كتب المحامي محمد احمد الروسان*: الصاروخ البالستي اليمني والعقيدة النووية الامريكية

كتب المحامي محمد احمد الروسان*: الصاروخ البالستي اليمني والعقيدة النووية الامريكية

في المعلومات والمعطيات والوقائع، تكنولوجيا الصورايخ البالستية المتقدمة والقديمة كانت لدى اليمن الجنوبي أصلاً، وبعد الوحدة اليمنية سيطر عليها الرئيس الراحل السابق لليمن علي عبد الله صالح ، ثم سيطر عليها الحوثي وبدأ في توجيه ضربات صاروخية عديدة متقدمة وعميقة بها، على وفي الداخل السعودي ومنذ عام 2015 م مع بدء العدوان السعودي الأمريكي الاسرائيلي البعض العربي على اليمن وحتّى هذه اللحظة. وتم تطوير بعضها بمساعدة من قوى دولية واقليمية، قطعاً من غير روسيّا وايران، حيث تعود ترسانة الصواريخ البالستية الى الحرب الطويلة في اليمن الشمالي الذي كان مدعوماً من السعودية ضد اليمن الجنوبي الشيوعي، بحيث كان كل طرف يمني يكدّس تلك الصواريخ ويطورها كسلاح ردع دون الحاجة الى استخدامها ضد الطرف الآخر المستهدف. وكما تتحدث المعلومات، انّ تكنولوجيا هذه الصواريخ البالستية المتطورة، وصلت الى عدد من الدول في منطقتنا، لا بل ووصلت لجماعات في الشرق الأوسط قادمة من كوريا الشمالية، ضمن استراتيجيات مفاصل الدولة الكورية الشمالية في نشر تقنيات تلك الصورايخ الى العالم، لأحداث نوع من التوازانات العسكرية، في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية ومن يدور في فلكها من التوابع والمحميات. مصر حصلت على صورايخ سكود وتقنيتها من الأتحاد السوفياتي وقت الرئيس جمال عبد الناصر، وبعده بسنتين وقت الرئيس السادات، وكذلك حصلت عليها كوريا الشمالية من مصر وليس من الأتحاد السوفياتي كيف ذلك؟. ثمة قناة اتصال خفية كانت بين القاهرة وبيونغ يانغ قبيل وأثناء وبعد حرب أكتوبر عام 1973 م ضد الكيان الصهيوني الغاصب، وفي خضم فعل وتفاعلات ومفاعيل الميدان في حرب أوكتوبر تلك تم اطلاق ثلاث صواريخ سكود بأمر من رئيس الأتحاد السوفياتي على مواقع اسرائيلية صهيونية، وعلى أثر ذلك تم توقيع قرار وقف اطلاق النار، حيث قتل عدد من الجنود الصهاينة ودمرت قواعد كنتاج لفعل تلك الصواريخ آنذاك. بعد نهايات حرب أوكتوبر عام 1973 م، بدأت مصر في تبديل نوعية تسليحها من المعسكر السوفياتي الشرقي الى المعسكر الأمريكي الغربي، فقامت الحكومة المصرية بأمر من الرئيس محمد أنور السادات، وباشراف من المخابرات الحربية المصرية وجهاز المخابرات المصري، بشحن طائرتين من نوع(آر – 17)تحملان صواريخ بالستية عديدة الى كوريا الشمالية، والتي كانت تربطها علاقات قويّة مع القاهرة وحارب طياروها لكوريا الشمالية مع الطيران المصري العربي في حرب أكتوبر عام 1973 م، والتي انتصر فيها العرب على الكيان الصهيوني وكانت حرب تحرير وتحريك في ذات الوقت. مخابرات واستخبارات السوفيات آنذاك، لم يكونوا مرتاحين للفعل المصري في مسألة تسليم تقنية صورايخ السكود الى كوريا الشمالية، بالرغم من أنّ كوريا الشمالية حليف لموسكو وللصين وضمن معسكرها الشرقي ضد المعسكر الغربي. لقد كانت السنوات الخمس التي تلت عام 1973 م وأكثر، فرصة وتحدي لكوريا الشمالية، بحيث عكفت وباصرار في بناء بنية تحتية لبرنامج صواريخ بالستية، وهندسة دفاعات جويّة، ليعلن الكوري الشمالي في عام 1984 م، عن انتاج أول صاروخ بالستي تابع له، بحيث كان قادراً على حمل رؤوس كيميائية وبيولوجية