لكي لا نضع تحرير المرأة في تعارض مع تحرير فلسطبن؟!

لكي لا نضع تحرير المرأة في تعارض مع تحرير فلسطبن؟!

بدفع من جهات أوروبية ممولة يحاول البعض في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 فرض إتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة “سيداو” التي اقرتها الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1979 على المجتمع الفلسطيني كبديل للقوانين المعمول بها هناك .
ويلاحظ المراقبون السياسيون ان اكثر الناس تحمساً لتنفيذ هذه الاتفاقية بعد السلطة الفلسطينية هم تقدميون ويساريون وعلمانيون سابقون يعملون في منظمات غير حكومية تمول من قبل جهات مانحة آوروبية دون مراعاة لخصوصية مجتمعنا وتركيبته العشائرية التي يحتل فيها الفكر الديني مواقع قوية.
وفي هذا الإطار فإنه يجري آتهام كل من يعارض تطبيق هذه الإتفاقية و معها قانون حماية الأسرة الذي أقرته الحكومة الفليطينية بالقراءة الآولى في الحادي عشر من أيار مايو الماضي لكي لا يؤدي التطبيق المتسرع تحت ضغط المالي الى تهديد السلم الأهلي الفلسطيني، بالرجعية والتخلف والظلامية، ليس لأن  من يدافعون عنهما لا ينامون الليل لان المرأة لا تحصل على كل حقوقها او لانه يمارس ضدها تمييز كما يدعون وإنما لانهم يريدون المتاجرة بهذه القضية النبيلة من أجل الحصول على المال..
ولكي لا أتهم بالمبالغة فإن الدول و الجهات المانحة ليست جمعيات خيرية بريئة من الاعتبارات السياسية كما تدعي بقدر ما هي ضالعة في مخطط لتصفية القضية الفلسطينية لمصلحة إسرائيل بدليل ان المؤسسات الوطنية الفلسطينية بما فيها المقدسية أصدرت مؤخراً بيانات أوضحت فيها أن الاتحاد الأوروبي طلب منها إدانة المقاومة الفلسطينية واعتبار نضال الشعب الفلسطيني إرهاباً كشرط لتقديم المساعدات المالية لها، كما ان حكومة النرويج ربطت بدون خجل بين تقديم تلك المساعدات و تغيير المناهج الدراسية الفلسطينية في انحياز مفضوح للرواية الصهيونية.
وعود على بدء فان تحرير المرأة، وهي نصف المجتمع، من الاستغلال والاضطهاد ومن كل ما يسيئ الى كرامتها هو من المسائل الضرورية في كل زمان ومكان، ولكن في واقعنا الملموس فإنه لا يمكن تحقيق هذا الهدف النبيل إلا بتحرير المجتمع كل من الاحتلال وبالتالي من التقاليد البالية بمختلف اشكالها ومظاهرها.
وبكلمات أكثر وضوحاً فإن كل ما من شأنه أن يلهي الناس عن مواجهة صفقة القرن ومشروع الضم بالتحديد إتفاقية سيداو وقانون حماية الأسرة هو مرفوض شكلا وموضوعاً. وبعد تحرير الارض والانسان واستعادة الحقوق يمكن الخوض في اي شيء على قاعدة ملاءمتة او عدم ملاءمته لقيمنا الدينية والأخلاقية.
وأقولها بشكل واضح بان المطالبة بتحرير المرأة على الطريقة الغربية، والمطالبة بحرية العلاقات الجنسية والبغاء والزواج المثلي وانجاب الأطفال بدون زواج واشهار رسمي هو جريمة بحق المرأة والرجل.
ومن يطرح غير ذلك فأنه ليس بماركسي ولا بتقدمي و يعمل بوعي او دون وعي على نقل أمراض الراسمالية المتوحشة الى بلادنا لخلخلة تماسك مجتمعاتنا وتدمير وحدتها لمصلحة اعدائنا.
فالماركسية تربط بين تحرر المرأة وتحرر المجتمع وتعارض تسليع المرأة اي تحويلها إلى سلعة كما تعارض كل ما يمتهن من كرامتها وإنسانيتها وانوثتها.
وبانتظار ان نحرر وطننا وتبني دولة المواطنة التي توفر المساواة الحقيقية لا الشكلية والكلامية بين المرأة والرجل فإن المطلوب من كل واحد منا ان لا يضطهد زوجته وان لا يحرم شقيقته وإبنته من الميراث وان لا يتحرش جنسياً بمن اضطرتهن الظروف للعمل لديه من أجل إعالة أسرهن.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023