قراءة في تصريح نتنياهو المأزوم والمهزوم…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

قراءة في تصريح نتنياهو المأزوم والمهزوم…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

قبل الموافقة على وقف إطلاق النار في غزة صرح المجرم نتنياهو ” عندما تنتهي الحرب إذا إعتقدت حماس انها كسبت الحرب فإن هذا سيكون بمثابة هزيمة لنا وللغرب بأكمله” هذا ما قال بالحرف والكلمة المجرم قاتل الاطفال في غزة والسكان المدنيين العزل واللذين أصبحوا وعلى مدار اكثر من عشرة أيام “بنك الاهداف” الوحيد للجيش الصهيوني وذلك بشهادة معظم وسائل الاعلام العالمية وما ثبت بالصور على الشاشات التلفزيونية, والذي أراد نتنياهو من وراءه وبهذا الحجم من الدمار ان يقنع الشارع الاسرائيلي انه حقق انتصارا يمكنه من صرفه واشتثماره في صناديق الانتخابات القادمة في اسرائيل وعلى أمل ان يمدد حصانته من الحكم عليه بقضايا الفساد التي من الممكن ان تنهي حياته السياسية كلية.

لنحاول تفكيك هذا التصريح لنرى كيف يجب ان نتفهمه.

أولا: القول “إذا ما إعتقدت حماس” هذا يدلل على ان نتنياهو يدرك تماما بأن حماس كسبت الحرب العسكرية الى جانب الاعلامية في هذه الجولة وذلك لان الصواريخ التي أطلقت من غزة وصلت الى عاصمة الكيان وبكثافة لم يكن احد يتصورها كما ان الصواريخ وصلت الى كل بقعة على إمتداد فلسطين المحتلة بما فيها مطار رامون الذي يبعد 220 كيلومترا عن غزة. وهذه الصورايخ شلة كلية الحياة في داخل الكيان الصهيوني الاقتصادية والاعمال اليومية والسياحة والتجارة وإغلاق مطار اللد الدولي (مطار بن غوريون) ومطار رامون ووضعت وأجبرت ما يقرب من 80% من سكان الكيان العيش في الملاجىء ولفتة طويلة. ولا نريد ان نستطرد فالجميع تابعوا الاخبار بهذا الشأن. أما إعلاميا يكفي ان نشير حجم المظاهرات في معظم المدن والعواصم العالمية الغربية والعربية وإرتفاع الاصوات العالمية التي تطالب بإجراء تحقيق دولي بجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ارتطبت بغزة وتقديم نتنياهو وضباط في الجيش الاسرائيلي وجنوده وقيادات سياسية الة محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. كما ورفض عمال موتنىء في إيطاليا وجنوب أفريقيا تفريغ حمولة سفن تملكها شركات اسرائيلية.

ثانيا: ذكر حماس دون غيرها لم يذكر اعتباطا أو سهوا فهو مقصود. نعم إن حماس لها اليد الطولى في قطاع غزة ولا احد يمكنه ان ينكر ذلك ولكن المعركة أديرت وما زالت تدار من قبل غرفة عمليات قيادة مشتركة موحدة تضم كل الفصائل الفلسطينية العاملة في القطاع من حماس والجهاد والجبهة الشعبية والديمقراطية وكتائب المجاهدين وغيرهم. فلماذا يستثني المجرم نتنياهو كل هذه الفصائل المسلحة في غزة. نتنياهو يريد ان يظهر لسكان الكيان من اليهود والصهاينة والعالم ربما على أن حربه ليس مع الشعب الفلسطيني بغالبيته المؤيدة للمقاومة لانه يرى بها الطريق الأقصر لتحقيق النصر على العدو الصهيوني بل مع حماس فقط. نقول بغالبيته لاننا نريد استثناء سلطة أوسلوا ورجالها وكل من التف حولها لتحقيق مكاسب شخصية وبالتالي لا يحق ان ندخلهم في الشرف الذي تستحقه المقاومة وشهدائها.

ثالثا: “سيكون بمثابة هزيمة لنا وللغرب بأكمله” نتنياهو بهذا يستنجد بالغرب وخاصة الولايات المتحدة لاعطاءه مزيدا من الوقت لكي يحدث مزيدا من الدمار البشري والاقتصادي بما فيها تدمير البنى التحتية والاستمرار في إغلاق المعابر الحدودية مع الكيان ومصر التي تشارك في الحصار لمنع دخول اية مواد غذائية وتمونية وطبية على أمل ان يحدث شرخا وتململ في الحاضنة الشعبية للمقاومة في غزة. وهو ايضا استجداء للغرب وحكوماته بعدم القفز وإدانة ما يفعله الكيان الصهيوني لان الكيان يقاتل “الارهاب” بالنيابة عنهم بمعنى انها حرب تخاض من أجلهم أيضا وإذا ما خسر الكيان فإن هذا سيكون بمثابة هزيمة لهم أيضا.

ويجب ان نتوقف قليلا عند هذه النقطة بالتحديد نظرا لأهميتها ودلالاتها. هذا التصريح يأتي من قمة الهرم السياسي في الكيان الصهيوني ولاول مرة ربما ليؤكد ان دولة الكيان الصهيوني ما هي الا دولة وظيفية أقيمت في منطقتنا للدفاع عن المصالح الغربية ونقطة على السطر. وبالتالي فإن على الغرب ان يتحرك للحفاظ على هذا الكيان وهيبته ويمد له يد العون عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا. وهذا ما حصل بالفعل فالولايات المتحدة قامت بتعطيل إصدار اي قرار أو حتى بيان من قبل مجلس الامن الدولي يطالب فيه بوقف إطلاق النار لاعطاء فرصة للكيان الصهيوني على امل أن تخرج من حربها بماء الوجه كما وتم موافقة الولايات المتحدة على بيع الكيان الصهيوني اسلحة بقيمة ما يقرب من 750 مليون دولار اغلبها صواريخ ارتجاجية وقنابل من الوزن الثقيل التي استخدمها الجيش الامريكي عند غزو أفغانستان. وتنطحت المستشارة الالمانية وبايدن وغيرهما من رؤوساء الدول الغربية بالقول ان “اسرائيل لها الحق بالدفاع عن نفسها” متناسين انها دولة مستعمرة ومحتلة لاراضي فلسطينية وان الفلسطيني له ايضا الحق في الدفاع عن اراضيه المحتلة تبعا لكل القوانين والشرائع الدولية. وتحرك الرئيس الفرنسي ماكرون الى مصر وغيرها من الدول العربية للضغط على المقاومة ووقف إطلاق النار لانقاذ الكيان الصهيوني.

رابعا: المجرم نتنياهو لم يأتي على ذكر الاحداث بالقدس في الاقصى وباب العمود والشيخ جراح والهبة الشعبية بها وأن ما حصل من إعتداءات على القدس وسكانها ومقدساتها هي من أطلق شرارة انتفاضة عمت جميع المدن والقرى الفلسطينية ووصلت الى اراضي 48 . وهذا متعمد لانه أولا لا يريد اي ربط بين هذه البؤر الجغرافية الفلسطينية بمعنى انه يريد عزل القطاع عن الضفة وعن فلسطيني الداخل بالاضافة الى انه يريد الفصل التام والكامل بين المقاومة والاتتفاضة الشعبية وبين المقاومة المسلحة الربط والالتحام بين شكلي المقاومة المعادلة التي فرضها شعبنا الفلسطيني على الارض.

كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني

 

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023