في جدلية الهدم والبناء: تقدير موقف حول خطاب الرئيس…بقلم د. مصباح الشيباني

في جدلية الهدم والبناء: تقدير موقف حول خطاب الرئيس…بقلم د. مصباح الشيباني

في متابعتي لبعض الاراء والمواقف التي عبر عنها بعض من أنصار حراك 25جويلية، ظهرت اختلافات بينهم تتمحول في مجملها حول المقاربة المنهجية التي أعلن عنها الرئيس في خطابه البارحة 13ديسمبر في منهجيته في العمل خلال الاشهر القادمة. فالسؤال المحوري الذي كان مدار هذه الاختلافات هو: بماذا نبدأ؟ ولا تتعلق هذه الاختلافات بجوهر أو مضامين المسار التصحيحي للرئيس الذي أعلن عنه منذ25جويلية، بل في عديد الخطابات السابقة منذ توليه الرئاسة عام2019.
اعتقد أن الرئيس في تسقيفه لبعض المحطات السياسية ذات العلاقة بالاصلاحات الدستورية والانتخابية قد أصاب فيها بنسبة مهمة في حسن اختيار منهجيته في العمل التي تنطلق من المسألة التشريعية، لانه لا يمكن تأسيس بدائل أو وضع اية مقاربة منهجية في التصحيح والتطهير للسياسات الاقتصادية والاجتماعية السابقة التي ثار عليها الشعب وفق مسارات وبرامج تنموية فاشلة وباليات دستورية وسياسية أغلبها قديمة لا تختلف عن سياسات بن علي، وهياكلها معطلة وتتحكم فيها لوبيات الفساد.
ان البطء في الانجاز والثبات في المسير هما علامة دالة على الرشد السياسي والعقلانية المتبعة من قبل الرئيس ومعاونيه لتجاوز سياسات ردات الفعل السياسوية واللحظية والمقاربات الاستعجالية الارضائية لبعض القوى – الداخلية والخارجية- من أجل تهدئة المناخات الاجتماعية التي كانت تسلكها الحكومات السابقة، والتي أوصلت البلاد الى مازق شاملة ومخاطر كبيرة انتهت بتفكيك كيان الدولة نفسها. فالمهم، في رأيي المتواضع، في هذه المرحلة الانتقالية التي تتعرض فيها تونس الى ضغوطات خارجية غير مسبوقة، وفي حدود الامكانيات الداخلية المتواضعة المتاحة للرئيس لما بعد عشرية المافيو- اخوانية التخريبية، فأولى الاولويات هو العمل على استعادة هيبة الدولة واصلاح مؤسساتها وهياكلها الدستورية مما أصابها من أورام خبيثة وعميقة مازالت اثارها قائمة ولم يقع معالجتها بعد. ومن ثم، لا يمكن وضع اصلاحات اقتصادية أو اجتماعية على الوعود الكاذبة التي لا تستجيب فعلا لمطالب الشعب في التنمية وتخفف عنه معاناته قبل تطهير هذه المؤسسات والهياكل من لوبيات المافيا، واصلاح المنظونة التشريعية لانجازها على أسس وقواعد ثابتة على ارض الواقع في مختلف مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية والسياسية …الخ.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023