#قيس_سعيّد_وحركة_النهضة: من مرشحها إلى عدوها!!…بقلم صلاح المصري

#قيس_سعيّد_وحركة_النهضة: من مرشحها إلى عدوها!!…بقلم صلاح المصري

قيس سعيّد كان مرشح حركة النهضة في الدور الثاني، وكان خطه السياسي محافظا بشكل مطلق، تحدث بوضوح وصراحة وصرامة في وجوب الدفاع عن الحق الفلسطيني واعتبار التطبيع خيانة عظمى، واستطاع أن يجبر منافسه في الدور الثاني ليعلن تبنيه لبند تجريم التطبيع.

وأعلن المرشح قيس سعيد عن موقف التسليم التام بأحكام القرآن الكريم وان قضية الميراث حسمها القرآن ولا يمكن تغييرها واستشهد في ذلك بآيات من القرآن، وأدان ورفض ظواهر المثلية مما جعل الجميع يرونه فرصة جديدة لحركة النهضة دون تعب أو جهد منها.

كيف ساءت العلاقة بين النهضة والرئيس وانتهت إلى معركة مفتوحة؟

يمكن أن يتذكر الجميع زيارة راشد الغنوشي إلى تركيا ولقاؤه مع الرئيس التركي، عشية جلسة البرلمان التونسي( شهر جانفي 2020)، والتي اعتبرت تجاوزا صارخا ضد صلاحيات الرئيس ومحاولة لتهميشه وسحب الصلاحيات من تحت يده، وكذلك الاتصال الهاتفي الذي قام به راشد الغنوشي مع السراج وهنّأه بالسيطرة على قاعدة الوطية.

ان الاستهداف الممنهج للرئيس قيس سعيد، بدأت به حركة النهضة وهي تتحمل مسؤولية كاملة .

في بداية تشكيل حكومة الفخفاخ وضمن تكتيكات الضغط على الرئيس فان نور الدين البحيري رئيس كتلة حركة النهضة في مجلس النواب لوّح بامكانية سحب الثقة من حكومة يوسف الشاهد واستعادة المبادرة لمصلحة المجلس، ويفقد الرئيس الحق في اختيار رئيس الحكومة، مما اضطر قيس سعيد إلى دعوة المنظمات والأحزاب واستقبل راشد الغنوشي للتأكيد على علوية الدستور والقانون.

و كان المشهد واضحا أثناء تشكيل حكومة إلياس الفخفاخ،  فقد تم الاختيار على الرباعي المتقارب ( حركة الشعب والتيار الديمقراطي وحركة النهضة وحركة تحيا تونس ) ولكن حركة النهضة هي التي كانت تحمل معها التزاما مسبقا بتفجير حكومة الفخفاخ،  حيث انطلقت في الضغط على شركائها من أجل توسيع التحالف ليشمل قلب تونس وائتلاف الكرامة.

لقد اختارت حركة النهضة وضعا شاذا في العمل السياسي:

– تحالف على مستوى البرلمان ( النهضة وقلب تونس والكرامة)

– تحالف مختلف على مستوى الحكومة، ( النهضة والتيار والشعب وتحيا)

وكانت تظن بذلك أنها جمعت رحلة الشتاء والصيف.

ولم تستمر الحكومة مدة نصف عام حتى واجه مكوناتها أمتحانا في 3 جوان 2020،  حيث تقدمت عبير موسي بلائحة لوم ضد رئيس البرلمان بخصوص تجاوزاته في السياسة الخارجية.

واختارت حركة الشعب التصويت مع عبير موسي،  والتزم التيار الديمقراطي الحياد بينما دافع ائتلاف الكرامة بشراسة على سلوك راشد الغنوشي…

وكان ذلك اليوم اسفينا حقيقيا في نعش التحالف الحكومي.

راشد الغنوشي بنزعته التسلطية فجر العلاقة مع قيس سعيد

وفجر العلاقة بين التحالف الرباعي.

وبدل المراجعة فإنه هرب إلى الأمام وأنهى حكومة الفخفاخ…

#من_الباجي_الى_سعيّد ضعف القوة وقوة الضعف

ظهر الرئيس الباجي قايد السبسي وكأنه يحمل جميع عناصر القوة عندما دخل قصر قرطاج، نهاية 2014، التجربة السياسية الطويلة في مختلف أجهزة الدولة من الداخلية إلى الخارجية إلى البرلمان، ثم الحكومة الانتقالية،  ثم الرئاسة.

علاقات دولية واسعة وشرعية ثورية استثنائية، فهو رئيس الحكومة الذي أشرف على انتخابات الأولى بعد ثورة الكرامة.

