ما يحصل بين روسيا وأميركا وأوروبا اليوم لن يمحوه التاريخ…بقلم إسماعيل النجار

ما يحصل بين روسيا وأميركا وأوروبا اليوم لن يمحوه التاريخ…بقلم إسماعيل النجار

هُوَ ليسَ نِزاعاً عادياً على حدودٍ جغرافية، بَل صراعاً وجودياً إستراتيجياً عنوانه نبقىَ أو لا نبقىَ، هكذا تنظر روسيا إلى خلفية الصراع الدائر بينها وبين الغرب بعنوانٍ أوكراني كواجهة للحرب.

الولايات المتحدة الأميركية من جهتها جَهَدت طيلة الثلاثون عاماً الماضيه إلى إضعاف روسيا الإتحادية إقتصادياً وزعزعة أمنها الداخلي والإقليمي، وإغراقها في حروبٍ جانبية، تمهيداً إلى تفكيكها ونزع أسلحتها النووية كما فعلت سابقاً بالإتحاد السوفياتي السابق،لتقضي على ما تبقَىَ في العالم من قوة تهدد أمنها القومي وإستفرادها بمقدرات الكرة الأرضية،
ما حصلَ في الشيشان منذ عقود كانَ واحدة من ثمرات الجهد الأميركي لإستنزاف روسيا، والمظاهرات التي إندلعت في موسكو بوجه بوتين كانت أيضاً بجهدٍ وتوجيهٍ أميركي، مما يدُل على أن اليد الأميركية التي كانت موجودة داخل الدولة السوفياتية العظمَىَ سابقاً وتسببت بتفكيكهِ لا زالت موجودة داخل روسيا الإتحادية المنافسة لها اليوم،
ما يحصل في أوكرانيا هو جزء من الخطة الأميركية التي وضعتها واشنطن وحلفاؤها منذ خمسة عشرة عام وإستعجلتها وأمَرت بتنفيذها في زمانٍ ومكانٍ غير مناسبين بتاتاً،
الخطة الأميركية تستهدف الموارد المالية الخارجية لروسيا عبر خط الغاز الذي يُغذي أوروبا، من دون تأمين البديل لها، وإيقاف خط السيل الشمالي الكبير الذي يمر عبر ألمانيا يعتبرَ دليلاً واضحاً على النوايا الأميركية، والإنغماس الأوروبي في هذه الحرب ضد روسيا من خلال دعم أوكرانيا عسكرياً ومادياً بشكلٍ علني وضع اوروبا بعين القيصر الحمراء عدواً وهدفاً فيما إذا تطورت الحرب،
نقاط الضعف في الحملة الأوروبية الأميركية على روسيا، تكمن في عدم تأمين خط غاز بديل يسد حاجة القارة العجوز للإستغناء عن الغاز والنفط الروسي،
توقيت إشعال الأزمة في ظرف تجد روسيا نفسها في موقع الدولة المستهدفة أمنياً وعسكرياً بشكلٍ إستراتيجي للقضاء عليها، مما جعلها تقدم على خطواتها العسكرية بكل قوة وتهديد العالم بالسلاح النووي، ولمسَ الجميع جديتها بذلك.
أخيراً فرض عقوبات مُفرطة على المصارف والشركات الروسية، ومنعها من المشاركة في مونديال الفيفا 2022 في قطر،
القيصر العنيد الذي تلقفَ هذه الإشارات نحو الثغرات كانَ سريعاً بتلافي المناورة وتحركَ على الأرض بقوة منعاً لزيلينسكي من إلتقاط أنفاسه وكانت الخطة الروسية تقضي بتنظيف منطقة شرق النهر الذي يقسم اوكرانيا لقسمين وتأمين المواطنين المنحدرين من أصلٍ روسي لذلك ستكون الحملة الشرسة على كييڨ لإجبارها على الإستسلام هي الخطوة التالية بعد طلب الرئيس بوتين من وزارة الدفاع إستعجال حسم الأمر والتوجه غرباً نحو حدود بولندا ورومانيا،
الخطة الأميركية فشلت في اوكرانيا والنتائج ستكون وبالاً على أوروبا ودوَل حلف وارسو السابق إذا ما تداركوا الأمر، في ظل عودة الحرب السامة بين القطبين وليست باردة،
ما جرى سيكون سبباً وجيهاً للإعلان عن تحالف أوراسي كبير بوجه أميركا وأوروبا يضم روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران وسوريا واليمن وكوبا وفنزويلا وكثير من دول العالم وتحديداً الأفريقية التي تجاهد لإخراج فرنسا من أراضيها،
أقل من ثلاث سنوات وسيتبلور عالم جديد سنبكي الحرب الباردة الماضية فيه.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023