قمم الأصفار…محصّلاتها صفر: ما الذي خسرته إيران…وما الذي كسبته السعودية؟

قمم الأصفار…محصّلاتها صفر: ما الذي خسرته إيران…وما الذي كسبته السعودية؟

بقلم: هشام البوعبيدي |

“فَحَشَرَ فَنَادَى” (النازعات 23)

هاجم الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، خلال القمتين الطارئتين العربية والخليجية، الجمهورية الإسلامية الإيرانية،  داعيا القادة العرب لاتخاذ موقف حاسم لوقف ما أسماه “عمليات التصعيد الإيرانية في المنطقة” و”دعم إيران للإرهابِ عبر أربعة عقود وتهديدها للأمنِ والاستقرار”. كما تضمّن البيان الختامي نفس الاتهامات ولم يسجّل سوى العراق اعتراضه عن صياغة نص البيان.

فيما عبّرت إيران عن ثقتها من أن مثل هذه البيانات لا تعبر عن الرؤية الحقيقية وآراء لجميع الدول العربية، كما عبّرت عن أسفها من “أن تستغل السعودية ظروف عقد قمة منظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي والقمة العربية في مكة المكرمة وشهر رمضان المبارك لكيل اتهامات لا أساس لها ضد إيران”، بدلا عن استثمار فرصة يوم القدس العالمي واجتماع القمة للدول العربية والإسلامية لطرح ومتابعة حقوق الشعب الفلسطيني وقضية القدس، مشدّدة على  “إننا نعتبر محاولات السعودية لتعبئة أصوات الدول الجارة والعربية بأنها تأتي استمرارا لمسيرة عقيمة تمضي فيها أمريكا والكيان الصهيوني ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.

ولمتابع منصف لما يجري في المنطقة وما تشهده من أحداث، عليه أن يسأل: كيف يمكن للمملكة السعودية أن تتهم غيرها بالتدخل في شؤون الدول العربية، وهي التي جيشها يقود العدوان على الشعب اليمني المكلوم منذ سنوات خمس، وحَرَسُها يقمع انتفاضة الشعب البحريني المظلوم ضمن ما يسمى بـ”درع الجزيرة” منذ ثماني سنوات، وهناك أزيد عن خمسة آلاف وهابي سعودي انتحاري فجروا انفسهم في الأسواق والمشافي والساحات العراقية منذ 2003، كما تدعم كل الحركات الانفصالية والجماعات الإرهابية في المنطقة، بدءا من سورية إلى السودان وليبيا، دون أن ننسى ما قامت به من تخريب وتدمير في أفغانستان والصومال.

أما في ما يخص علاقتها بإيران، فجليّ أن السعودية قد استبدلت ودّها للشاه محمد رضا بهلوي، شرطي الخليج، والذي كانت تصله الهدايا والنفائس ويتنافس الكل على نيل رضاه، استبدلته بعداء عارم بعد نجاح الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني، وعملت على إحباطها عبر الدسائس والمؤامرات وكانت من أكبر داعمي الرئيس العراقي صدام حسين في حربه على إيران، حتى أنها كانت تعوّض حصة العراق من النفط في الأسواق العالمية، قبل أن تنقلب عليه وتحوّل المملكة إلى قاعدة عسكرية أجنبية لضرب العراق والاطاحة بصدام بعد غزوه الكويت، حتى أن الأمير نايف بن عبد العزيز قال “لقي نسي صدّام أننا كنا ندفع حتى ثمن قازوز جنوده”.

كما عملت المملكة في كثير من الأحيان، وبأوامر مباشرة من واشنطن، إلى إغراق السوق العالمية بالنفط في تعدّ على قرارات أوبك التي حاولت تعديل السوق، حتى بلغ سعر البرميل منه في بعض الأوقات أقل من عشرة دولارات (نهاية الثمانينات وبداية التسعينات والتي أدت لاحقا لتفكّك الاتحاد السوفييتي والغزو العراقي للكويت)، من أجل ضرب الاقتصاد الإيراني الذي كان النفط يشكّل ركيزته الأساسية في السنوات الأولى للثورة، هذا دون أن ننسى الفتاوى التكفيرية والتحريض المذهبي، والتي ذهب ضحيتها آلاف المسلمين، وشهدنا غزوا وهابيا شنّع الفكر وعطّل العقل وشوّه الدين الحنيف.

إن ما تسعى اليه المملكة السعودية بتحريض أمريكي وإسناد صهيوني، هو التبشير بـ”صفقة القرن” المشؤومة التي يأمل من خلاله المتآمرون قبر القضية الفلسطينية، ومن المنتظر أن تعلن بعد شهر رمضان المعظّم كما  يجري التنسيق مع نظام البحرين الذي سيستضيف مؤتمرا اقتصاديا يروّج للتطبيع الكامل مع دولة الاحتلال الصهيوني، وعلى ذلك تقوم المملكة ومن دار في فلكها بفتح الباب للاستكمال الإعتراف بالكيان الصهيوني كدولة “صديقة” بعد سلسلة الزيارات والمشاورات الثنائية وبالتالي استبدال صفة “العدو” وإلصاقها بالجمهورية الإسلامية الإيرانية تساوقا مع السياسة الصهيونية والأمريكية.

يمكن القول في المحصّلة، أن القمتين الخليجية والعربية والإسلامية التي ستعقبها، لن يفلح من خلالها المتآمرون في تحييد بوصلة النضال العربي الإسلامي، ولن تقبل شعوب المنطقة بأن يتحول العدو الذي اغتصب الأرض وشرد أهلها كل مشرّد إلى صديق ولو أمضى معه القادة المرجفون مئات الاتفاقيات، كما ولن يتحوّل الصديق الذي أسهم في دعم المقاومة وأبقى شعلة القدس وفلسطين حية في النفوس إلى عدو، وعلى ذلك، ما الذي خسرته إيران من تآمر القوم عليها وهي التي احتلت مكانا عليا في المحافل العالمية وتحسب لها عظمى الدول ألف حساب، وما الذي كسبته السعودية من إهدار مالها وتبديد ثرواتها في التآمر والتبعية وإثارة النعرات وتكديس الأسلحة واستجلاب المرتزقة، في الوقت الذي تعجز فيه عن حماية نفسها ولن تصمد أسبوعا أمام أعدائها، كما قال ترامب “حاميها حراميها”.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023