في الذكرى 32 لإستشهاد ابي جهاد حكاية قائد وشعب…بقلم معن بشور

في الذكرى 32 لإستشهاد ابي جهاد حكاية قائد وشعب…بقلم معن بشور

حين تعرفت اليه للمرة الأولى في منزل المناضل الراحل المهندس خالد البشرطي، القيادي في البعث وفتح يومها، وذلك بعد معركة الكرامة عام 1968، لاحظت في الرجل جملة ميزات أكدت لي أنه سيلعب دوراً مهماً في حياة شعبه وأمته…

كان الشهيد خليل الوزير، ابو جهاد، أحد مؤسسي حركة فتح، ونائب القائد العام لقوات العاصفة، متواضعاً واثقاً بنفسه، مؤمناً واثقاً بشعبه، قيادياً مدركاً أن قضيته تحتاج إلى روح فدائية تخرجها إلى أمتها والعالم، رؤيوياً شديد الأهتمام بتفاصيل العمل.

وفي ذلك اللقاء الأول إثر معركة الكرامة، كان يحمل معه ومع رفيقه الشهيد القائد محمد يوسف النجار (ابو يوسف) صوراً عن تلك المعركة التي كانت الرد الأول على هزيمة حزيران، والخطوة الأولى في رحلة تحول الثورة الفلسطينية إلى  رقم صعب في المعادلة الوطنية والقومية والانسانية….

وفي كل المرات التي جمعتني به بعد  ذلك اللقاء لا سيّما في بيروت، ما بين 1971 و1982، وفي طرابلس 1983، كنت أكتشف في الرجل مزية جديدة، وألاحظ حرصه الشديد على  إبتعاد حركة “فتح” عن التدخل في الشؤون الداخلية للأقطار العربية، لدرجة أن بعض أخوانه في الحركة كانوا يعتبرونه أبا “اليمين” لأنه لم يكن يجاريهم في الاندفاع للغوص في القضايا الداخلية للأقطار العربية في هذا القطر أو ذاك…خصوصا في لبنان.

ولعل أكثر ما شدني إليه هو لقائي الأخير معه في تونس قبل أسابيع من اغتياله في 16/4/1988، وبعد أسابيع من أنطلاق “انتفاضة الحجارة” في 7/12/1987 هو قوله لي مزهواً وهو يحدثني عن روعة الأنتفاضة وحكايات أبطالها الأطفال:” أتذكر جلستنا في طرابلس حين كنت حريصاً على الاجتماع بأخوة لكم من الجنوب لأستمع منهم إلى تفاصيل المقاومة الشعبية في جبل عامل، وكانت قصة “الزيت المغلي” الذي رمته نساء الجنوب بوجه جنود الأحتلال حديث الناس يومها.

واستطرد القائد – الرمز، مهندس انتفاضة الحجارة قائلاً:” لقد كانت مقاومتكم الشعبية في لبنان ملهمة لنا في ش في انتفاضتنا،” تماماً كما قال الشهيد – الرمز أبو عمار أيضاً في تونس بعد انتفاضة الأقصى في 28/9/2000:” إن  إنتصاركم في لبنان بتحرير أرضكم كان ملهماً لنا في أنتفاضتنا المباركة…”

وكان جوابي واحداً، للقائدين:” ونحن أيضاً استلهمنا مقاومتنا من تجربة الثورة الفلسطينية، والعديد من قادة المقاومة اللبنانية، الوطنية والاسلامية، تخرّجوا من مدرسة المقاومة الفلسطينية…” وذكرتهما ببرقية ارسلتها لهم يوم خروج قوات المقاومة من بيروت وهي “لو خرجت قوات المقاومة الفلسطينية من لبنان فإن روح المقاومة باقية فينا”

أنه تكامل المقاومتين، بل تكامل الشعبين في مواجهة عدو غاصب يستهدف لبنان، كما فلسطين كما كل قطر عربي…

لقد كان أبو جهاد – رحمه الله – جسراً بين أبناء شعبه، كما بين أبناء أمته، ولقد أدركنا عظمة هذا الجسر حين خرج مئات الالاف من الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين والعرب في مخيم اليرموك وشوارع دمشق في وداعه، رغم ما كان من جفاء بين القيادة السورية وقيادة منظمة التحرير يومها… وجاءت مشاركة أبي عمار في تلك الجنازة في دمشق لتفتح صفحة جديدة في العلاقة بين فلسطين وعمقها الاستراتيجي الدائم ،التارخي والجغرافي والنضالي في سورية العروبة…

أبو جهاد (خليل الوزير) قائد أختصر في حياته حكاية ثورة “وجدت لتبقى وستبقى”كما قال مرة الخالد الذكر جمال عبد الناصر،،  كما أختصر في إستشهاده حكاية شعب يشق طريق النصر والتحرير بدماء قادته وشهدائه.

رأي اليوم

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023