لماذا أصبحت دول عربية على رأس قائمة المستوردين للأسلحة في العالم؟

لماذا أصبحت دول عربية على رأس قائمة المستوردين للأسلحة في العالم؟

بلا منازع، تتصدّر دولة خليجية أكثر الدول استيراداً للسلاح على مستوى العالم، في حين أن دولاً عربية أخرى هي ضمن أول 10 دول استيراداً للأسلحة، بما يعكس واقع الحروب التي تشهدها المنطقة والشرق الأوسط.

وبطبيعة الحال، شكلت الأزمات الإقليمية المتلاحقة دافعاً أساسياً لزيادة الإنفاق على التسلح، ولكن مع ازدياد أهميته الاقتصادية للدول المنتجة والمصدرة، وهي في الغالب ذات ثقل على الساحة الدولية؛ بات ذلك الإنفاق يشكل أيضاً ورقة تستخدمها الأنظمة لشراء مواقف سياسية أو دبلوماسية.

وتتصدر السعودية بشكل خاص، والخليج بشكل عام، إضافة إلى مصر والجزائر في هذا القطاع، ويظهر من الدراسات أنّ أغلب الأسلحة التي تستخدم في الصراعات في الشرق الأوسط، هي تلك التي تستورد من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن.

دول عربية في المقدمة

يقدم معهد “استوكهولم” الدولي لأبحاث السلام، في تقريره حول حجم صادرات السلاح في العالم بين 2015 – 2019، صورة قاتمة حول ارتفاعها خلال السنوات الخمس الأخيرة، التي ازدادت بنسبة 5.5%، مقارنة بالأعوام 2010 – 2014.

يقول التقرير الذي أصدره المعهد هذا الشهر، إن السعودية أصبحت أكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال خمس سنوات (2015 – 2019)، وتشير الإحصائيات إلى أن وارداتها من الأسلحة خلال تلك الفترة زاد بنسبة 130%، مقارنة بذات الفترة (2010 – 2014).

كما تشير الإحصائيات إلى أن واردات الأسلحة السعودية في السنوات الخمس الأخيرة (2015 – 2019) تمثل 12% من إجمالي واردات الأسلحة العالمية خلال تلك الفترة.

وكشف التقرير أن مصر احتلت المرتبة الثالثة عالمياً في استيراد الأسلحة في نفس الفترة، حيث بلغت وارداتها من الأسلحة نحو 5.58% من السوق العالمية.

ووضع التقرير الجزائر والمغرب ضمن أكبر مستوردي الأسلحة في أفريقيا، إذ احتلت الجزائر المركز السادس عالمياً، فيما جاءت الإمارات في المرتبة الثامنة عالمياً.

لماذا تتصدر القائمة؟

لعل ما يجعل السعودية أول دولة مستوردة للأسلحة متقدمة على الهند، هو مشاركتها في الحرب باليمن، المستمرة منذ مارس 2015 وحتى اليوم، والتوتر القائم مع إيران في المنطقة.

وفي المقابل ترتبط مصر والإمارات والسعودية بنفس المصير في دعم اللواء الليبي خليفة حفتر، الذي يقود، منذ أفريل 2019، هجوماً على العاصمة طرابلس، حيث الحكومة المعترف بها دولياً.

وتتهم الحكومة الليبية بين الحين والآخر مصر والإمارات بتأجيج الأزمة في بلادها، من خلال دعم حفتر، مطالبة مجلس الأمن الدولي بضرورة محاسبتهما.

وكانت صحيفة “لوموند” الفرنسية كشفت، في 24 جانفي 2020، عن أن السعودية قدمت مساعدة مالية لمجموعة “فاغنر” (منظمة روسية شبه عسكرية تنشر مرتزقة في ليبيا دعماً لقوات حفتر)، إضافة إلى دعمها حفتر عسكرياً.

أما تصدر الجزائر المراتب الأولى في المركز السادس فإنه ناتج عن التوتر والخلاف مع المغرب، منذ فجر استقلال الأخيرة عام 1962.

دول الخليج الأكثر استيراداً

ولعل تصدر دول الخليج لقائمة مستوردي الأسلحة خلال السنوات الأخيرة، بحسب المحلل العسكري السوري إسماعيل أيوب، يرجع إلى ما أسماها بـ”المواقف الدراماتيكية” التي تتغير في المنطقة.