وهو الزعيم المعارض للترويكا الذي استطاع أن ينهي حكمها وبمساعدة من حركة النهضة نفسها التي تركت حليفها منصف المرزوقي في الأمتار الأخيرة من سباق الرئاسية،  ويعود الباجي من الباب الكبير ليجمع الرئاسات الثلاث تحت إمرته.

فرئيس البرلمان من نداء تونس.

و رئيس الحكومة بمرتبة وزير أول عند الرئيس الباجي.

و قد احتمت حركة النهضة بهذه الزعامة ورضيت أن يكون حضورها ثانويا وهامشيا ورمزيا في حكومة الحبيب الصيد.

فقد كانت فوبيا مصر والسيسي ونهاية الإخوان تحكمهم.

و جرت الرياح بما تشتهي قوارب النهضة وبما فاق رغباتها.

حيث تفكك نداء تونس إلى شظايا متناحرة وأنهكته الصراعات الداخلية، وشهدت الحياة السياسية التونسية كارثة عجيبة، حزب يموت بينما رسميا هو يحكم البلاد.

فتمددت حركة النهضة في الفراغ الهائل الذي تركه الحزب الفائز في الانتخابات.

و استطاعت في الاخير أن تعيد تشكيل المشهد الحكومي بالتحالف مع يوسف الشاهد، وتعزل نهائيا الرئيس الباجي قايد السبسي، وتسحب منه جميع نقاط قوته لتنهيه ضعيفا خاضعا لها، غير قادر على تعطيل رغبتها.

دخل الباجي قصر قرطاج وهو يملك كل شيء وخرج منه فاقدا لكل شيء.

لقد استبطنت حركة النهضة هذه العظمة الجديدة التي بلغتها، فهي الحزب القوي الذي تقلّب في جميع الاتجاهات وانقلب مع جميع العواصف وصمد قويا موحّدا وكما وصف راشد الغنوشي نفسه بأنه يملك جلد التمساح الذي لا تضر به جروح صراع البقاء.

لا يمكن لقادة النهضة وهم ينظرون إلى قيس سعيّد إلا أن يروا فيه الرئيس الضعيف وأن يصنّفوه في أسفل مراتب الضعف الممكنة،  فهو شخص لا يملك حزبا ولا جمعية ولا جماعة ولا خبرة ومعرفة بالدولة العميقة ولا قدرة على المناورة، وهو في نظرهم شخص حالم مثالي مازال يتحدث عن فلسطين وعن القرآن والإسلام والثورة.

وفي أحسن الأحوال فإنهم يشفقون عليه، كما ظهرت على ملامح راشد الغنوشي في بعض تصريحاته.

و توقع راشد الغنوشي أن يكون رئيس البرلمان والدولة والحكومة، وشرع ذلك عمليا بزيارة تعتبر جريمة باعتبارها تجاوزا مزدوجا ضد نواب المجلس وضد رئيس الجمهورية وضد الحكومة.

لقد استطاع قيس سعيّد أن يبني قوته على نقاط ضعف حركة النهضة، فرغم ضعفه المطلق مقارنة بها فإنه تمكّن من إثخان الجراح فيها ثم اسقاطها، كانت معركة واضحة ومعلنة أمام الشعب التونسي وأمام العالم كله.

1- للمرة الأولى التي نسمع رئيسا يصف حركة النهضة بالمنافقين،  فهم عنده ليسوا ظلاميين وليسوا رجعيين وليسوا أعداء الحداثة وليسوا أعداء المساواة،  فيمكنهم تحت ظرف معين أن يغيروا موقفهم وينتقلوا من ضفة إلى أخرى، فهذه الأوصاف لا تكشف الحقيقة.

والمنافقون، اصطلاح قرآني يجمع السيئات كلها ويضع صاحبه في الدرك الأسفل من ترتيب الأشرار.

إن صفة المنافق أكثر الصفات وجعا وإيلاما لمن جعل نفسه شيخا يتقرب به الناس إلى ربهم.

2- لقد استطاع وبشكل نهائي أن يفصل بينهم وبين الرصيد الأهم في وجودهم،  في خطاب قيس سعيّد،  هؤلاء لا يمتون للإسلام بأي صلة، ظهر الرئيس يصلي الجمعة ويصلي المغرب في جبال الشعانبي، ويشارك عناصر القوات المسلحة في الإفطار.

3- انتظر أخطاءهم التي جردتهم من الأصدقاء والحلفاء.

كانت حركة النهضة يوم 26جويلية في أسفل درجات الشعبية ودرجات الفاعلية.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023