحت لديهما القدرة على صدّ العدوان عديم الدين والانسانية، والرّدّ عليه بالمثل، بل إن عزيمة رجال اليمن أثمرت وسائل ردّ مناسبة تزداد تطوّرا وقوة، لإرغام المعتدين على الانطواء على شرورهم، والكفّ عن نزعة العدوان الممارسة بحق الشعب اليمني المظلوم، والتي تليق فقط بالعملاء وعديمي الضمير، ذلك الدّفاع المشروع عن النفس معدود بنظر وزارة خارجيتنا أعمالا ارهابية، فبئس المنطق الذي أعلنته، الذي لا التاريخ ولا الشعب اليمني سيغفر لأصحابه.

وليست هذه المرّة الأولى التي تصدر فيه حكومتنا بيان استنكار بشأن اليمن، مخالف لحقيقة من يجري على أرضه، من انتهاكات جسيمة بحق شعبه الشقيق، شكلت في مجموعها جرائم حرب، يعاقب عليها القانون الدولي، دون تناول القضية من جانبها الاسلامي، لأن الانظمة العربية لم يبقى لهم من الاسلام سوى عنوان الانتماء والتاريخ المزور في كثير من صفحاته، وتزوير الحقائق التي نراها اليوم بشأن قضايا كثيرة، هي نماذج ماثلة أمام أعيننا عمّا زوّره الكتّاب والمؤرخون المأجورين.

وأتساءل هنا عمّن سمح بإصدار بيان التنديد، أهو رئيس الحكومة أم رئيس الجمهورية؟ وما مصلحة تونس من الاصطفاف وراء السعودية؟ وهذا يدفعنا الى الاستفسار عن افراد جيشنا الذين قيل لنا انهم ذهبوا في مهام لدى النظام السعودي، أهي نفس المهام التي أرسلت من أجلها السودان جانبا من قواتها لمؤازرة قوى التحالف برّا؟ ومتى تلتفت حكومتنا الى أنّ الباطل لا يمكن أن يعلو على الحقّ، مهما تحالف له أهله، وحشدوا ما حشدوا في سبيله، وأنّ هذا الحقّ سيظهر يوما ما ويسطع نجمه فلا يخفى ظهوره على أحد، فأين نضع أنفسنا عند ذلك الحين، مع باطل التحالف العربي الذي تقوده السعودية وستفشل فيه آجلا أم عاجلا، ناهيك أن أمريكا في بداية عهد رئيسها الجديد، أعلنت وقف امداد الأسلحة لرأس أفعى هذا العدوان الظالم، ودعت الى ضرورة وقف الحرب، مع أنها الآمر والراعي والمحرّض عليها، فهل الادارة الامريكية أصبحت أكثر انسانية من حكوماتنا، البيّاعة لحقوق الشعوب العربية، بأبخس الاثمان وبالأوهام احيانا؟

أيكون الإعتذار للحكومة اليمنية المقاومة، بعد صدّ العدوان عن أرضها نهائيا مقبولا حينها؟ وكيف ستكون العلاقة السياسية بين حكومتنا والحكومة اليمنية، وقد سجّلت مواقفها المعادية بلا أدنى احتراز، منقادة إلى فخ الدعاية الكاذبة بشأن اليمن؟

 

المراجع

1 – بعد 2000 يوم من بدء العدوان على اليمن.. عبد الملك الحوثي والذين معه.. 26

https://www.almasirah.net/post/167102/

2 – الخارجية التونسية: ندين وبشدّة الإعتداءات الخطيرة على السعودية

https://arabic.sputniknews.com/arab_world/202102131048101426-

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023