كيف نحوّل تهديد كورونا الى فرصة لدعم الاقتصاد المقاوم وتكريس السيادة الوطنية!؟

كيف نحوّل تهديد كورونا الى فرصة لدعم الاقتصاد المقاوم وتكريس السيادة الوطنية!؟

بقلم هشام البوعبيدي |

بعيدا عن سوداوية المواقف التي ما عادت ترى الا صور المصابين ولا تحصي سوى أعداد ضحايا فيروس كورونا، كي تطلق ولولتها بالويل والثبور وتبث فيمن يتابعها سرابيل من يأس وقنوط ونكوص، لكأن جذوة الحياة على سطح الكوكب شارفت على الانطفاء ومصير العالم قاب قوسين أو أدنى من الانتهاء…بيد أنه، ودون تقليل من حجم الكارثة التي يمثلها هذا الوباء والأرواح التي حصدها، فإننا نرى في محنة “الكورونا” منحة لتعديل أوتار سياستنا الاقتصادية والاجتماعية… المرتهنة  “طوعا وكرها” لمقررات خارجية عبثت بها وجعلتنا نتذيل سلّم الأمم.

لقد كشف هذا الوباء زيف القناع “الانسانوي” الذي كانت تتخفى خلفه أغلب الأنظمة الغربية، وأطاح بـ”الأقنوم” الرأسمالي في نموذجه الأمريكي باعتباره نهاية التاريخ كما نظّر له المحافظون الجدد، فإذا به ينهار ويهوي، غير مأسوف عليه، بعدما انخرم في عموده الفقري(الاقتصاد)، وإذا بالدول التي “كانت تشعّ حضارة وإنسانية وتدعي بمراء مراعاة حقوق الانسان” تتنازع على قرصنة شحنات الأدوية والمعدات الطبية، وتقوم بحرمان أمم وشعوب أخرى من حقها في المداواة والتصدي لهذا الوباء، إما عبر افتكاك مواردها أو عبر الإصرار على تشديد العقوبات ضدها ومنعها مما يكفل لها أفضل سبل التصدي لهذا الوباء.

باتت أمامنا فرصة مواتية للإلتفات الى ما يخصّنا وتخليص أنفسنا من نير التبعية المذل ورذالة التسوّل والتوسّل بمختلف أشكالها وتمثلاتها، وبلغة الفيلسوف الرواقي العظيم “أبكتات”، نهتم بما “أمره بيدنا ce qui dépend de nous”، وليس بدعا من الأمر، وكل الدول باتت تقوم بإجراءات حمائية لاقتصادها ومواردها ومدّخراتها، فمن باب أولى أن نولي اهتمامنا لما يغنينا عن الاحتياج لغيرنا ولو في مستوياته الدنيا، فقد أصبح من اللازم والضروري خلق اقتصاد وطني مقاوم يقينا جوائح الاهتزازات التي تشهدها الساحة الدولية الغير منتظمة، وتكريس السيادة الوطنية عبر تعزيز الإجراءات والتدابير لحماية القطاعات التي لا غنى عنها والتي تم تهميشها لعقود والحط منها لفائدة قطاعات أخرى بان بالكاشف أنها لم تُسمِنّا من جوع ولم تُؤمِنا من خوف.

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023