مؤتمر القمة العربي .. دار لقمان على حالها

مؤتمر القمة العربي .. دار لقمان على حالها

بقلم: محمد الرصافي المقداد |

بعد ان نفذت عجوز الاستعمار الغربي وعدها، بتسليم فلسطين لقطعان الصهاينة، وقدمت لهم من الدعم ما قدمت، تاركة عصاباتهم الارهابية، تجوس خلال الديار الفلسطينية، باسطة سلطانها العنصري على ممتلكات الشعب الفلسطيني، موغلة في ارهابها، بالقتل وقضم الارض وانتهاك الحقوق.

في غفلة من العرب والمسلمين، شهد العالم استقواء الكيان الصهيوني، ليس على الفلسطينيين فقط، وانما على جاريه سوريا ولبنان، وبلوغه مرحلة من الاستهتار بالقوانين الدولية مبلغا، وصل الى حد تمدده خارج المناطق التي سيطر عليها بقوة السلاح، بإقدامه سنة 1976 في نفس هذا اليوم 30 مارس، على مصادرة الاف الدونمات من الاراضي الفلسطينية الخاضعة له، وتحويلها الى مستوطنات يتنعم فيها جذاذ الافاق.

 

خروقات الكيان الصهيوني، واعتداءاته المتكررة على اصحاب الارض، وعلى لبنان وسوريا، قد بلغت مبلغا ليس بإمكان المجتمع الدولي السكوت عليه، فاستصدر قرارات بشأنها اصطدمت بالفيتو الامريكي، وتحولت الى ورقات تاريخية، تشير جميعها الى مظلمة الشعب الفلسطيني، وغياب من سينتصر له في ذلك الوقت.

ويبدو أن الفلسطينيين – بعد تجربة مرّة طويلة مع الوعود العربية الخاوية- قد أسقطوا من أيديهم أيّ أمل من نجاحها ، وهي التي ركبت منهجا تفاوضيا ذليلا، زاد من محنة الشعب الفلسطيني ومعاناته، ومقابل ذلك التفت قادتهم الى الرؤية الثورية الاسلامية الإيرانية، وطرحها لحلّ القضية، بركوب منهج مقاومة العدوّ الصهيوني الغاصب باعتباره السبيل الوحيد لانهاء احتلال ارضه، فأسس قادته حركات مقاومة اسلامية، استطاعت ان تتقدم في مسيرتها الثورية، وتعيد الأمل من جديد، في خلاص فلسطين واهلها من كابوس الكيان الصهيوني.

لم يكن في وسع الصهاينة بعد تنامي هذا المحور سوى مقابلته بإجراءات تعسّفية بالغة الوحشية كاغتيال قادة وكوادر المقاومة واعتقال حتى من يشتبه به أنه منتم الى حركة من حركاته، وكانت مصادرة الاراضي الفلسطينية، وهدم بيوت المقاومين، ردّ فعل متكرر على العمليات الجهادية، كانت أهم ما ميز ردود افعال الصهاينة، في وجه تنامي حركة المقاومة، داخل الاراضي المحتلة، لكن تلك الاجراءات التعسفية، لم تحبط عزائم من لبى نداء واجب التصدي للتغول الصهيوني، ووقف مستبسلا يواجه عنجهية كيان فاقد لكل مقومات الانسانية، فكانت مسيرات العودة التي نظمها أحرار الشعب الفلسطيني في 30 مارس 2018 بمناسبة الذكرى 42 ليوم الارض الفلسطينية، وما قدّمته من شهداء عزل في مواجهة الالة العسكرية الصهيونية المتوحشة.

