لا تقنطوا ولا تحبطوا ولا تيأسوا…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

لا تقنطوا ولا تحبطوا ولا تيأسوا…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

لا شك ان البعض منا أصابه نوع من الإحباط أو اليأس بعد ان تم إلقاء القبض على المناضلين وعودتهم الى السجون وبهذا تكون الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وبالتعاون مع أجهزة السلطة الفلسطينية كما صرح حسين الشيخ وهو ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي مبررا الخيانة انها كانت ضرورية للحفاظ على حالة من الاستقرار في جنين وعدم تصعيد الوضع الأمني بالمدينة وهو نفس ما كان ان صرحت به الأجهزة الأمنية الإسرائيلية منذ البداية فهي كانت تتعامل بحذر خوفا من وقع اشتباكات مع المقاومين وتفقد عدد من قواتها كما حصل عند اقتحام مخيم جنين سابقا عام 2002 .

من الضروري ان ننظر بحكمة الى ما جرى حتى لا يصيبنا حالة اليأس او القنوط او فقدان الامل فهذا ما يريده العدو الصهيوني لنا بالإضافة الى السلطة الفلسطينية التي يحاول جهابذتها وحتى بعض ما يطلقون على أنفسهم “المثقفين” وسواء عن قصد او جهالة يبثون روح الاستسلام والهزيمة في جموع الشعب وخاصة بين غير المسيسين منهم.

دعونا أولا ان نتفق ان هؤلاء الابطال المقاومين اللذين انتزعوا حريتهم ولو لبضعة أيام كانوا يتحركون في ارض محتلة المراقبة ليلا ونهارا بإستخدام أحدث أنواع أجهزة التجسس. هذا عن وجود الجواسيس والعملاء اللذين دسوا لتمشيط المواقع سواء من كتيبة المستعربين الصهاينة او العملاء اللذين جندوا لها الغرض الى جانب عيون وكلاب السلطة وبالتالي فهم يتحركون في أرض عدائية بالإضافة الى انها محتلة. وبالتالي فإن الحصول على مكان آمن لفترة طويلة في داخل هذه الجغرافية المحدودة والمحاصرة سيكون ضربا من شبه المستحيل إن لم يكن مستحيلا. وكنت قد ذكرت سابقا ان هؤلاء الابطال امام طريقين لا ثالث لهما. إما طريق الشهادة لو تمكنوا من تحصيل السلاح والاشتباك مع العدو الصهيوني وإما ان يقبض عليهم ويعودون الى السجون وهو ما حصل.

دعونا ثانيا أن نتفق ان هذه الحادثة صوبت البوصلة تجاه أسرنا في السجون وما يعانيه هؤلاء السجناء وبلغت الرسالة والمعلومات وربما لأول مرة بهذا الانتشار وتوليد الاهتمام العالمي بهذه القضية بشكل غير مسبوق. عمل وزارة خارجية الدولة الوهمية خلال عقود من الزمن لم يأتي بالجزء اليسير مما فعله هؤلاء الابطال في بضعة أيام بتسليط الضوء على السياسة الهمجية والنازية التي يتبعها الاحتلال في التعامل مع اسرانا.

والبعض تساءل متى سينتهي كل هذا القهر والظلم من الاحتلال والسلطة معا؟ وهذا السؤال محق ومشروع لكل من يرى ماذا يحدث من تواطىء علني للسلطة وبدون خجل. فقمة هرم السلطة يصرح ليلا ونهارا ان التنسيق الامن مع الكيان الصهيوني مقدس.

وللإجابة على هذا السؤال وبتواضع يمكن القول بأنه عاجلا ام آجلا سيحدث الانفجار. ولكن يجب ان ندرك ان العملية النضالية ومكتسباتها هي عملية تراكمية وإذا ما قارنا الوضع في السابق عما نحن عليه الان نجد اننا على الارض اقوى مما كنا عليه. فكل هذه الحراك الشعبي والشبابي سواء ضد الاحتلال الاسرائيلي وضد السلطة على وجه التحديد يتنامى وبشكل متسارع لم نشهده من قبل والسلطة تكشفت بشكل أكبر من اي وقت مضى ليس على مستوى الفساد فقط بل على مستوى الخيانة الوطنية لرجل الشارع العادي وليس المسيس فقط. بمعنى ان العامل الموضوعي متواجد ولكن يجب إنضاج العامل الذاتي وهذا ما تخشاه السلطة والكيان الصهيوني والولايات المتحدة وكل الاذناب في المنطقة ولذلك سارعوا في محاولة بائسة كالعادة للتوحد والاتفاق الى ضخ بعض الاموال وإطلاق الوعود بتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للناس سواء في الضفة او قطاع غزة. هذا ليس دلالة على كرم أو منة أو هبة بل انه دلالة على إدراكهم ان الأوضاع السياسية والاقتصادية وتفشي الفساد المستشري في أجهزة السلطة والخيانة المكشوفة وسياسات الاحتلال الفاشية كلها أصبحت بمجملها برميل نفط قابل للانفجار في اية لحظة متى توفر العامل الذاتي

كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023