فضيحة الأعراب في اليمن

بقلم: محمد بن عمر |
هي فضيحة بأتم معنى الكلمة، فضيحة لمن فقد الحياء والشهامة والكرامة، ومن أسقط بقية القيم الأخلاقية التي تمسكه من الانزلاق في شعبة الدناءة السحيقة، وتؤدي بمن تردى فيها الى الخزي والبراءة منه في الدنيا، والعذاب الاليم الذي ينتظره في الاخرة..
فضيحة سقوط النظام الرسمي العربي، وذهاب ماء وجهه القبيح الملآن بدماميل العمالة الظاهرة، والولاء الغير معلن للغرب، فكل ما رأينه بالأمس، ابتدأ من اول امر منزلق التطبيع مع الكيان الصهيوني، رويدا رويدا، ونراه اليوم من نهاية السقوط في هاوية الذل والعار، والارتهان الى الأعداء، كان ولا يزال مخططا غربيا صهيونيا يسعى الى طي صفحة مقاومته وأمجادها، ويفرض بمختلف السبل، منطق وواقع الاذعان له، واتباع سبله الشيطانية. 
ولو ان قوما اجتمعوا على احصاء فضائح انظمة العرب، منذ أن خرجوا من مذلّة استعمار الغرب، الى مهانة استحماره لهم، لما امكن ان يجمعوها على كثرتها، فهي عار فوق عار، يندى له جبين كل عربي حر، ويتبرأ منها كل إنسان شريف.
أعود الى فلتة زمانه، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وفضيحته التي صرح بها دون أدنى حياء، حين برر عدوان نظامه على اليمن، بانه جاء من اجل ان لا يتحول انصار الله، الى قوة عسكرية كحزب الله، فقال:
(سنمضي إلى أن نتأكد أن شيئا على غرار “حزب الله” لن يحصل هناك مجددا، لأن اليمن أشد خطورة من لبنان. إنه يطل على باب المندب، فإذا حصل شيء هناك، سيعني ذلك توقف 10 بالمئة من تجارة العالم، هذه هي الأزمة).
تعابير تبدو متطابقة تماما مع الكيان الصهيوني، الذي يعتبر حزب الله عدوا لدودا له، يعمل على انهاء وجوده، بكل وسائل المقاومة، وانصار الله في اليمن، نموذج اخر لحزب الله، في براءته من قوى الشرك والاستكبار والنفاق، شعارا معلنا، واستراتيجية واضحة المعالم، منذ نشأ على ايدي رجال الله هناك .
التوافق في السياسة السعودية الصهيونية، ليس جديدا، لان الاساس الذي جمعهما واحد، وهي بريطانيا، التي اوجدت هاذين الكيانين المتطرّفين، من اجل منع قيام اي مشروع، من شانه ان يعيد للإسلام روحه في جسد الامة، المتلاعب به شرقا وغربا، وهكذا شاءت عجوز الاستعمار الغربي.
كلام لا اساس له، في واقع الاحداث الجارية على ارض اليمن، باعتبار ان العدوان الذي استهدف الشعب اليمني، كان بإيعاز أمريكي صهيوني، ارادا من خلاله، عبر وكلائهم وعملائهم في الخليج، اجهاض الثورة اليمنية – التي انتصرت في 11/2/2011 – وارغام الشعب اليمني على التخلي عن أهدافه التي أعلنها، وسعى الى تحقيقها، جاء في بدايته بذريعة استعادة الشرعية، وفرض منصور هادي الرئيس المؤقت، المنتهية ولايته، على رأس شعب، عرف منذ القدم، بانه عصي وأبي، ويرفض كافة اشكال الامتهان والاذلال، عاش عزيزا، وسيبقى على ما جبل عليه، مهما تكالبت عليه ذؤبان الصهيونية والاستكبار، من اعراب الخليج وعلوج العمالة.
ولم يكن اليمنيون اهل غدر وعدوان، حتى يخشى ولي العهد السعودي، على ممر باب المندب البحري للتجارة العالمية، من ان يقطعه انصار الله وحلفاؤهم، حتى يعود اليوم لينقض مبرر عدوانه الاول، ما يدفعني للقول، بان تغيير الذرائع مرده، فشل التحالف الذي تقوده السعودية، بعنوانه الاول، ومحاولة تغيير اليافطة الى عنوانها الثاني، استدراج لدول اخرى، من أجل دعم العدوان، طالما ان النظام السعودي يحارب، من اجل سلامة مرور تجارتهم من ذلك المضيق الاستراتيجي.
محاولة سعودية يائسة، للظهور بمظهر المنقذ للوضع اليمني، بينما هي بيت الداء فيه، وسط تعالي اصوات عالمية، منددة بالعدوان الهمجي، ومستدلة بالأرقام، على نتائجه الكارثية على المدنيين خاصة، فوباء الكوليرا وأوبئة أخرى لا تزال يعصف باهل اليمن، وتستدعي وقفة عالمية حازمة، من اجل مكافحته، في ظل خروج ثلاثة ارباع المرافق الصحية في اليمن، من جراء القصف العشوائي، وبمختلف انواع الاسلحة المحرمة دوليا، وقد اطل شبح المجاعة على أهله، وهم أهل الجود والنجدة والكرم، في ظل تواطئ وصمت عربي ودوليّ مدانين.
النظام السعودي بدا متوافقا الى أبعد حد مع الكيان الصهيوني، بلغ حد التناغم ووحدة الهدف، فيما يخص همومهما المشتركة، فباب المندب الذي يتوجس منه الكيان الغاصب للقدس خيفة، في حال نجاح الثورة اليمنية في استكمال تحقيق اهدافها، يعيق مساعي النظام السعودي، في التقدم بمشروعه التطبيعي مع الكيان الصهيوني، اقتصاديا بإزالة عائق، سيمنع بواخر التجارة الخارجة من ميناء ايلات والذاهبة اليه، من شق طريقها الملاحي عبر باب المندب، في صورة تمكن انصار الله من قيادة اليمن ما بعد الثورة، باعتبارهم يحملون بدورهم مشروع مقاومة هذا العدو الغاصب، وهو ما يعمل النظام السعودي جاهدا على ازالته من طريق تطبيعه. 
مهما كانت خطط أمريكا ولقيطها الكيان الصهيوني بشأن اليمن، ومهما جمعا من أجل تنفيذها من حثالة الاعراب، فإن ارادة الشعب اليمني بدت لحد الآن، الأقوى والأقدر على الصمود أمام عدوانها، والانتقال من حال الدفاع، الى المبادرة بالهجوم، وتغيير المعادلة الحاصلة بالتفوق الجوي للعدوان، وتحقيق الانتصار على حملته الباغية الظالمة، رغم الحصار وقلة العتاد والزاد، فوراء ذلك رجال صدقوا فوفّوا، وأخلصوا نياتهم لله، فكان الله معهم ببراهينه وآياته، ورايات نصره لاحت في الأفق، على أيد لم تر في توجّهها غير الله وحده.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023