كتب عارف العلي: «مربط الفرس» بالعشق السعودي للأردن

لا يختلف اثنان أن هناك العديد من المصالح المشتركة التي يمكن وصفها اليوم بـ«الأزمات المشتركة» التي تجعل من العلاقة بين الأردن والسعودية ضرورة قد فرضتها الجغرافيا السياسية ما يخلق واقعاً من المصالح المفروضة على الطرفين، غير أن عدم التزام الرياض بعدد من الوعود تجاهها وتجاه دول مجاورة يجعل الآمال الأردنية تتبدد.
لكن اللافت هذه الأيام شحنة العشق السعودي تجاه عمان بعد سنوات من القطيعة والتهميش والإذلال، وتجاهل التسول الأردني عمداً، فما هو مكمن السر؟ هل لأن جبهة اليمن ملتهبة ومع العراق نار تحت الرماد ومع قطر حدّث ولا حرج، ولا تريد جبهة إضافية؛ وقد تكون أخطر الجبهات؟.. أم للتخلص من خطر الهاشميين المستمدين جذورهم الضاربة في الحجاز وحقوقهم التاريخية ونزع الشرعية من الأردن بالوصاية على القدس الشريف تمهيداً لما يُحاك في الغرف المظلمة؟.. أم لقطع الطريق على الكويت التي شعرت هي الأخرى باستفراد الرياض وأبو ظبي بملف الأردن وقضايا الخليج؟.. أم الخوف من انتقال عدوى الاحتجاجات الشعبية الأردنية إلى عباءات ممالك وإمارات ومشايخ الخليج في ظل انخفاض أسعار النفط وما يرافقه من فرض ضرائب سرية وعلنية ومصادرات بحجة محاربة الفساد؟.. أم الخشية من انسلال عمَّان من تحت العباءة الخليجية رويداً رويداً بالاعتماد على ذاتها، وتحقيق الاكتفاء الذاتي بعد أن فقدت الأمل بالمساعدات والهبات الخليجية المتوقفة أصلاً من سنتين باتجاه محور تركيا- قطر؟.
أم إن التحذير جاء من تل أبيب لأبناء عمومتهم أمراء الخليج من انهيار خط الدفاع الأول الممتد إلى ما يزيد على 590كم مع «إسرائيل»، ومثلها ويزيد مع السعودية قد يشكل فاتحة لكارثة على «إسرائيل» والرياض؟ أم إن السبب هو افتتاح الخط الملاحي بين عمَّان والدوحة مؤخراً، وبهذا يستطيع الأردن تصدير عشرات الآلاف من أطنان الخضر والفواكه كل يوم؟ ما يعني كسر الحصار عن عدوتها اللدودة قطر، وهذا ما أغضب النظام السعودي فأشعل فتيل الأزمة في الأردن وأطفأها بجرعة مسكنات لا تسمن ولا تغني من جوع.
دونما أدنى شك أن هذه الأسباب مجتمعة هي بالفعل الدافع إلى تخوف الدول الخليجية، ولاسيما السعودية، من وصول نسيس النار إلى عباءتها الجاهزة للاحتراق أصلاً.
الأردن يعي جيداً ويتوجس شراً من النظام السعودي الذي تآمر على العراق ودعم الإرهابيين في سورية، وعاقب لبنان ويغزو اليمن ويحقر البحرين والكويت ويحاصر قطر، وهو ذاته يتآمر عليهم لضمان تبعيته المطلقة له عبر مساعدات تارة وتجويع تارة أخرى، وافتعال أزمات داخلية لجلب الملك الأردني إلى الحضن السعودي- الإسرائيلي لتنفيذ «صفقة القرن».. وهنا مربط الفرس.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023