ضمن مفاعيل جهاز استخبارات ومخابرات كوريا الشمالية وتحت عنوان: تقنية الأستخبارات والفيروسات المرافقة لتقنية صورايخ سكود البالستية. بعد ذلك، لقد تم شحن أكثر من 2000 صاروخ سكود بالستي الى منطقة الشرق الأوسط من كوريا الشمالية، فحصلت كل من ليبيا وايران وسورية على جزء منها، وبدأت كل من سورية وايران على تصنيعها محليّاً ومواكبة تقنيات تطورها. في عام 2002 م استطاعت البحرية الأسبانية ونتاج لمعلومات كانت تملكها المخابرات والأستخبارات الأسبانية، بحيث ضبطت سفينة شحن ضخمة قادمة من كوريا الشمالية تحمل أكثر من ثلاثين صاروخ بالستي من نوع: هوا سونغ – 5 متجهة الى اليمن، والمفارقة أنّه تم السماح للشحنة بالمرور نهاية المطاف بعد احتجاج صنعاء على الأجراء الأسباني، بعد ذلك تلقى اليمن عدّة شحنات اضافية من كوريا الشمالية بلغت أكثر من ثمانين صاروخ بالستي وعدد من صواريخ هوا سونغ اس 6 المتطورة بعدد 50 صاروخ والتي استخدم بعض منها في الضربات الموجهة الى الرياض وحتّى الان. كما حصلت صنعاء على شحنات متعددة أخرى من صواريخ توشكا السوفياتية التي كانت بحوزة اليمن الجنوبي، والتي تعد أكثر ضرراً وفتكاً من هوا سونغ 5 وشقيقه هوا سونغ 6 نظراً لدقتها بشكل أكبر، حيث تملك سورية لوحدها فقط آلاف مؤلّفة، من هذه الصواريخ بجانب تصنيعها حتّى اللحظة في الداخل السوري، كما يملك حزب الله اللبناني آلاف مؤلّفة من هذه الصواريخ أيضاً، بجانب مصانع مصغرة لها لتصنيعها وتطويرها في الداخل الجغرافي الجبلي اللبناني. انّ حركة أنصار الله التي تقاوم العدوان السعودي الأمريكي الاسرائيلي البريطاني الفرنسي الاماراتي البعض العربي على اليمن، حصلت على شحنات اضافية أخرى من صواريخ أرض – جو السوفياتية، بحيث تم اعادة تصنيعها في اليمن وصارت تعرف بعد تطويرها باسم القاهر والقاهر 2، وذات مدى من 155 – 250 ميل بل وتتجاوز 300 ميل، وهو ما يجعلها قادرة على تهديد عدد كبير من جيرانها بمنطقة الخليج، ووصل بعضها مطارات الأمارات العربية المتحدة، وهنا ان تعاظم الدور الاسرائيلي في الحرب على اليمن وخاصةً بعد الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي – اتفاق ابراهام، فانّنا سوف نشهد صواريخ الجيش اليمني تدك دبي وأبو ظبي.

ما سبق ذكره من معلومات موثقة وتاريخية، تعرفها مجتمعات المخابرات الأمريكية والغربية الأوروبية المنافقة والوقحة، وكذلك المخابرات البريطانية وجهاز الموساد الصهيوني، بجانب ما قاله الرئيس اليمني الأسبق الجنوبي علي ناصر محمد في عمّان مع بدايات عام 2017 م، أنّ ايران لم ترسل ولو رصاصة الى اليمن وحتّى اللحظة، فماذا لو تدخلت ايران عسكرياً في المسألة اليمنية؟ كيف سيكون حال الداخل السعودي والداخل الأماراتي مثلا؟ لقد آن الأوان للعقلاء من الطرف البعض العربي المعتدي على اليمن والذي يعمل على تقاسم جغرافيته، أن يوقف هذه الحرب العبثية والتي تستنزف الجميع بالجميع، والمستفيد واشنطن واسرائيل والأرهاب، وانّ عدوى تقسيمه لليمن كما يسعى السعودي والأماراتي، سوف تعدي المعتدي وفي العمق وعبر الأمريكي، فأن تكون حليفاً لواشنطن أكثر خطورةً من أن تكون عدواً لها. من جهة أخرى، استمعت وبعمق، كمراقب ومتابع حثيث وشبق للمعلومات، الى تلك النصائح التي قدّمها ثعلب السياسة هنري كيسنجر طويل العمرالى الأدارة الأمريكية مؤخراً حول المسألة الكورية الشمالية، كون الأغراء لحل هذه المشكلة