كتب محسن النابتي: المغرب العربي..الاشتباك أم التشبيك؟

كتب محسن النابتي: المغرب العربي..الاشتباك أم التشبيك؟

يعيش المغرب العربي كما كان منتظرا على صفيح ساخن،حيث تفاقمت الأوضاع بين المغرب والجزائر وباتت الحرب أقرب من التسوية وبدأ الوضع يلقي بظلاله على العلاقات التونسية المغربية،ليبيا تعيش مرحلة ترقب فالانتخابات ان حصلت قد تكون نتيجتها حرب وان لم تحصل قد تكون ايضا نتيجتها حرب كذلك.
طبعا العنوان الظاهر للصراع المغربي الجزائري هو الصحراء الغربية ولكن الحقيقة غير ذلك فالصراع الحاصل اليوم تتداخل فيه عدة عوامل أهمها صراع الطاقة وممرات الغاز حيث تم قطع الطريق أمام انبوب الغاز نيجيريا الجزائر عبر النيجر من خلال نشر الجماعات الارهابية في المنطقة مما جعل هذا المشروع صعب التحقيق وهذا ما يدلل مرة أخرى على الدور الوظيفي لهذه الجماعات وهنا يأتي الدور الفرنسي و”الاسرا ئيلي” فقد اتهم قائد الجيش المالي فرنسا بدعم جماعات ارهابية في شمال مالي والهدف الضغط على الجزائر وتعطيل مصالحها جنوبا.
في المقابل اندفعت المغرب بقوة في اتجاه اقامة علاقة كاملة وشاملة مع “اسرا ئيل” وبات الحديث عن نقل الغاز النيجري عبر المغرب بعد أن يمر من خمسة بلدان في غرب افريقيا ليشق طريقه بعيدا عن الجماعات الارهابية التي تمركزت في مالي والنيجر والتشاد …
في ليبيا أيضا يتجلى الصراع حيث فتحت الجزائر مسارا سياسيا مختلفا عن مسار الصخيرات في المغرب وتحاول ابعاد المغرب نهائيا من الساحة الليبية.
التراجع الفرنسي يحتم ايجاد قوة اقليمية تملأ الفراغ الاستراتيجي في المغرب العربي وافريقيا جنوب الصحراء خاصة أمام توجه الثقل الأمريكي الى مواجهة الصين في الشرق الأدنى،والقوتين المؤهلتين هما المغرب والجزائر،فقد استفادت المغرب من عزلة الجزائر الطويلة ومن انهيار ليبيا وأزمة تونس الطويلة لترسي شبكة مصالح اقتصادية مهمة في افريقيا.
ومما سهل عمل المغرب هو انها تعمل جنبا الى جنب مع “اسرا ئيل” في حين الجزائر تواجهها،في المقابل يواجه كلا البلدين التحدي التركي الذي تمدد في دول الصحراء الافريقية.
كذلك الوضع الدولي حيث تقف الجزائر في الحلف الروسي الصيني وتعتبر أهم محطة من محطات مشروع الطريق والحزام وما حديث الرئيس الجزائري عن اعادة النظر في الشراكة مع الاتحاد الاوروبي الا تأكيد لهذا المنحي المشرقي الجديد القديم للجزائر والعلاقة الروسية الجزائرية متينة جدا وروسيا ستقف مع الجزائر في أي مواجهة مرتقبة.
بالنسبة لتونس 25 جويلية كل المؤشرات تؤكد أنها تقترب من السياسة الجزائرية بشكل كبير فالخطاب السياسي للرئيسين في علاقة بالسيادة متقارب مع مرعاة فارق القوة بين الدولتين،الموقف من الكيان الصهيو ني متشابه الى حد بعيد وان كان يأخذ منحى هجومي بالنسبة للجزائر ويأخذ منحى دفاعي بالنسبة لتونس.
الاشتباك الحاصل الآن اذا استمر سينهي مشروع المغرب العربي على المدى المتوسط وقد يفرز محور قرطاج-المرادية على حد تعبير الدكتور رافع الطبيب وقد تذهب المغرب والجزائر الى مواجهة عسكرية ستلحق ضررا بالغا بالبلدين وستفاقم من التواجد الاجنبي في المنطقة،اذا اضفنا هشاشة الوضع في ليبيا حيث الحرب أقرب دائما حينها ستتم بلقنة المغرب العربي على غرار المشرق العربي،وقد نتجه الى تصدع الدول والمجتمعات او ما يمكن أن نعبر عنه بالاشتباك الشامل على غرار ما يحصل في المشرق العربي حيث تصدعت الدولة وتصدع المجتمع نفسه…
بديل الاشتباك المدمر هو التشبيك المربح للجميع،بحيث تتحول المنطقة الى كتلة مصالح متبادلة وموحدة تجعل من كل المخاطر فرص،فبدل الصراع على ممرات الطاقة يتم تحويل المنطقة مركز عالمي للطاقة نظرا للامكانيات الذاتية خاصة في الجزائر وليبيا والجغرافيا السانحة والمواتية لنقلها لامداد العالم بالنسبة لتونس والمغرب،وبدل الصراع على ملأ الفراغ الاستراتيجي الذي تتركه القوى الدولية المتراجعة يتم توحيد الجهود والتحول الى قوة اقليمية موحدة تدير الساحل والصحراء لحسابها وحساب شعوبه بدل ادارته بالوكالة أو التنازع عليه…
يبدوا الاشتباك أقرب من التشبيك بالمعطيات الحالية ولكن يبقى الدور الغائب هو دور شعوب المنطقة التي وجب ان تتحرك كمجتمع مدني وسياسي وثقافي لتفرض حراك داخلي ينحى منحى نزع فتيل الأزمات ويواجه بقوة الأدوار الخارجية خاصة الدور “الصهيو ني” المدمر
وكذلك دور القوى الاستعمارية وأدواتها المحلية الوظيفية التي ترغب في بلقنة المنطقة وتفتيت دولها للحفاظ على مصالحها ونفوذها…

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023