عودة درعا الى حضن الوطن السوري…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

عودة درعا الى حضن الوطن السوري…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

وأخيرا وبعد أكثر مما يقرب من ثلاث سنوات من المفاوضات والاتفاق ونقض الاتفاق من قبل المجموعات المسلحة والإرهابيين اللذين أرادوا ان يأخذوا من درعا وأهلها رهينة ويتصرفون بالأوامر التي تمليها عليهم الولايات المتحدة والسعودية على وجه التحدي الى جانب بعض الدول الأخرى التي لا تريد لسوريا ان تتعافى, ها هي تعود الى حضن الوطن بعد ان تم تسليم السلاح وتسوية أوضاع ما يقرب من 1000 مسلح في المنطقة وترافق هذا مع انتشار الجيش السوري في درعا البلد وباشرت السلطات السورية في إعادة تأهيل المنطقة لعودة سكانها.

ومما لا شك فيه ان هذه الخطوة لم تأتي من فراغ ويجب النظر اليها من خلال الظروف الإقليمية والدولية فهنالك ترابط عضوي لهذه الاحداث لان كل منها يؤثر ويتأثر سلبا أو إيجابا ببعضها البعض. التسوية تزامنتوتمت في مناخ إقليمي يتجه الى تهدئة الأوضاع وإضفاء نوع من حالة الاستقرار النسبي وتراجع واضح للولايات المتحدة في المنطقة يعود من ناحية الى خساراتها في أفغانستان والى حد كبير في العراق ومن ناحية أخرى الى فشل الضغوطات وسياسة العقوبات القصوى التي فرضت على كل من إيران وسوريا ولبنان على وجه التحديد وانتهاج سياسة التحدي والتصدي لهذه العقوبات والغطرسة الامريكية وتحقيق نجاحات بهذا الشأن والذي تمثل بإيصال شحنات من المحروقات والأغذية المحملة على ناقلات إيرانية الى الموانىء السورية في تحدي واضح للعقوبات المفروضة عليها من جانب واحد من قبل الإدارة الامريكية. هذا الى جانب توجه ناقلة/ناقلات للنفط الى لبنان المحاصر وبالتحدي “لقانون قيصر” ومحاصرة لبنان. والى جانب ذلك الاتفاق على إيصال الغاز والكهرباء الى لبنان من الأردن ومصر الى لبنان عن طريق سوريا بعد ان استسلمت أمريكا وأجازت رفع الحظر ولو جزئيا عن لبنان وليس الجائز أو الممكن السماح بتهديد مثل هذا الخط الممول جزئيا من صندوق النقد الدولي التي تهيمن عليه الولايات المتحدة.

ومن الواضح ان قراءة المشهد السياسي يؤكد على ان المسلحين في درعا قد وصلتهم الرسالة أن الغطاء الإقليمي والدولي الذي قدم لهم كل الدعم العسكري والسياسي قد بات من الصعب الحفاظ عليه وان هنالك نية واضحة برفع هذا الغطاء عاجلا أم آجلا وذلك نظرا لتوصل هذه الأطراف المتآمرة على سوريا ان حلمها بالإطاحة بالدولة السورية على غرار ما حصل في ليبيا أصبح ضربا من المستحيل. وبالتالي لم يكن هنالك مفر من الاستسلام بما يحفظ ماء الوجه وتسوية الأوضاع مع الدولة السورية لان الخيار الاخر هو خيار القتال مع الجيش السوري الذي ارسل وحدات قتالية لاقتحام البلدة وتطهيرها من المسلحين والإرهابيين لان الصبر الاستراتيجي والوساطة الروسية قد نفذت ولم يعدممكنا الصبر اكثر من ذلك وخاصة على تهديد خط درعا الاقتصادي الحيوي مع الأردن وتأثيره على الاقتصاد السوري التي تحاول الولايات المتحدة خنقه لإطالة الحرب وعدم الاستقرار والنهوض من تحت الركام وإعادة الاعمار لمنطقة استراتيجية وحيوية لسوريا.

كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023