بواسطة هجوم وقائي مرتفع ومكلف، فنصح نواة قلعته الحديدية(أمريكا)حيث تعاني من شقوق هذه القلعة، والعرب من يعملوا على رتق هذه الشقوق بأموالهم، بألاّ تبدأ حرباً منفردة قرب الحدود الصينية الروسية، حيث القسم الكبير من دول العالم لا تؤيد واشنطن في ذلك، لكن في ذات الوقت يرى هذا الثعلب الدمث، أنّ الأعتراف بوضع كوريا الشمالية النووي، سيقود الى تدمير نظام منع انتشار السلاح النووي، وهذا سيدفع كل من كوريا الجنوبية واليابان الى العمل على انتاج أسلحتهما النووية الخاصة بهما، وأضاف كيسنجر أنّ هذا الأعتراف الرسمي بحق كوريا الشمالية في امتلاك السلاح النووي، سيسبب حتماً في التقليل من امكانيات وقدرات واشنطن على كبح جماح الدول الأخرى، عن استخدام مثل هذا النوع من الأسلحة. وهنري كيسنجر يدفع قلعة بلاده الحديدية التي تعاني من شقوق واسعة، الى أخذ دعم الصين وروسيّا، بهدف اجبار كوريا الشمالية على التخلي عن السلاح النووي والجرثومي والبيولوجي، وجعل شبه الجزيرة الكورية منزوعة السلاح النووي. لكن بالمقابل الثعلب الدمث هينري كيسنجر لم يتحدث عن خطر القيام بأعمال فردية ضد كوريا الشمالية، حيث هنا ناقوس الخطر الذي يجب أن ينبه له كيسنجر حول استفزازات رئيسه الزئبقي دونالد ترامب وتحرشه بكوريا الشمالية، فكيف ستقنع أمريكا العالم بهكذا رؤية مع وجود رئيس فوضوي، ينام العالم على تغريدة له ويصحو على أخرى؟ والشيء المضحك المحزن، أن بعض مملكات القلق العربي على الخليج والتي تعهدت لدونالد ترامب في تنفيذ برنامجه الأنتخابي في الداخل الأمريكي، وعلى رتق الشقوق في القلعة الحديدية الأمريكية، تلهث وراء تغريداته على أنها استراتيجية أمريكية في المنطقة، وهي في الواقع ليست سوى هرطقات سياسية سرعان ما يتراجع عنها، وفعلهم هذا هؤلاء – مملكات القلق العربي، أسميه أنا كاتب هذه السطور: استراتيجية اللهاث التويتريّة ازاء تتويت ترامب وصعاليكه على تويتر، لا بل أنّ احدى مملكات القلق على الخليج الساخن وهي السعودية، تسعى لشراكات مع الشركة التي تملك محرك البحث غوغل، لخلق وتخليق وادي سيلكون جديد لديها، كوادي السيلكون في سان فرانسيسكو. لقد تغاضى هنري كيسنجر عمداً عن نشر البنتاغون لمنظومات صواريخ ثاد الخطرة والأستراتيجية: Terminal Thad High Altitude Area Defense على تخوم الصين وروسيا الفدرالية المنافسين اللذين أشّرت لهما وثيقة الأمن القومي الأمريكية المستحدثة، ووصفتهما كقوى رجعية، وها هي استراتيجية عقيدة نووية أمريكية جديدة تستهدف كل من بكين وموسكو وطهران وبيونغ يانغ. فبأي حق يطلب هنري كيسنجر مساعدة الصين ودولته تجتاح مجالها الحيوي في شبه الجزيرة الكورية وبحر الصين الجنوبي، وفي ذات الوقت يدفع واشنطن الى التعاون مع الفدرالية الروسية لكبح جماح كوريا الشمالية، وتلتقي رئيسة وكالة الأستخبارات المركزية الأمريكية، مع كوادر مخابراتية روسية في واشنطن مؤخراً وتصرّح: أنّ عدم التعاون مع موسكو سوف يلحق الضرر الأكبر بالأمريكيين، وبلادهما تؤيد دعوات بلدربيرغيّة أمريكية الى عقيدة نووية أمريكية جديدة تستهدف الجميع المنافسين والحلفاء والخصوم؟ ونلحظ هنا انّ الرد الروسي جاء سريعاً على هذه الدعوات، ذات الصفاقات العسكرية الوقحة، بحيث تعمل على نشر صواريخ استراتيجية نووية، ازاء القواعد الأمريكية في أوروبا والبلطيق، مع نقولات هنا وهناك لصورايخ استراتيجية روسية في الداخل السوري، وفعل صيني عسكري متفاقم في الداخل السوري أيضاً ومنذ أكثر من ثلاث سنوات ويتعمّق. من قسّم شبه الجزيرة الكورية الى كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية بل ويمنع أي مقاربة بين شمالها وجنوبها؟ أجب يا سيد هنري كيسنجر، أليس الوضع الدولي اليوم سيد كيسنجر يشبه قانون الغاب، حيث البقاء للأقوى فقط؟ أليس بعد أن منعت دولتك كل من العراق وليبيا من أسس نموهما النووي بأن تم تدميرهما؟ وبلادك ما زالت تحاول بسورية ويصيب مشروعها(العسلجة بلغتنا الاردنية العاميّة) – امعسلج. استراتيجية دفاعية أمريكية جديدة، وتحديثات مستمرة لمفاصلها وتمفصلاتها الاممية وفعلها على الميدان الدولي، لثالوثها النووي البحري والجوي والصاروخي، وبالخلفية أيضاً تحديث، لمجتمعات استخباراتها وأفعالها القذرة في جلّ ساحات الخصوم والحلفاء على حد سواء، لوقف تآكل القوّة العسكرية الأحادية الشاملة، أمام الفدرالية الروسية والصين وكوريا الشمالية وايران، وهي استراتيجية تنافس من جهة، ومواجهة عسكرية ومخابراتية وسيبرانية من جهة أخرى، وحفاظاً على حيوية الأقتصاد الأمريكي وهو اقتصاد حروب. فأمريكا تتهم كل من روسيّا والصين بتقويض قوّة الناتو، والأخير من مخلفات الماضي التليد(نلحظ عمل أمريكي فعّال في انهائه للناتو، لكن الأوروبي متمسك به، كونه يرى أنّ الأمريكي يسعى الى شطبه للأوروبي بالمعنى الأستراتيجي عبر تقوية أوكرانيا عسكرياً واقتصادياً، والناتو يحمي أوروبا من روسيّا هكذا تفكر كوادر القارة العجوز)، وجاءت موضوعة مكافحة الأرهاب المعولم كأولوية ثانية في المسار العسكري التحديثي لواشنطن، وظهرت أمريكا في مفاصل رؤيتها العسكرية المتطورة، أنّها في غاية القلق من التمدد العسكري والأقتصادي لكل من الصين وروسيا وايران في أفريقيا والشمال الأفريقي، وترى أنّ القوّة العسكرية هي الوسيلة الوحيدة لفرض الهيمنة والقرارات على العالم، فوجدت ملاذها وأخيراً في خلع القفّازات وقرع طبول الحرب لأستعادة ما فقدته من نفوذ في العالم، حيث الأستخباراتيون الأمريكان يعودون من جديد في الخارجية الأمريكية، والعيون تلو العيون على ديفيد شينكر صديق برامكة الدولة الأردنية من حزب واشنطن في الداخل الأردني، ولمواجهة صراعاتها من تحت الطاولة ومع بريطانيا أيضاً، ووصفت كل من روسيّا والصين كقوى رجعية، وصار جليّاً للجميع ومن خلال فواصل ونقاط الخطاب العسكري الأمريكي، أنّ واشنطن لم تحارب الأرهاب الدولي يوماً، لا بل عملت على رعايته وتسكينه وتوطينه واستثمرت فيه، ومع كل ما سبق لم تعد أمريكا في قاموس البوط العسكري وقاموس البوط الأقتصادي(باعتبار الأقتصاد الأمريكي اقتصاد حروب وقائم عليها)تتصدر القائمة، فجاءت استراتجيتها الدفاعية الجديدة كنوع من الحنين الى ماضي الأحادية في ظل عالم ينحو نحو التعددية وحفاظاً على الأمن والسلم الدوليين، وهنا عرّت التعددية القطبية الهدف الأمريكي، فصار حلم ووهم. موسكو ردت على واشنطن بتعقل وعلى لسان سيرجي لافروف: انّ الأستقرار العالمي رهن التعاون بين موسكو وأمريكا، وفي الخفاء الرد الروسي له سنوات على أرض الميدان العالمي، وبتشارك مع الصين وايران بالمعنى الأقتصادي والمالي والسيبراني والعسكري، وتم تظهيره مؤخراً قبل سنوات في سورية والعراق والعمل مستمر بلا توقف أو كلل أو ملل.

Mohd_ahamd2003@yahoo.com
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023