كتب الأستاذ زهير حمدي: “حتى لا يعيد “التاريخ نفسه”!!

كتب الأستاذ زهير حمدي: “حتى لا يعيد “التاريخ نفسه”!!

ما أشبه اليوم بالأمس. احداث ووقائع النصف الثاني من القرن التاسع عشر في تونس تتكرر الآن بشكل دراماتيكي دون أن يكون أي فعل لمنعها او إعادة توجيهها في إتجاه غير الذي حدث.

قواسم مشتركة عجيبة بين ذاك الزمن وبين اللحظات نعيشها
حكم تونس من سنة 1859 إلى سنة 1861 محمد الصادق باي فشكل زمنه مرحلة حاسمة في تاريخ تونس المعاصر.
أصدر أول دستور تونسي في جانفي 1861 ساوى بين التونسيين في الحقوق والواجبات وضمن حرية المعتقد والأمن في المال والأجداد.
أصدرنا دستور جانفي 2014 تضمن افضل الأحكام التي تضمن الحقوق والحريات.
غير أن الدساتير لوحدها لا تصنع ربيع الشعوب ولا تطعمها خبزا.
حصل ذلك في تونس في منتصف القرن التاسع عشر كما حصل اليوم.
في نفس الوقت تفنن الصادق باي في الفساد وهدر المال العام وهو ما أدى إلى أزمة مالية خانقة دفعته إلى مضاعفة ضريبة المجبى لسد عجز الميزانية.
أدى ذلك إلى ثورة علي بن غذاهم سنة 1864.
يتكرر الحال اليوم مع منظومة الحكم التي أستلمت السلطة بعد 14 جانفي حيث مارست كل أشكال الفساد والنهب بتحالف مع الطغمة المالية، دأبت على البحث عن سد عجز الميزانية من جيوب الفقراء وحماية مصالح العائلات المتنفذة ماليا.
الشعب ينتفض في كل الجهات وكل القطاعات إحتجاجا على تفقيره وتجويعه وفقدانه الأمل في المستقبل.
واصل الباي الإنفاق بترف وأغرق البلاد في الإستيراد من الخارج مما عمق أزمة المالية المنهكة بالفساد وإختلاسات الحاشية (مصطفى بن إسماعيل ومصطفى خزندار).
أدى ذلك إلى عجز الدولة عن تسديد ديونها الخارجية(125 مليون فرنك) لتنتصب اللجنة المالية الدولية(الكومسيون) سنة 1869.
أدى ذلك إلى ضغوطات كبيرة من القناصل الأوروبيين بتونس ليتحه الباي إلى الإقتراض من الخارج بفوائد خيالية كانت نهايتها توقيع معاهدة باردو سنة 1881 وإحتلال تونس.
يتكرر الحال الآن من خلال إغراق البلاد بتوريد السلع غير الضرورية ليصل عجز الميزان التجاري إلى أرقام خيالية(عجز ب23,5مليار دينار) وإلى رهن البلاد بالديون الخارجية بشكل غير مسبوق (93 مليار دينار)ليقترب من الناتج الداخلي الخام وبشروط مجحفة بشكل يهدد بجدية سيادة البلاد وإستقلالها.
تونس الآن في حالة عجز عن تسديد ديونها في نفس سياقات وظروف النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
إفلاس غير معلن. وأظن أن الإعلان لن يطول.
العنصر المتغير فقط هو أن الشعب اليوم غير الشعب بالأمس.
أي مآلات تنتظرها؟
أليس #التاريخ سياسة سائلة؟
وأليست #السياسة تاريخ مكثف؟
لكن يبدو أننا لا نقرأ التاريخ، حتى تاريخنا القريب.
وإن قرأ البعض لا يعتبر.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023