في بلاد الترللي….. جنت على نفسها براقش

في بلاد الترللي….. جنت على نفسها براقش

منير بلغيث |

لولب ، بنج واليوم لقاح فاسد، واقع مؤلم يتمدد. فالمشهد الذي عاشته بعض العائلات التونسية من حمل فلذات اكبادهم في كرتونة فتح الابواب أمام ممارسة البطولة في الفضاء الافتراضي وتحميل المسؤوليات لهذا وذاك والمطالبة بمعاقبة فلان وفلان وكتابة المرثيات وإعلان الحداد، وطرح السؤال من قتل الرضع؟

صحيح قد وقع فتح تحقيق لكن نتائجه منذ الوهلة الأولى معلومة، فمن المتوقع أن يحتمي المسؤول الكبير بحزبه والموظف بنقابته ويبقى السؤال دون إجابة. اجابة نجد لها رجع صدى عند أهل الإختصاص.

فالدكتورة ماجدة السباعي تؤكد على أن صفقات أدوية وأمصال وموّاد طبيّة وجراحية لا تخضع لرقابة دقيقة ولا لمواصفات معروفة مخبرية وانّما تخضع لاحكام سوق غبراء يديرها عملاء متنفذون سياسيا و اقتصاديا و تتحكم في موازينها لوبيّات تجارية تراعي فقط مصالح شركائها هي السبب، وتضيف هكذا صارت تدار الأمور أما حياة الناس فمسألة ثانوية.

اما الدّكتور وليد معمر وهو إختصاصي قي طب الأطفال والرضع فقد اعتبر ما وقع كارثة وطنيّة مؤكدا على أن ما حصل اليوم هو نتيجة تعفن للمصل المغذي في الوريد و هو يندرج ضمن التعفنات الناتجة عن العلاج. و بما أنّ العمل مرتبط بسلامة كل حلقاته المتداخلة، فإن فساد حلقة منه يعود بالوبال على العمل بأكمله. إذا بدل تراشق التّهم و التنكيل بالأشخاص، يجب أن نقرّ أنّ ما حدث هو نتيجة حتميّة و منطقيّة للسياسات الصحيّة المتعاقبة و التي لم تزد القطاع الصحّي إلّا سوءًا يوْمًا بعد يوم… ..

إذن اتفق أصحاب الاختصاص على أن ما وقع سببه التعفن وهما محقان فما وقع هو مظهر من مظاهر تعفن اصاب الطبقة السياسية فعندما يستثمر حزب وزير الصحة الموقف ليتحدث عن الشرف والرجولة عوض شعوره بالخجل وعندما يخرج أحدهم ليقول بأن بعضهم يريد اسقاط الحكومة عوض الاعتراف بالفشل بل نجحت في إرساء ثقافة الهروب من المحاسبة وتجاوز القانون فتأكد أننا أمام دولة تبحث عن تثبيت اقدامها في الحكم لا خدمة الشعب.

وتعفن لاعلام ترك هموم الشعب و ظل يبحث عن المناكفات السياسية لإحداث “البوز” وينخرط مع جهة ضد أخرى ويركز اهتمامه على قضايا لا حياة الناس.

أما التعفن الأكبر فقد أصاب الشعب، ففي كل مصيبة من المصائب تجد أن الشعب مساهم فيها ومسؤول. فعلى نفسها جنت براقش فمن لا يغير مصيره بنفسه لن يساعده أحد على ذلك فالسماء لا تمطر حرية لا كرامة ولا ذهبا. فالذين انتخبوا ب 20 د 30د مشاركون في كل الجرائم التي وقعت طيلة 8 سنوات هو ديدن الشعوب الميتة التي تخضع لبطونها. صحيح أن الظلم شر والتحرر من الجور حق، ونصرة المظلوم فضيلة ولا حياد في هذه المسألة، لكن لا يعني أن المظلومين هم الأخيار. فكم من مظلوم يتلذذ بمظلوميته ويتاجر بها. فلا توجد دولة في العالم قوامها القانون والمؤسسات وتهتم بشؤون شعبها في ظل شعب ميت فالدولة تعبر عن روح الشعب.

المؤكد ستتواصل الجرائم في حق ذلك الشعب وسيتواصل الفساد والافساد وسيتم انتخاب الفاسدين والتطبيل لهم ، وسيتواصل الفقر والتفقير والتهميش والاستخفاف بحياة الناس ولن يصلح حال تلك البلاد حتى لو وَلّوا اخيار العباد سيزداد المستقبل سوءا وقتامة وسقوطا…لانه بكل بساطة :لا يغيّر الله بقوم حتى يُغيّروا ما بانفسهم. عقلية التواكل والانانية والانتهازية والاحتيال والغشّ واللامبالاة لن تنتج سوى نظام سياسي عرضة لكل الذئاب تنهشه في كل حين.

فالقول نموت ليحيا الوطن… قول فيه نظر لمن يحيا الوطن؟

فإن لم نكن نحن الوطن و إن لم يكن بنا كريماً آمناً ولم يكن محترماً ولم يكن حُراً فلا عشنا .. ولا عاش الوطن!

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023