لقد تجاوز عدد شهداء مسيرات العودة وكسر الحصار منذ انطلاقتها 267 شهيدا، وبحسب احصائية لمركز الميزان لحقوق الانسان، فإن 11 شهيدا، لا تزال سلطات الاحتلال تحتفظ بجثامينهم، بينهم ثلاثة أطفال، موضحا أن من بين الشهداء، 40 طفلا، وثلاثة مسعفين، وثمانية من ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى سيدتين وصحفيين، فيما أصيب (14673) متظاهر، من بينهم (3128) طفلا، و(653) سيدة، و(171) مسعفا، و(148) صحافيا، منهم (7750) بالرصاص الحي، من بينهم (1433) طفلا، و(151) سيدة،(احصائية 23/2/2019 ) في استهداف مباشر يؤكد على طبيعة الكيان الصهيوني الوحشية، وخشيته حتى من الحراك السلمي، وما يتضمنه من تعابير، تؤكّد على حق الشعب الفلسطيني في العودة الى أرضه، من شأنها أن تسقط شرعية الكيان الغاصب، وتكشف مدى زيف ادّعاءاته.

مسيرات حق العودة اختير لها ان تنتظم كل أسبوع بعد صلاة الجمعة بعنوانها الاسلامي المبارك، بدأ باليوم الرمزي الذي يحييه الشعب الفلسطيني، مع من بقي معه على نهج المقاومة، وهم على قلتهم فاعلون متمسكون بنهجهم، ومؤمنون انه النهج الصحيح الذي سيفضي الى تحرير الارض، وصون القيم والعرض، وخلاص العرب والمسلمين من غدة سرطانية، انهكتهم زمنا طويلا .

وبينما يلوذ حكام العرب والمسلمين بالصمت ازاء ما يحدث، وهذا دأبهم دائما، يظهر الرئيس الامريكي ترامب على الملا، بصدد الامضاء على قرار اعطاء الجولان المحتل للكيان الصهيوني، في موقف غير مفاجئ منه، مثبتا من جديد ان امريكا، لا تتورع عن ارتكاب اي مخالفة للأعراف والقوانين الدولية، شعورا منها بانها سيدة هذه الارض، وصاحبة الكلمة الفصل فيها، وكل ما تقرره يكون ماضيا أمره على جميع دول العالم ، ويكشف الاجراء الاحادي الجانب الأخير الذي اقدم عليه ترامب، عن وجه امريكا العدواني البشع، ليؤكد من جديد للعالم بان امريكا بتاريخها الغير مشرف، تمثل مع كيانها الصهيوني الغاصب تهديدا كبيرا للسلم والامن العالمي، وأن نزواتهما وخروقاتهما، التي تزداد سوء يوما بعد يوم.

الرئيس الأمريكي يدرك جيدا ان امضاءه الذي خطه على ورقة، شأنه شأن الورقة نفسها من حيث قيمتها، التي لا تساوي شيئا، وفي احسن الحالات يعتبر ما قام به عملا استفزازيا، معبرا عن انتمائه الصهيوني، وأمله في تحقق ما يصبو اليه الصهاينة، من ضم الجولان المحتل الى الكيان الغاصب لفلسطين.

ومع مصادفة مؤتمر القمة – الغمّة – العربية بتونس في ذكرى يوم الأرض وما يحتمل أن يتمخّض عنه من قرارات بقي انتقض أولها وبقي اخرها حبرا على ورق، بل إن مبادرة السلام العربية تعدّ بحدّ ذاتها استسلاما للعدوّ الصهيوني وتفريطا في حقوق الشعب الفلسطيني، بعدما ناء الجمل العربي بما حمل، فهل سيستفيق القادة العرب من سباتهم، ويعلنوا مرة واحدة في تاريخهم، القطع مع مسار التفاوض والتطبيع نهائيا، أنا لا اعتقد ذلك، لأنّ المحكوم كالعبد، والعبد ليس باستطاعته أن يخرج عن ربقة سيده.

اخيرا اقول: ان هذا مؤتمر غمة ستزول بمؤتمريها، وستسقط جميع مؤامراتهم، وامانيهم الكاذبة على الشعوب العربية، وستزول معه كل القوى الإستكبارية التي صنعت الكيان الصهيوني، وفرضته على ارضنا فرض عين، لا خلاص منه سوى بالمقاومة، ومحورها القادم بيقين المنتصر، يمثل الحل الوحيد، لخلاص الشعب الفلسطيني من كيان إرهابي عنصري، وقد علمنا المثل حكمة بالغة، أنه ما ضاع حق وراءه طالب.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023