في تزامن الوخز الارهابي في تونس مع الوهن السياسي

في تزامن الوخز الارهابي في تونس مع الوهن السياسي

عاد الارهاب ليتصدر المشهد السياسي والاعلامي في تونس، وبات سلاحا لا يقل فتكا عن الاسلحة العسكرية في “هندسة الجمهور” واخضاعها الى ظلم الأقوياء، خاصة مع تطور وسائل الاعلام الالكترونية، والاعلام الناقل للاحداث المباشرة، أصبح قادرا على أن يصيب ملايين البشر بطلقة واحدة.

ان المضمون والرسالة الحقيقية لعملية ذبح الشاب ” عقبة الذيبي” اليوم في القصرين( 20ديسمبر2020) لا تخرج عن سياق الاحداث بالغة الحساسية التي تعيشها تونس اليوم.

ولا يمكن أن ناتي على تفكيك شفرات أو ذكر جميع أبعاد هذه العملية ورسائلها – الشكلية والجوهرية – في هذه المدونة.

لهذا، سوف نكتفي بالاشارة الى علاقة هذه العملية التي باتت تكرر من حين لاخر باستراتيجية ” الوخز” النفسي، أي بما تحمله من معاني ورسائل مدروسة للتاثير في النفوس ولملأ فراغات المشهد السياسي في تونس. فهذه العملية تندرج ضمن ” الصور الراعدة” ( فحائية، غامضة، صادمة، ..) التي يعتمدها الاقوياء للتأثير في الوعي الجمعي في ظل مشهد مجتمعي أعمى،. لهذا، تتنزل هذه العملية الارهابية في اطار محاولة من هؤلاء لتخدير العقول والقذف بالمجتمع الى الطرف الاقصى من الاطار الذي يعيشه من أزمات اقتصادية واجتماعية وتشريعية…الخ، لتختزل عنده المشهد في ذاتها، أي تتحول الى مسألة محورية لحديث الجمهور. وتتنزل ايضا ضمن ميدان علم الدعاية ، حيث تخفي المعنى لكي لا يكون واضحا الا لغاية الدعاية السياسية فتصبح سيميائية الصورة ( الحدث الارهابي) موجهة وذات أداء مدهش في الغموض ومنذرة بالخطر لدى المتقبل. وبهذا الشكل، تكون لهذه العملية نوعا من الاهتمام من الرأي العام وخاصة الاعلامي المأجور، يكون أحيانا مشوبا بالانفعال أو جزء من ترويض على نحو ما للتخفيف من عاصفة الاحتجاجات الشعبية.

انها شكل من اشكال الوخزة التي تحمل دروسا متعددة اهمها الخداع في الاحساس بالعذاب من مشاهدة الصورة وذلك عبر منطق المباغتة والصدمة، بينما الهدف الحقيقي هو صنع معنى للارهاب الذي لم يعد له معنى الا في مستوى محاولة لتجميد المشهد السياسي. وعبر بعدها الانقلابي وتحويل وحهة الجمهور، تصبح لهذه العملية، مثل سابقاتها وما سيلحقها – هدفا مركزيا وهو نشر الضوضاء واستغلالها اعلاميا للتحكم في المشهد السياسي من قبل اللوبيات المافيوزية المسيطرة على البلاد ضمن استراتيجياتهم التي اعتمدوها منذ 2011 والتي تقوم على ثنائية الخداع والخضوع.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023