“في عامها السادس”: الحرب على اليمن…بقلم حاتم استانبولي

دخلت الحرب على اليمن عامها السادس هذه الحرب التي تم الاعلان عنها من واشنطن عبر مؤتمر صحفي لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير 26-03-2015الذي اعلن فيه ان اعلان الحرب سببه الدفاع عن شرعية الرئيس هادي. سميت العملية بعاصفة الحزم التي استمرت من 26 مارس وحتى 21 ابريل من عام 2015 ليعلن بعدها استمرارها تحت مسمى عملية اعادة الامل. بعد دخول الحرب عامها السادس: السؤال الذي يفرض نفسه هل عاصفة الحزم حزمت ؟ وهل عملية اعادة الامل اعادت الامل؟ معطيات الميدان اليمني تقول ان لا حزم انجز! ولا أمل عاد! الحزم والأمل نتيجتهما كانت موت ودمار للبنية التحتية من مستشفيات ومدارس ومساكن ومصانع وجسور وطرق وخزانات مياه ومستودعات اغذية ومواد طبية وانتشار للامراض والاوبئة واعلانات مستمرة عن انتصارات ميدانية زائفة.

كل هذا وما زال اليمن وجيشه يتصدى ويحرز انتصارات ميدانية واقعية معززة بمشاهد موثقة بالصورة والصوت تكشف خسائر قوات التحالف السعودي الاماراتي وتكشف عن عدد الاسرى والجرحى والقتلى بصفوفهم. بعد خمسة سنوات وفي تاريخ 5 ديسمبر 2019 نشرت الفورين بولسي تقريرا عن تكلفة الحرب على اليمن وحسب ما ورد فيه ان الحرب كلفت الخزينة السعودية 725 مليار دولار وضحت فيه بعض تفاصيل صرفها ان كانت تكلفة استئجار معدات عسكرية او سفن حربية وطائرات اواكس للاستطلاع وقمرين صناعيين او شراء معدات عسكرية وعتاد حربي او دفعات لدول مشاركة في الحرب او خصومات لاسعار النفط لكل من الولايات المتحدة وبعض الدول الاوروبية. 725مليار لو اضيفت لها كلفة الحرب على سورية وخسائر الدولة السورية نتيجة الحرب لتجاوزت ال 1000 مليار دولار. هذه الارقام لو استثمرت في التنمية لاحدثت ازدهارا لشعوب المنطقة كافة واخرجتها من ازماتها والضغوط السياسية والاقتصادية.

السؤال الاهم هل قيمة شرعية هادي تعادل هذه الكلفة ناهيك عن الكلفة الاهم وهي القتلى من اطفال ونساء وشيوخ اليمن والجنود السعوديون والسودانيون واليمنيون؟ بعد دخول الحرب عامها السادس اكدت كل المنظمات الدولية ان 112 الف قتلوا نتيجة اسباب رئيسية متعلقة بالحرب حسب تقاريرالامم المتحدة (هي اقل من تقديرات حكومة صنعاء) و24 مليون يمني بحاجة لرعاية صحية مباشرة اكثر الفئات المتضررة من الحرب هم الاطفال والنساء وكبار السن الذين يعانون من نقص في الدواء والغذاء والمياه الصحية . ورغم كل هذا الدمار الذي احدثته الحرب على اليمن تحت عناوين الحزم والامل ودعم شرعية هادي الا ان المراقبون يؤكدون ان الجيش اليمني والحوثيين يحرزون تقدما مهما في الميدان ويسيطرون على محافظات باكملها وقد اعلنوا سيطرتهم على اجزاء كبيرة من محافظة البيضاء ومأرب هذه السيطرة اذا ما اكتملت بدخول مدينة مأرب تكون الحرب قد دخلت مرحلة الحسم الذي سيفرض وقائع تجبر التحالف السعودي- الاماراتي على تقديم تنازلات مؤلمة لصنعاء.

صنعاء ستفرض نفسها على امراء الحرب وداعميهم في المجتمع الدولي الذين سيجدون انفسهم امام واقع لا بد فيه من الاعتراف بحكومة صنعاء كطرف شرعي بعد ان تمزقت شرعية هادي وتحالفه واصبح الصراع داخل بيت التحالف السعودي- الامراتي وانسحاب دول من التحالف وتمزق بيت حكومة هادي وحلفاءها الذين دخلوا في صراع على الغنائم والمصالح المناطقية. بعد خمسة اعوام الطيارون السعوديون والاماراتيون لم يبقى لديهم بنك اهداف فهم يتجولون في سماء اليمن ويختاروا الاعراس والمآتم كاهداف حيوية لتفريغ حمولاتهم التدميرية لعلهم يصطادون صيدا ثمينا ولكن النتيجة دائما تكون قتل الاطفال والنساء والشيوخ. بعض الاطراف الدولية ضاق ذرعا في استمرار التغطية على المجازر الجماعية والحصار التجويعي برا وبحرا وجوا واصبحت علنا تعبر عن ضيقها في حين تستثمر واشنطن واسرائيل في استمرار الحرب وارتكاب المزيد من الجرائم لتحميلها لسجلهم لاستخدامه في الابتزاز السياسي والاقتصادي.

