(كسر النظام العالمي أحادي القطب) آخر معارك أمريكا…بقلم: عارف العلي

(كسر النظام العالمي أحادي القطب) آخر معارك أمريكا…بقلم: عارف العلي

نعم، فنزويلا لديها أكبر احتياطي نفط في العالم حتى الآن، وقد يعزو البعض هذا العداء الأمريكي لفنزويلا إلى رغبة واشنطن في السيطرة على هذه السلعة الاستراتيجية.. لا ننكر أهمية ذلك، ولكن جوهر الصراع يبقى في رأيي، ولا أدّعي المعرفة، هو محاولة الحفاظ على أحادية القطب الأمريكي سواء في الشرق الأوسط أو أمريكا اللاتينية أو في أفريقيا أو جنوب شرق آسيا، ولاسيما بعد بروز قوى أخرى وتكتلات اقتصادية عالمية أصبحت تهدد الهيمنة والتسلط اللذين تمارسهما أمريكا على الدول أكثر من ربع قرن تقريباً. ويكفي أن نستحضر هنا ما قاله وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد بعد أحداث الحادي عشر من أيلول عام 2001 والذي حدد من خلاله حاجة البنتاغون للسيطرة على حقل النفط في إشارة إلى فنزويلا العائمة على محيط من النفط والثروات النادرة من أجل الحفاظ على أحادية القطب في العالم.
نعم، هذا هو السر وبيت القصيد، وهذا هو بالضبط ما تحاول الولايات المتحدة فعله اليوم، وإحباط المشروع الأمريكي مؤخراً في مجلس الأمن بشأن فنزويلا ورئيسها الشرعي المنتخب نيكولاس مادورو بفيتو روسي- صيني مزدوج ما هو إلا دليل إضافي على هذا الصراع على الساحة الدولية لكسر النظام العالمي القائم على أحادية القطب.
نعم، فنزويلا هي الحديقة الخلفية لواشنطن، وهي تشكل شوكة في حلق الاستراتيجية الأمريكية في أمريكا اللاتينية وتقف في وجه عربدة أمريكا ومحافظيها الجدد ومشروعهم الأمريكي الكوني.
ومن هنا نقول: إن فنزويلا وفق رؤية الأخيرة هي آخر ساحات الصراع الذي تخوضه واشنطن للإبقاء على أحادية القطب بعد دخولها مرحلة التآكل من الداخل والخارج.
كلام ترامب عن ضرورة التغيير في فنزويلا لا يُسمن ولا يغني من جوع، وقد تكون في آخر المطاف محاولة لتخدير المحافظين الجدد وإلصاقه هزيمة نكراء بهم في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة.
نعم، حسابات الحقل الوهمية عند النخب الحاكمة في الولايات المتحدة وبعض دول أمريكا اللاتينية لم تكن متطابقةً مع حسابات الواقع الميداني في فنزويلا، فالمشروع الانقلابي الذي ينكشف أمامنا يدلّ على مدى الارتجال داخل الإدارة الأمريكية، فالرداءة في المعرفة تواكب رداءة في التخطيط والحساب، إضافة إلى فقدان بوصلة الأخلاق والتهذيب.. وهذه علامات الانهيار من الداخل.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023