في الذكرى الـ68 لثورة 23 تموز يوليو الخالدة: جمال عبد الناصر بنى مصر الحديثة والسادات ومن خلفه اعادوها الى الوراء عشرات السنين

في الذكرى الـ68 لثورة 23 تموز يوليو الخالدة: جمال عبد الناصر بنى مصر الحديثة والسادات ومن خلفه اعادوها الى الوراء عشرات السنين

صحيح ان أنور السادات ألذي اصبح رئيسا لمصر بعد الرحيل المفاجئ للزعيم ألخالد جمال عبد الناصر في 28/09/1970  كان عضواً في مجلس قيادة ثورة 23 تموز يوليو الخالدة التي أطاحت بنظام الملك فاروق في مثل هذا اليوم من عام 1952 وأقامت النظام الجمهوري في أرض الكنانة.
ولكن هناك ثلاث حقائق تاريخية مهمة ينبغي معرفتها وتعريف الأجيال الجديدة بها لكي لا يعتقدن احد أن السادات كان نظيفاً ومخلصاً وزار القدس وعقد اتفاقات كامب دبفيد لخدمة مصر وشعبها ولتخليصه من التبعات الاقتصادية والمالية للمواجهة مع اسرائيل التي استمرت منذ العام 1948 وحتى العام 1973 من القرن الماضي كما زعم.
الحقيقة الآولى :ان مشاركة السادات في أحداث ثورة 23 تموز بوليو كان شكليا وينم عن إنتهازية مفرطة ووضاعة أخلاقية،ففي كتابه “خريف الغضب” يقول الصحافي الكبير الراحل محمد حسنين هيكل ان أنور السادات تعمد ليلة الثورة الذهاب الى إحدى دور السينما في القاهرة مصطحباً معه زوجته جيهان ، وبعد خروجهما من السينما إفتعل مشكلة مع بعض الشبان بحجة أنهما عاكسوها ولم يكتف بذلك حيث أصر على استدعاء الشرطة الى المكان وعلى الذهاب الى القسم وفتح محضر بالواقعة هناك.
ويشير هيكل إلى انه فعل ذلك لكي يثبت في حال فشل الثورة وإلقاء القبض على الضباط الأحرار التي قادوها في صبيحة اليوم التالي انه لا ينتمي إليهم ولا علاقة له بهم والدليل انه كان بالسينما وفي حال نجاحها فسيركب موجتها ويعتبر نفسه احد قادتها ومفجربها كما حصل بالفعل.
والثانية: ان وصوله الى منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية المصرية الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ومن ثم إلى منصب الرئيس لم يكن لانه الأجدر و الأكفأ بل لأن تعيينه في هذا المنصب الرفيع، كما يقول المناضل السعودي الشهيد ناصر السعيد في كتابه “تاربخ آل سعود”، تم بفعل صفقة عقدها الملك السعودي فيصل بن عبدالعزيز مع عبد الناصر تعهد الملك بموجبها بسحب قواته من اليمن مقابل موافقة الزعبم عبد الناصر على مضض على تعيين السادات نائباً اول له.
وغني عن القول أن عبد الناصر وافق على هذه الصفقة لضرورات تتعلق بأمن مصر القومي و لاستكمال الاستعدادات العسكرية والميدانية لخوض معركة الثأر لهزيمة الخامس من حزيران عام 1967 بدون منغصات سعودية في اليمن التي ضحى الجيش المصري بالغالي والنفيس من اجل تثبيت النظام الجمهوري فيها.
والثالثة: ان البطل الحقيقي لحرب أكتوبر 1973 لم يكن أنور السادات الذي سوق نفسه على انه بطل الحرب والسلام معتبراً انه هو الذي صنع إنتصار أكتوبر وليس جمال عبد الناصر الذي خاض حرب الاستنزاف مع إسرائيل و أعاد تسليح الجيس المصري من الصفر بعد هزيمة حزيران وقبل المبادرة “السلمية” التي طرحها وزير الخارجية الامريكي روجرز في الخامس من حزيران يونيو 1970 والتي تضمنت وقفاً لاطلاق النار ببن مصر واسرائيل لمدة ثلاثة أشهر ليس لأنه كانت لديه اية أوهام بإمكانية التوصل إلى تسوية سياسية للصراع العربي-الاسرائيلي بل لأنه كان يريد استغلال وقف إطلاق النار على خط الجبهة في قناة السويس لإقامة حائط صواريخ سام خمسة وسلم ستة المضادة للطائرات لكي يتسنى كسر تفوق سلاح الطيران الإسرائيلي في الحرب التي كان بخطط لها والتي خاضها السادات متأخرة لمدة ثلاث سنوات وبقيادته المتخلفة مما أجهض نتائجها وحولها من حرب تحرير الى حرب تحريك أسست لزيارة القدس ولعقد اتفاقات كامب ديفيد التي أخرجت مصر من الصراع العربي-الاسرائيلي وحولتها لحليف لاسرائيل وادت إلى كل الخراب والدمار والهزائم التي لحقت بالأمة منذ ذلك التاريخ.
في الختام لا اريد ان اكرر ما اكتبه كل عام في ذكرى ثورة 23 تموز يوليو الخالدة ولكن ما لا بد من قوله ان عبد الناصر ترك مصر عام 1970 صفر دين خارجي وبنى صروحاً زراعية وصناعية قل نظيرها وحقق مجانية التعليم، ودشن السد العالي الذي حمى مصر من فيضان النيل وحقق الإصلاح الزراعي ووزع الارض على فقراء الفلاحين وصفى بقايا الإقطاع وبنى المصانع وأقام القطاع العام وبنى مصانع الحديد والصلب ودشن برنامجاً نووياً كان اكثر تطوراً من البرنامج النووي الاسرائيلي والاهم من كل ذلك أنه ترك مصر قائدة لمجموعة الدول العربية ولمجموعة عدم الانحياز.
ولكن السادات ومبارك و السيسي دمروا كل ما بناه عبد الناصر واعادوا مصر من دولة متقدمة تحظى باحترام العالم إلى دولة هامشية متخلفة بإقتصاد محطم تقاد من قبل عربي مثل السعودية والإمارات اللتين تريدان توريط الجيش المصري في حرب مع تركيا وحكومة الوفاق الليبية من اجل سرقة نفط وغاز ليبيا غير مكترثتين بان خطوة من هذا النوع قد تؤدي إلى تدمير الجيش المصري.
لقد زعموا أن مصر ضعيفة لانها كانت ملتزمة بمساندة ونصرة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ولذلك فقد قالوا بان حرب أكتوبر هي آخر الحروب مع إسرائيل وعقدوا معاهدة كامب ديفيد معها وتحالفوا مع امربكا التي تآمرت على عبد الناصر ومع ذلك فإن الاقتصاد المصري لم يتقدم وعاد إلى الوراء عشرات السنين وتجرات اثيوبيا التي كان امبراطورها هيلاسيلاسي يركع أمام عبد الناصر على التطاول على مصر وإنشاء سد النهضة على النيل الازرق الذي سيعطش وسيجوع الشعب المصري وسيحول مصر إلى صحراء قاحلة لا حياة فيها.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023