الشعب اليمني رغم كل الجراح والتضحيات سيعلن انتصاره على آلة الحرب والدمار وسينقل المعركة الى داخل دول الحرب ويدعهم يدفعون ثمن ما ارتكبوه من مجازر بحق الشعب العربي اليمني الطيب المقاوم ستصبح الحرب عباءً عليهم وعلى شعوبهم وسيدفعون ثمن صمتهم وخذلانهم للقيم الانسانية. صمود الشعب اليمني كشف الاخلاقيات الرأسمالية الزائفة بشأن حقوق الانسان وتغطيتها للمجازر البشعة بحقه. صمود الشعب اليمني كشف ان اخلاقيات الدول الرأسمالية الداعمة لامراء الحرب مطروحة في بورصات اسواق المال الحربي وتخضع للمزاد وقانون العرض والطلب. كما كشف ضعف وهشاشة موقف القوى الوطنية وصمتها الغير مفهوم الذي يضع علامات استفهام كبيرة على دورها في التصدي للظلم الذي يعاني منه الشعب العربي اليمني موطن القافية وقحطان وعدنان.

اطفال اليمن ونسائهم وشيوخهم يستحقوا كلمة حق وتضامن واسناد لوقف الجرائم اليومية بحقهم …. هذه حرب لعينة لا يستفيد منها سوى مصانع السلاح وتجاره وهي تشرع الاعتداء الصهيوني على الشعب الفلسطيني والسوري واللبناني. كما انها تشكل هدرا ونزفا لثروات الشعب السعودي والاماراتي واليمني كما لها انعكاسات مستقبلية على اسواق العمل التي تعاني من حالة ركود بسبب تداعيات هلع كورونا. هذه التداعيات ستطال كل دول الاقليم وخاصة الاردن ولبنان ومصر. لغة الحوار السياسي والاعتراف بمصالح القوى والفئات الاجتماعية والدول هي الطريق للحل واليمنيون قادرين على حل تعارضاتهم بعيدا عن الوصاية والتدخل الخارجي.

الاستثمار في الحل السياسي هو مصلحة لشعوب المنطقة والافضل ان يكون قرارا عربيا بدل ان يكون قرارا خارجيا الذي سيكون له تداعيات قانونية ستلاحق امراء الحرب ودولهم لتكون اطارا للابتزاز السياسي والمالي. منظومة الحكم في الدول الداعمة للحرب منظومة متغيرة ومن الممكن ان يتحول حلفاء الامس الى خصوم لتبييض صورة منظومتهم امام شعوبهم لاعادة انتاج منظومة الكذب الراسمالي وسيدفع قادة الحرب المحليون ثمنا للتبييض.

سيشهد التاريخ ان من يدفع ويدعم امراء الحرب الآن هو من سيحرك منظومة قضائهم لمحاسبتهم على جرائمهم مستقبلا وليسجلوا نقطة اخلاقية تغطي كذب ومشاركة سياسييهم كما فعلوا في تشريع كذب بوش الابن وطوني بلير في الحرب على العراق ونصبوه رئيسا للجنة الرباعية ليمارس كذبه بحق القضية الفلسطينية. هذه المنظومة الراسمالية المتشابكة مصالحها والعابرة للدول والشعوب هي من تستثمر في الحرب وفي المنظمات الاغاثية ومؤسسات حقوق الانسان التي تصدر تقارير للتغطية على ممارسات الة الدمار لبلدانهم وتؤسس لارضية قانونية لمحاسبة قادة وامراء الحرب من قبل داعميهم مستنزفي ثروات شعوب المنطقة كما فعلوا مع قادة اهم من امراء الحرب على اليمن وسينتهي المشهد ببراءة قادة الحرب الحقيقيون وتجريم امراء الحرب المحليون.

هذه المنطومة التي تصنع الاسلحة وآلة الدمار وتُصَدِرُها الى دول المنطقة وهي تعلم انها ستستخدم في حروب عبثية تدميرية للشعوب والمجتمعات وهي توجه استخداماتها وتعطي ضوءً اخضراً لوصولها الى التنظيمات الارهابية في سورية وليبيا والعراق والجزائر ومصر وبذات الوقت يقف وزراء خارجيتها في مؤتمرات صحفية يدينون الارهاب في مسرحية مركبة ومتعددة الاوجه من حيث المكان والزمان لكن الناظم لها دور الملقن الذي يحكم حركة امراء الحرب في كافة المشاهد والميادين وينفذ توصيات المخرج الرئيسي لمشاهد مسرحية حروب الثورات بالوانها المتعددة وحروب التدمير الذاتي العبثية. متى سنصل لمرحلة ادارة تعارضاتنا من خلال الحوار وتدوير الزوايا لايجاد مساحات مشتركة تلتقي فيها مصالح الجميع السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كلفة لغة الحوار بين الاشقاء اقل بكثير من كلفة لغة المدافع التي تُستثَمر فيها قوى ليس لها مصلحة بالسلم الاهلي او الانساني وتنميته المستدامة. التاريخ علمنا ان لغة المدافع ستنتهي لطاولة الحوار هذه حقائق اثبتتها الوقائع التاريخية.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023