ويرى، في حديثه أن “الدول المصنعة لها مصلحة في التوتر في الخليج أو بالعالم، حتى لا تقف معاملها في تصنيع السلاح”، معتقداً وجود شركات عالمية “تعمد بالضغط على الساسة لإنشاء بؤر توتر من أجل تصدير الأسلحة”.

وبرهن على حديثه بالقول: “على سبيل المثال؛ فالصفقة التي حدثت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بقيمة 460 مليار دولار أكثر من نصفها كانت للسلاح؛ أكبر دليل”، مضيفاً: “لذلك كثير من الدول تحافظ على مكتسباتها الاقتصادية والسياسية بإنشاء الجيوش التي تحتاج إلى أسلحة حديثة الغالية الثمن”.

ويقول إن دول الخليج اشترت خلال السنوات العشر الأخيرة أسلحة بمليارات الدولارات، بسبب التوترات السياسية في المنطقة العربية، “ومنها أزمة الخليج والحصار المفروض على قطر، والذي دفع الدوحة إلى شراء منظومة أسلحة جوية وعسكرية لحماية نفسها”.

ويعتقد أيوب أن شراء الأسلحة في حالة السلم غالباً ما يكون “أرخص بكثير مما تشتريه في حالة الحرب”.

وعن أسباب شراء الجزائر، إضافة إلى المغرب التي احتلت المركز الـ31 عالمياً، يقول المحلل العسكري لـ”الخليج أونلاين”، إن ذلك يرجع إلى التوتر بين الدولتين فيما يخص الصحراء الغربية.

ويرى أن شراء الجزائر أو السعودية للأسلحة يعود أيضاً لكونها “دولة مترامية الأطراف، وتحتاج إلى أسلحة قوية لحماية حدودها، فضلاً عن التوترات العسكرية والاقتصادية والسياسية المرتبطة في تلك الدول”.

المستفيد الأكبر

ولعل الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن؛ الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والصين وبريطانيا، إضافة إلى ألمانيا وهي عضو غير دائم، هي الأكثر تصديراً للأسلحة في العالم، وتحديداً للشرق الأوسط. وهي نفسها من تتبادل الأدوار في استخدام حق النقض “الفيتو”، ضدّ قرارات تتعلق بسوريا وفلسطين واليمن وليبيا وغيرها من البلدان العربية.

أمّا المستفيد الأكبر فهو الولايات المتحدة، أكبر مصدر للسلاح في العالم، فخلال السنوات الخمس الماضية، زادت صادرات الأسلحة الأمريكية بنسبة 23%، وارتفعت نسبتها من صادرات الأسلحة العالمية إلى 36%.

وتصدر الولايات المتحدة الأمريكية أسلحتها إلى 96 دولة حول العالم، وتشير الإحصائيات إلى أن نصف صادرات الأسلحة الأمريكية تصل إلى الشرق الأوسط.

ويقول تقرير معهد “استوكهولم” إن نصف الأسلحة الأمريكية التي تُصدَّر إلى الشرق الأوسط تصل إلى السعودية، وهو ما يعني أن المملكة اشترت نحو 25% من إجمالي صادرات واشنطن من السلاح.

ويضيف أن مبيعات الأسلحة الروسية تراجعت بنسبة 18% خلال السنوات الأخيرة (2015 – 2019)، مقارنة بذات الفترة من أعوام (2010 – 2014).

إلا أن روسيا زادت من حجم صادراتها للأسلحة للشرق الأوسط، واحتلت كل من مصر والعراق النسبة الأعلى من حجم الصادرات.

ولدول الاتحاد الأوروبي حصة كبيرة من صادرات الأسلحة للشرق الأوسط، وعلى رأسها فرنسا، التي حققت أعلى معدلات تصدير للأسلحة خلال نفس الفترة، وأصبحت نسبتها في صادرات الأسلحة العالمية 7.9%، وهي أعلى نسبة تحققها مقارنة بفترات مماثلة منذ 1990.

وتأتي ألمانيا ضمن أكبر 5 مصدري أسلحة في العالم، حيث زادت مبيعات أسلحتها بين (2015 – 2019) بنسبة 17%، مقارنة بصادراتها في ذات المدة بين (2010 – 2014).

وخلال السنوات الخمس الأخيرة احتلت الصين المرتبة الخامسة بين أكبر مصدري الأسلحة عالمياً، وزاد عدد الدول المستوردة للأسلحة خلال تلك الفترة إلى 53 دولة، مقارنة  بـ 40 دولة خلال ذات المدة من (2010 – 2014).

 

الخليج أون لاين

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023