قضايا العدالة المصيرية الجولان المحتل مثالا…بقلم: د.عامر الربيعي*

قضايا العدالة المصيرية الجولان المحتل مثالا…بقلم: د.عامر الربيعي*

ماذا قدمت امريكا للعالم وإلى أين تدفع الإنسانية نحو أي هدف ..! على الولايات المتحدة أن تسأل نفسها هذا السؤال.
لا تتألم امريكا من الانحطاط الأخلاقي الذي تتعامل به مع دول العالم ولا تعير اهتماما للجمود الفكري الذي لفها ويلف العالم بتحركاتها ولا يهم امريكا ضعف البيئة الثقافية التي أصبحت تسود مجتمعات عديدة تحت راية سياسة القطب الواحد الذي أعاد إلى الأذهان فضلات تاريخية اندثرت فكريا مثل الجاهلية ونزاع القوميات والمذاهب وغيرها التي كنا نظن لوقت أن الإنسانية بمفاهيم الحرية والديمقراطية قد عبرت هذه المخلفات التي اعيدت بفضل “نوعية حكومة الثنائي بوش والثنائي كلنتون ومن ثم أوباما وآخرهم ترامب ” ولغة الحرب ثم الحرب فالحرب وآخرها وصلنا الى “حرب تويتر”.
حراك الولايات المتحدة الأخير ونشاطها الدبلوماسي المكثف الذي مارسه رجال الحكومة الأمريكية تباعا من على منصة التغريد الدبلوماسية تويتر من هذه المنصة أطلت علينا الضحالة الأمريكية فمرة برأس ترامب والأخرى برأس بومبيو والثالثة وهلم جرى “بيت ابيض يغرد ” بالحرب بالعقوبات بتسليم القدس وآخرها تسليم الجولان المحتل.
قد فات ترامب من أن الكيان الصهيوني أعلن دولته في عام 1948 واحتل الجولان في عام 1967 فما الجديد الذي إضافة بتغريدته اللأخلاقية فبالتالي كلامه بالأصل موجه لمن ولأجل ماذا ؟هل هو موجه للعرب؟ أم للكيان الصهيوني وتحديدا (للمستوطنين الصهاينة ) .
هناك دول عربية إلى وقتنا الحاضر تعتبر ساحتها ساحة حرب مفتوحة مع الكيان الصهيوني وهي ترفض ما يعرف بـ”دولة إسرائيل ” فبالتالي التطبيع مع هذا الكيان مرفوض من الأساس .أما عالميا فمسالة فلسطين والقدس والجولان أخذت أبعاد عالمية عديدة يرافقه تفتح فكري دولي على قضايا الشرق الأوسط المصيرية إلا وهي الصراع العربي- الإسرائيلي هذا الصراع الذي أصبح مقياسا يرى فيه العالم للتعدي الصارخ على ميزان العدالة العالمي . لذلك فإن إعلان ترامب يتبجح ويستمر باستعداء العدالة ويعلن إنما الجولان المحتل للكيان الصهيوني يحاول إعادة البوصلة لحرب ال 1967 لمن؟ ما هو هدفه؟
البوصلة المحركة لحقيقة الصراع العالمي هو الصراع العربي -الإسرائيلي وما بينهما تفاصيل تبنى حسب غلبة موازين القوى من خلال التفاعل العالمي مع هذا الصراع الذي ادخل في العشر سنوات الأخيرة دول اعتبرته أولوية يجب الوقوف عندها ،لذلك فإن حراك الولايات المتحدة الأخير وزيارات رجالاتها لدول العالم تحت تبعات التصدع الأخلاقي والقانوني الذي اضفاه الفشل الأمريكي في الشرق الأوسط بعد مرحلة داعش .
هذا الشرق القائم شعبيا على منهجية رفض الاحتلال لفلسطين ولسياسة التهجير والقتل والاستيلاء على أراضي الغير وظهور حركات مقاومة من رحم هذه الشعوب ضد الكيان الصهيوني وتدعو لإحياء مقومات الوحدة العربية
من جانب آخر التحرك ألدبلوماسي والحركة الدؤوبة هي محاولة أمريكية للتغطية بطابع دبلوماسي” لاحتواء الانحطاط الأخلاقي في منهجية السياسة الأمريكية” التي أخذت تتعاظم إلى قطاعات أخرى سيادية بقيام باستحضار قضايا شائكة لإعادة الحياة لمسار القضايا المشتركة بين أمريكا وإسرائيل لتفعيل قضايا خدمها الأمريكي تاريخيا .من ناحية ثالثة نلاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية تعيش معضلة انفراط الدورة الحضارية لعصر الهيمنة الإمبريالية فحاول التقليل من وطأته على مكانتها عالميا لكي لا تعاني من الانعزال الدولي فهي من ناحية تلاحق الروسي الذي أصبح يوازي في الحضور الإستراتيجي في قارات العالم المختلفة.
لذلك فإن القدس والجولان هي جزء من تاريخ الشرق وما إعلان الولايات المتحدة إلا نوع من الاعتياش على التاريخ ، تعتاش على قضايانا المصيرية فتستحضر بين فترة وأخرى أحد مدننا ومقدساتنا لتكون موضوعا لحقن الكيان الصهيوني ودعمه .
نطرح إشكالية :هل إعلان ترامب هذا يثير إشكالية يواجهها الكيان الصهيوني الا وهي “تجفيف منابع القومية الصهيونية التي تمارس دورها الوظيفي بين ما يسمى بالحركة الصهيونية ودولة إسرائيل والتمسك ب “بنيامين نتنياهو” هو ضرورة لأنه من بقايا هياكل الأقوام المهاجرة المحركة لهذا التحالف؟
إعادة الجولان إلى الواجهة هو نوع من التذكير القومي لحرب 1967 وما حملته هذه الحرب من إنعاش لهذا الكيان وبعبارة أخرى (من وظف داعش وخرج من مسرح العرائس الدامية يمشي على رؤوس أصابعه فاشلا ومهزوما يدوس على جراح الأمة العربية غيضا ليحاول أن يعيش مرة جديدة على أرضنا وملحنا وماؤنا ) سيناريو لا يقل ضحالة عن المواقف الأمريكية الترامبية السابقة.

*رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية العربية – الاوروبية في باريس

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023