في الذكرى الـ103 لثورة اكتوبر الإشتراكية العظمى في روسيا: لا بديل عن الإطاحة بالرأسمالية

في الذكرى الـ103 لثورة اكتوبر الإشتراكية العظمى في روسيا: لا بديل عن الإطاحة بالرأسمالية

بقلم محمد النوباني |

في مثل هذا اليوم من عام 1917 الموافق للسابع من تشرين الثاني نوفمبر عام 1917-25 أكتوبر حسب تقويم غريغوري القديم – اسقط عمال وكادحو روسيا بقيادة الحزب الشيوعي وزعيمه التاريخي فلاديمير أيليتش لينين النظام القيصري الاستبدادي الذي كانت روسيا في عهده سجنا كبيرا للشعوب، وأقاموا على أنقاضه اول دولة اشتراكية للعمال والفلاحين في التاريخ هي الإتحاد السوفياتي ألسابق.

ولا اريد في هذه المقالة ان اسهب في الحديث عن الانجازات الهائلة التي حققتها تلك الثورة لصالح عمال وفلاحي وكادحي روسيا  وشعوب الاتحاد السوفييتي السابق فذلك بحاجة إلى عشرات المقالات بل إلى مجلدات ولكن وعلى عجالة يمكنني القول انه بفضلها تحولت روسيا ومن ثم الاتحاد السوفياتي من دولة رأسمالية ضعيفة التطور الى دولة اشتراكية عملاقة كان حجم اقتصادها في الايام  اكبر من حجم الاقتصاد الامريكي وتفوقت على الولايات المتحدة في مجالات شتى منها إمتلاك السلاح الهيدروجيني وتكنولوجيا الاقمار الصناعية وإمتلاك القنبلة الهيدروجينية وغزو الفضاء الكوني.

كما يحب ان لا ننسى للحظة واحدة أنه لولا شعوب  الإتحاد السوفياتي السابق والجيش الاحمر السوفياتي اللذان كان لهما الدور الحاسم  في هزيمة النازية الالمانية والعسكرية اليابانية في الحرب العالمية الثانية لكان هتلر قد سيطر على العالم واستعبد شعوبه مرة وإلى الأبد.

كما يهمنا ان نشير، ونحن نكتب عن هذه الثورة العظيمة ووليدها الاتحاد السوفياتي السابق الذي اطاحت في الأساس مؤامرة خارجية تمثلت بتمكن المخابرات المركزية الامريكية من تجنيد آخر أمين عام للحزب الشيوعي ورئيس سوفياتي وهو ميخائيل جورباتشوف  إلى أن تفكك وانهارت تلك الدولة العظيمة وما نجم عنه من انهيار صيغة العالم ثنائي القطبية الذي تبلور على ضوء  نتائج الحرب العالمية الثانية وقيام عالم القطب الامريكي الواحد، قد الحق اضرارا فادحة بشعوب العالم المناضلة ضد الامبريالية والصهيونية وفي مقدمها  الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الشقيقة.

فقد خسرنا بإنهيار الإتحاد السوفياتي البلد الذي فضح منذ الايام الآولى  لإنتصار ثورته عام 1917 إتفاقية سايكس-بيكو بين فرنسا وبريطانيا لإقتسام الوطن العربي وقدم لمصر عبد الناصر وللبلدان العربية المستقلة مساعدات إقتصادية وعسكرية نزيهة لا تقدر بثمن مكنتها من تحسين إقتصادها وتعزيز استقلالها السياسي والإقتصادي   ومنع امريكا والغرب الاستعماري من الانفراد بنا وتصفية قضايانا لمصلحة اسرائيل والمشروع الصهيوني .ردحا طويلا من الزمن.

واذا ما تحدثنا عن ابرز محطات تأييد الإتحاد السوفياتي لقضايانا العادلة يمكننا الاشارة بعجالة الى أنه عارض وعد بلفور المشؤوم والانتداب البريطاني على فلسطين وكذا الهجرة اليهودية وايد نضال الشعوب العربية للتحرر من السيطرة الاستعمارية وساند بلا هوادة الثورات العربية ضد الاستعمار وفي سبيل التحرر الوطني والاجتماعي.

وطالما نحن بصدد الحديث عن ثورة اكتوبر الإشتراكية العظمى لا بد من الاشارة الى الدور الكبير ألذي لعبه وليدها الاتحاد السوفياتي السابق في لجم ووقف العدوان الثلاثي البريطاني- الفرنسي- الأسرائيلي على مصر عام 1956 حيث اجبر، التهديد السوفياتي بضرب لندن وباريس وتل ابيب بالسلاح الذري والذي دخل التاريخ بإسم “إنذار بولغانين” الاطراف المعتدية على وقف عدوانها والإنسحاب فوراً بدون قيد او شرط .

وبعد ذلك  فقد تواصل الدعم السياسي والعسكري السوفياتي لمصر وتمثلت ابرز محطاته باعادة بناء وتسليح الجيش المصري بعد هزيمة الخامس من حزيران عام 1967 الامر الذي مكن  الجيشين المصري والسوري من خوض حرب أكتوبر عام 1973 التي حولتها خيانة السادات من حرب تحريرية الى حرب تحريكية مما افرغها من مضمونها وحولها من نصر مؤزر محقق الى هزيمة استراتيجية مدوية..

ومن نافلة القول ايضا ان الاتحاد السوفياتي السابق ساند نضال منظمة التحرير والثورة الفلسطينية المعاصرة ووفر لها الدعم السياسي والعسكري منذ ان اصطحب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الراحل ياسر عرفات في زيارته الشهيرة  الى موسكو عام 1969.

عود على بدء فان الامانة التاريخية تتطلب منا الإعتراف  بان الاتحاد السوفياتي السابق ووريثة الاتحاد الروسي لم ينتهجا يوما سياسة مناوئة لقضايانا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية كما لم يتورط لا في الماضي ولا في الحاضر في سفك الدم العربي كما فعلت امريكا وبريطانيا وفرنسا، ولذلك فأن الاخلاص للمصالح القومية العربية تتطلب منا التحالف مع روسيا الصديقة ومناصبة كل من يعاديها ويعادينا العداء من باب المصالح المشتركة .

في الختام صحيح ان إنهيار وتفكك الإتحاد السوفياتي وما كان يعرف ببلدان المنظومة الاشتراكية السابقة  قد وجه ضربة معنوية كبيرة للفكر الإشتراكي العلمي بشكل خاص ولافكار العدالة الإجتماعية بشكل  عام، إلا أن نهوض هذا الفكر مجدداً وتحوله إلى قوة مادية تطيح في طريقها بالراسمالية المتوحشة يبقى حتمية تاريخية.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023