لتكن نقطة تحول…بقلم حازم العواضي

لتكن نقطة تحول…بقلم حازم العواضي

نتائج زيارة اردوغان المفاجئة لتونس في 25 ديسمبر من سنة 2019  كانت سببا رئيسيا في افراز موقفين مختلفين بين مؤسسة الرئاسة وعلى رأسها الاستاذ قيس سعيد  ورئيس البرلمان الاستاذ راشد الغنوشي،  رؤيتين اقليميتين مختلفتان خاصة في ما يخص المفصل الليبي،   رفض رئيس الدولة وقائد القوات المسلحة التونسية التواجد التركي العسكري على الاراضي التونسية كان موقفا وطنيا وسياديا  كافيا لازعاج رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي …عدم التناغم بين الرئاسات الثلاث يعتبر نقطة ضعف يجعل من تونس خاصرة رخوة يستغلها المتصارعون على ليبيا …من هنا كانت هناك دوافع امنية لتحركات الرئيس وتصريحاته ومواقفه واخيرا اختياره لشخصية رئيس الحكومة السيد هشام المشيشي  والذي يشغل راهنا وزير داخلية وسيكلف بتكوين الحكومة الرئيس الثانية في غضون شهر على اقصى تقدير .

الملف الامني في تونس يبقى دائما اولوية  خاصة والوضع الاقليمي الراهن يواجه تحديات ودق لطبول الحرب التي لا نتمناها. زائد  الى ذلك انعدام الثقة بين الاحزاب والوضع المتشنج بينهم والذي فيه الكثير الكثير من الصبيانية والقليل القليل من الحكمة والتبصر،   وربما الكثير من شعبنا العظيم  يتساءل هل نحن في دولة أحزاب ام  أحزاب دولة .

انعدام الثقة بين الفرقاء السياسيين أراه أهم دافع يجعل من هذه الاطراف المتنازعة تذهب في اتجاه البحث عن دعم خارجي يحمي ظهرها،  طبعا انا لا أبرر  الاستقواء بالخارج فهي خيانة للوطن والشعب والتاريخ  هذا بلا تردد،  لكن أردت ان أشير الى نقطة مهمة  كيف يمكن لنا كأحزاب ومجموعات وتنظيمات ان نحمي ظهور بعضنا ونحافظ على اختلافنا وتنوعنا حتى نرتق كل صدع يمكن ان يتسسلل منه الطامعون ونقطع دابر التدخل في شؤوننا الداخلية،  فتقوى جبهتنا الداخلية وتتحصن بذلك سيادتنا امام الامم.

لا نريد لديمقراطيتنا ان تكون كلعبة الاطفال التي تعطى لهم لتخول للكبار ان يقوموا بأعمالهم …و لا نريد لساستنا ان يكونوا كالأطفال المنشغلة باللعبة فيغفلوا عن فعل الكبار  …الديمقراطية التي لا تنبثق من المعنى الدقيق لسيادة الكاملة ولا تقود لتحرر والقوة …هي عبارة على نار تذهب(بضم التاء) الأبصار وتخلف الرماد ..او كسراب يحسبه الضمآن ماء.

هي مسألة ملحة ان يلين العقل السياسي في تونس الى الحكمة وتوسيع الرؤية والخروج من الجاذب الحزبي الضيق الذي يغلب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة والدخول في رحاب الوطن الكبير والدولة الظابطة،  كل الاشارات تقول ان حكومة الرئيس الثانية ستكون مصغرة وعلى مسافة متساوية من الاحزاب تشتغل على كراس شروط دقيق جدا  بكمية أمنية كبيرة نظرا للحالة المتوترة في الاقليم  وعين كبيرة ايضا على النزيف الاقتصادي ومحاربة الفساد والاقتصاد الريعي المنهك لدولة والناس،  ربما  هي فرصة اخرى تتاح للأحزاب  لتعيد تمحيص رؤيتها وأسلوبها في تعاطي  وتنظيم العمل السياسي  وتشتغل بعيدا عن توريث الاحقاد بين الاجيال …و طبيعيا هنا أن نستثني المتورطين قضائيا  في زعزعة امن البلد.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023