في الإنتخابات التونسية شروط ضرورية لمنافسة الصناعة الأجنبية…بقلم صلاح المصري

في الإنتخابات التونسية شروط ضرورية لمنافسة الصناعة الأجنبية…بقلم صلاح المصري

يتذكر التونسيون ان نتائج انتخابات 2014 في الرئاسية والتشريعية تم ضبطها في اللقاء التاريخي بين الباجي والغنوشي شهر أوت 2013 في عاصمة المحتل الفرنسي باريس،  وتركت التفاصيل والهامش الشكلي للتونسيين.

واليوم نحن في نفس السياق السياسي حيث يتقدم مرشحون يشكلون امتدادا لمشهد 2014 مع تغييرات شكلية مرتبطة أساسا بغياب ممثل رسمي لشريك الغنوشي.

فالانتخابات التونسية التي ربطت الرئاسية بالتشريعية ووضعت العملية السياسية أمام صفقة مثلثة الأضلاع ( باردو والقصبة وقرطاج) مازالت خاضعة في نتائجها النهائية للمسار الاستعماري.

ما هي شروط الثورة على التصنيع الأجنبي للمصير التونسي على مستوى الانتخابات ومنها على مستوى الثروات ؟

-1-ان معركة السيادة الوطنية ومقاومة الفساد ومقاومة العدوان الأجنبي المستمر يجب أن تخاض بشكل مستمر ولا يمكن مطلقا أن ترتبط بمرحلة الحملة الإنتخابية. حيث سمعنا الكثير من الجمل السياسية الجميلة والرؤى الوطنية في مقاومة الهيمنة ولكن عندما نعود إلى أداء هؤلاء المرشحين خلال السنوات الخمس الماضية فإننا نجده ضعيفا ولا يرقى إلى مستوى المقاومة الحقيقية الجدية والتي تدرك فعلا خطورة المعركة وجدية العدو في بذل جميع الجهود من أجل ضمان استمرار الهيمنة واني أسوق مثالا اقول فيه ان زيارات المقيم العام الفرنسي إلى الجهات والمناطق التونسية اكثر من حركة بعض مرشحي الرئاسية.

-2-ان قوى الهيمنة والإمبريالية تعتمد وسائل متنوعة في صناعة الهيمنة أساسها المال، عملاق الإعلام، صناعة التشتت، النفوذ القديم في الدولة العميقة، أجهزة الاستخبارات المتعددة.

والسؤال الذي يجب أن يجيب عليه كل مرشح صادق في مواجهة هذه الآلة الضخمة: ماهي وسائل المواجهة الجدية التي تعتمدها؟ وماهي الخطة التي تعتمدها لإسقاط هذا العدوان؟ واذا لم تكن هناك أجوبة جدية وخطط واقعية ونفس نضالي مستمر فإنه سيكون هؤلاء المرشحين الذين يرفعون راية السيادة الوطنية ومقاومة الفساد ومقاومة الهيمنة والإمبريالية، سيصبح هؤلاء جميعا جزءا من الديكور الديمقراطي. وهذه النتيجة كارثة معنوية وانتصار استثنائي للعدوان.

3– ستمر الانتخابات الثالثة، 2019،  الرئاسية والتشريعية والمرجح أن تكون النتائج شبيهة بالتجارب السابقة، ولكن هناك مؤشرات ايجابية تؤكد أن المقاومة ممكن واقعي والانتصار في متناول القوى الوطنية،  وهو ما يطرح ضرورة التفكير الجدي منذ اللحظة في الحلول الممكنة لمواجهة قادمة وحتمية ضد العدوان.

4– المقاومة ممكنة،   لقد وجد المرشحون المناهضون للهيمنة الكثير من الدعم ولعلهم تفاجؤوا بذلك، ولم يقاطع التونسيون الحملات الانتخابية وشهدت المناظرات الرئاسية اهتماما واسعا، ولاحظ الجميع ان التونسي يريد ممارسة حقه في الاختيار الحر والمسؤول رغم حجم الأموال الهائلة التي تم إنفاقها والاشهارات والخطط التضليلية وبلغ الامر محاولة العبث بالمناظرة الرئاسية،  على القوى الوطنية ان تشكر الشعب التونسي على بقائه في ميدان المواجهة وعلى أن حضوره يحملهم مسؤولية وطنية حقيقية ويوجب علينا جميعا أن نجد الحلول لأن قدر المقاومة هو الإنتصار وقدر العدوان هو الهزيمة. ويكفي أن ندرك أن واجبنا هو تحسين ظروف الاختيار الحر للشعب التونسي.

-5–ما هي الشروط الضرورية لتحسين ظروف الاختيار الحر والمسؤول؟ هذا هو البرنامج الوطني النضالي المقاوم الذي يتوجب علينا جميعا التفكير فيه بأقصى درجات الجدية.

وهو يعتمد على بديهيات وتجربة. دستوريا وشكليا الشعب التونسي حر ويمارس حقه في الانتخاب، والشعب التونسي يبحث فعلا عن قيادة وطنية شعبية قوية وقادرة على تحقيق مطالبه الشرعية في السيادة الوطنية والتنمية العادلة وفي مقاومة الفساد.

و يمكننا أن نصوغ بعض المقترحات التي نراها بديهية ولكن للأسف الشديد لم يتم احترامها في هذه المواجهة الكبرى والتي تحمل ابعادا دولية وإقليمية :

–اولا : التشتت بين مرشحين وأحزاب ينتمون إلى نفس الخط التضالي يعتبر جريمة وخيانة للشهداء وللشعب التونسي،

و هذا الهدف استراتيجي لما في توحيد الجهود من رسالة قوية معنوية ومادية الى الشعب، ينتظر المواطنون ان يروا قيادات وطنية مستعدة لتقديم جميع التضحيات والتي تبدأ من صناعة المشترك الوطني والإدارة النضالية للاختلافات، واذا اعتبر بعضنا أن عملية توحيد الخط الوطني السيادي إنما هي حلم ثوري لا يمكن تفعيله، فذلك انكار لديناميات التاريخ واستعداد نفسي لمزيد الهزائم، وعجز مطلق عن الاستجابة لارادة الشعب التونسي،

أن مقاومة التشتت الحزبي والنضالي وبذل أقصى الجهود لأجل التوحيد ستحقق حتما نتائجها لأن ذلك سنة التاريخ ” وآتاكم من كل ما سألتموه وان تعدوا نعمة ألله لا تحصوها” فلا يضيع مطلب وراءه طالب.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023