كان الاولى بك يا سيادة البطريرك ان تجانب الحقيقية فيما يجري في لبنان لا أن تكون أداة من أدوات الفتنة

كان الاولى بك يا سيادة البطريرك ان تجانب الحقيقية فيما يجري في لبنان لا أن تكون أداة من أدوات الفتنة

إتهم البطريريك الماروني اللبناني بشارة بطرس الراعي حزب الله بأنه السبب وراء إنهيار الاقتصاد اللبناني ملقيا اللوم على دور حزب الله في الحكومة في وقف مصدر حيوي للمساعدات من الدول الغربية والخليجية وقال في تصريحه المقيت والمرفوض ” لهذا السبب ندفع الثمن”.

السبب في أنهيار الاقتصاد اللبناني يا سيادة البطريريك لا يعود الى حزب الله بل يعود لسببين اساسيين اولهما هو الحيتان والاخطبوط المالي وطبقة سياسية فاسدة من شعر راسها الى أخمص قدميها والتي عملت على نهب الاموال العامة والسمسرة والعمولات من صفقات تجارية وإقتصادية وغيرها هذا الى جانب المال السياسي المتدفق من السعودية والامارات وتركيا لنشر الفتنة الطائفية والمذهبية الممجوجة. هذه الطبقة الفاسدة التي قامت بالتعاون مع البنك المركزي اللبناني بتهريب عشرات المليارات من الدولارات في خلال أيام معدودة مما ادى الى إنخفاض حاد في إحتياطي البنك المركزي من العملة الاجنبية المعتمدة عالميا وهي الدولار الامريكي هذا في الوقت الذي حرم على صغار المودعين من الشعب اللبناني القيام بسحب  جزء من ودائعهم من الدولارات المتواجدة في البنوك. وما زال إختفاء ما يقرب من 10 مليارات دولار من أيام حكومة السنيورة لغزا لم يجد الحل له هذا للتذكير فقط. 

لم نرى منك يا سيادة البطريرك اية ملاحظة على تهريب هذا الكم الهائل من الدولارات وأغلب الظن انك تدري من هي الجهة أو الجهات التي قامت بهذه العملية التي ادت الى أنهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الامريكي. وهنالك يا سيادة البطريرك قوى سياسية داخلية وخارجية تتلاعب بسعر صرف الليرة اللبنانية كما تلاعبت سابقا وحاليا بسعر صرف الليرة السورية غير آبهة بما لها من نتائج كارثية على فقراء الوطن وعماله والطبقة الوسطى من الموظفين البسطاء اللذين لم يعد في مقدورهم شراء ما يسد رمقهم وجوعهم بينما هؤلاء المجرمين اللذين يتلاعبون بالليرة اللبنانية يجنون مئات ملايين الدولارات من هذا التلاعب الى جانب الانخراط في سياسة تدمير البلد مع أعداء الوطن اللبناني. لماذا يا سيادة البطريرك لا ترفع صوتك وتدين هؤلاء المنتفعين ومصاصي دماء الشعب اللبناني وتأخذ موقفا مساندا لهولاء فقراء الوطن اللذين يتضورون جوعا أم إن هذا ليس من واجبك الديني والاخلاقي والانساني؟ نتساءل

والسبب الرئيسي الثاني يا سيادة البطريرك هو ان الولايات المتحدة وبعد فشلها الذريع في محاولة إسقاط الدولة السورية وعلى مدى ما يقارب العشرة سنوات مستخدمة أدواتها وأذنابها في المنطقة وجزء من هذه المنظومة العميلة قوى سياسية لبنانية تورطت في الحرب الكونية على سوريا منذ بداية الازمة, تحاول الان وعن طريق العقوبات الاقتصادية الجديدة من خلال قانون قيصر الذي يفرض على الدول ان تكف عن إقامة اية علاقات إقتصادية مع سوريا وإلا فإنها ستتعرض الى عقوبات إقتصادية. وقانون قيصر لم يكن مصوبا فقط لسوريا بل أيضا الى لبنان والذي تشكل سوريا له الرئة الاقتصادية للبضائع اللبنانية.

