كتب محمد الأمين: الحلم الأمريكي يتحول إلى كابوس.. هل يحقّ لواشنطن أن تحاسب العالم على الإنسانية والحقوق في ظل ما يجري بمدنها وشوارعها؟

كتب محمد الأمين: الحلم الأمريكي يتحول إلى كابوس.. هل يحقّ لواشنطن أن تحاسب العالم على الإنسانية والحقوق في ظل ما يجري بمدنها وشوارعها؟

مشاهد الفوضى والنهب والتخريب الغاضبة والمندسّة التي نشاهدها في عدة مدن أمريكية دافعها الرئيسي هو العنصرية والاستهداف الأمني والتمييزي للمواطنين على الهوية العرقية واللون والثقافة.. اليوم نرى وجهاً قديما للمجتمع الأمريكي كان الجميع يخاله قد ذهب وولّــى واختفى بالقوانين واللوائح والنُّظُم المكتوبة، الكن الحقيقة أنه ما يزال متغلغلا بل وحاكماً ومُحدِّدا في معقل الحضارة المادية الأولى المهيمنة على العالم، والتي أقدمت في عديد المرات على استهداف بلدان وإسقاط حكومات وأنظمة واقتراف جرائم اغتيال وتصفيات سياسية بداعي تورطها في التمييز والانتهاكات.. الحضارة الأمريكية المعاصرة التي قامت على ما يسمى بـ”الحلم الأمريكي” تنتهك حقوق المكونات العرقية على في عقر دارها، وتمارس ازدواجية محرجة لمكانتها وموقعها الذي زجّت به المتغيرات الراهنة والمتسارعة في دائرة التهديد والانحسار..

هل يمكن لأمريكا اليوم أن تحاجج أحدا في الحقوق والحال أن المكوّن العرقي الأسود الذي بنى حضارتها وحمل على عاتقه أكثر المهام التاريخية مشقة وعسرا يتعرض إلى القتل على المباشر؟ وهي ليست المرة الأولى ولا الأخيرة بالطبع.. فحالات قتل السود هي الأكثر تكرارا ودموية وساديّة وبشاعة.. وعقدة التفوق العرقي ما تزال حاكمة وراسخة في أذهان ووعي النخب الحاكمة والسلطات المختلفة في أمريكا.

إن المرحلة التاريخية الراهنة في أمريكا لا يمكن إلا أن تبعث على الكثير من القلق بشأن مستقبل الحضارة الأمريكية والقوة الأمريكية، وهذا كلام يؤكده خبراؤها ومفكّروها الذين يبشرون بحقبة انهيار وسقوط تبدأ حُكمًا بالتردي القيمي والأخلاقي والاحتقان والغضب وصولا إلى مواجهة السلطة بالقوة في الشوارع.. بدأ هذا بالانحياز الممنهج للاحتلال الصهيوني لفلسطين وتأييد الكيان الإرهابي في انتهاكاته وتقتيله وتمييزه وعنصريته.. واستمر بالتآمر على الشعوب والإسهام بتدمير مكاسبها ومقدراتها وأوطانها.. وكذلك بتسليم قوة كونية عظمى لمقاليد الأمور فيها إلى طبقة سياسية عنصرية وعدوانية هي ما يسمى بالصهيونية المسيحية أو المحافظين الجدد.. لتصل إلى تصعيد شخصية جاهلة ومتغطرسة مثل دونالد ترامب إلى الموقع التنفيذي الأول في أمريكا.. وما تزال الحلقات المحرجة للقوة الأكبر في العالم متواصلة خصوصا محنة الكورونا، والخسائر المروّعة التي تسبّبت فيها السياسات العرجاء في التعامل مع الوباء..

الحضارة الأمريكية ليست في أحسن أحوالها وسط تحديات غير مسبوقة في تاريخها.. ولا شكّ أن للسقوط القيمي والأخلاقي الدور الأكبر في ذلك.. وهذا لن يمرّ دون أن يفاقم الجراح ويحوّل التردّد إلى ترهّل، فتصدُّعٍ، فضعف، كما كان عليه الأمر دائماً مع كل الحضارات السابقة والقوى المهيمنة الغابرة على مرّ التاريخ..

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023