 ولنذكر أيضا يا سيادة البطريرك أن صندوق النقد الدولي قد امتنع عن تقديم مساعدة مالية الى لبنان وإقراضه بناء على توصيات وآوامر أمريكية من البيت الابيض. وهذا ليس سرا فقد صرح وزير الخارجية الامريكي بومبيو ان تقديم المساعدات الامريكية الى لبنان مرهون بإبعاد حزب الله من الحكومة اللبنانية. ووقفت الولايات المتحدة مهددة لبنان في حالة التوجه نحو الشرق لمجابهة الازمة الاقتصادية الخانقة التي تحياها. ونذكر لانك على ما يبدو تعيش في حجر سياسي هذه الايام يمنعك من الاطلاع على الاخبار أو قراءة الصحف  فقد صرحت السفيرة الامريكية بكل وقاحة ورعونة “إن الانفتاح على الصين خط أحمر”. هل هنالك اكثر من هذه الوقاحة والتعدي على السيادة اللبنانية التي تنادي بها انت؟ وهل تقبل يا سيادة البطريرك على سبيل المثال ان يبعد المارونيين والمسيحيين من الحكومة والرئاسة اللبنانية؟ يا سيادة البطريريك نذكرك أن حزب الله وأنصاره في لبنان يشكلون إحدى المكونات الرئيسية في لبنان ولا يمكن لاي عاقل- وليس بالضرورة ان يكون وطنيا- إبعاد هذا المكون وعزله عن الحكومة اللبنانية او عن الحياة السياسية في لبنان. ثم أن حزب الله اتى الى الحكومة بعدد من الوزراء نتيجة إنتخابات عامة بمعنى انهم لم يفرضوا على الحكومة. 

الولايات المتحدة عازمة على تقزيم لبنان وإيصاله الى وضع الانهيار ليشكل هذا ضغطا على الحكومة اللبنانية للاستجابة الى المطالب التعجيزية من قبل الادارة الامريكية. وللأسف ان هنالك فريق آو فرق سياسية في الداخل اللبناني متآمرة مع الولايات المتحدة التي تتصرف وكأن لبنان حديقتها الخلفية كما كانت تفعل مع بعض دول أمريكا . فهي تضع خطوطا حمراء للحكومة اللبنانية بشأن تعاملها مع الصين أو سوريا أو إيران التي ما زالت على إستعداد لتزويد لبنان بالبترول والغاز والدفع بالليرة اللبنانية ولكن هذا محرم على لبنان. هل هذه هي السيادة التي تبتغيها يا سيادة البطريرك؟ الوفد الصيني قدم الى لبنان ومعه العروض والمشاريع للنهوض بالاقتصاد اللبناني وبناء البنى التحتية اللازمة لذلك ولكنه ترك لبنان لسببين ربما اولهما عدم التعامل بجدية مع الطروحات الصينية نتيجة التهديدات الامريكية الى جانب العمولات الخيالية التي طلبها الاخطبوط المالي والفاسدين لتبني المشاريع الصينية لانهم وجدوا في هذه المشاريع مجالا للنهب والسرقة وهذا ما رفضه الوفد الصيني الذي أصر على الشفافية في تنفيذ العروض المقدمة.

واخيرا نقول وبصوت عال أن مثل هكذا تصريحات تأتي متزامنة مع هجمة شرسة على لبنان في محاولة تركيعه من خلال إحداث فتنة طائفية ومذهبية بين سني وشيعي وبين مسيحي ومسلم وبين مسيحي ومسيحي وبين مسلم ومسلم والكل لبنانيون وينتمون الى الوطن الواحد أو هكذا يجب ان يكونوا وتصريحاتك هذه تصب في خانة الاعداء ومخططهم في إثارة الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية لتدمير لبنان فهل هذا مبتغاك؟ 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023