متغيرات دولية تحدثها جائحة…بقلم راتب شاهين

متغيرات دولية تحدثها جائحة…بقلم راتب شاهين

لم يأتِ الوقت المناسب بعد للحديث عن المتغيرات التي ستحدثها جائحة “كورونا” على الصعيد السياسي العالمي، “فالمسلمات” التي فرضتها هيمنة القطب الواحد لا تزال تتساقط تباعاً، فالتعاون “المدني” في حلف على رأس هرمه الولايات المتحدة الأمريكية يتلقى الضربة تلو الأخرى، في أول اختبارات للرأسمالية الغربية ضمن الحلف الإيديولوجي الواحد.

الأحلاف العسكرية التقليدية وبخاصة في الغرب الرأسمالي التي بنيت على أسس أمنية وعسكرية خُرقت إنسانياً، ليس فقط من الأطراف غير المنضوية في هذه الحلف الغربي بل من الخصم الإيديولوجي التاريخي “الاشتراكي”، فالتعاون في المجال الصحي قد فتح الأبواب أمام خروق غير متوقعة وكانت ممنوعة من الجانب الأمريكي الذي “حجر” أوروبا ضمن حديقة جانبية، كانت فيه ممنوعة ولا تزال من التطلع إلى ما بعد الرؤية الأمريكية للعلاقة بين الشرق والغرب.

لم تكن متوقعة رؤية مشاهد إنزال لأعلام الاتحاد الأوروبي ورفع الأعلام الروسية والصينية مكانها في شوارع إيطاليا -إحدى أعضاء حلف “ناتو”- في حالة السلم، أو أن تحتاج دول أوروبية لمساعدات من دول مابرحت أوروبا تنتقد نظام حكمها وتصفه بـ”الشمولي”، فهذا المشهد المستجد ينبئ عن أن عالم الأحلاف أمام متغيرات حتمية ربما هي ليست كبيرة، لأن التدرج بالتغيير قد يكون من متطلبات السلامة العالمية، في عالم ليس من مصلحته الصدام الكبير في ظل هيمنة القطب الواحد، فالبعض قد لا يقتله الانفجار، لكن قد تؤذيه شظايا سقوط إمبراطورية “مجنونة” كالأمريكية.

ليس من السهولة على أمريكا تقبل أن العالم يتغير في غير مصلحتها، وفي هذه الحالة العالم أمام احتمالات متعددة، إما أن تغير أمريكا من سياستها وتحاول مشاركة الدول الأخرى في قرارات مصيرية لإدارة متوازنة للعالم، وهذا غير وارد في ظل المعطيات الحالية، أو أن تلجأ أمريكا إلى ضخ المزيد من عوامل ومسببات الفوضى في العالم التي تؤمن لها الاستمرارية على ما هي عليه، وهذا ما نشهده اليوم من خلال المزيد من العقوبات غير الشرعية على الدول ومن خلال دعم الانقلابات والتنظيمات الإرهابية، والاحتمال الثالث أن تسقط أمريكا من الداخل في ظل تصاعد الصراعات الاجتماعية والسياسية، وهذا أسلم للعالم.

المتغيرات العالمية قادمة، لكن من مصلحة الأطراف التي تجلس في ما يسميه البعض الصف الثاني في سلم القيادة العالمية الانتظار، حتى تُخرج أمريكا ما بداخلها وما يسقطها من دون أن تمنح أي فرصة تمكنها من تفجير الساحة الدولية في لحظة جنون.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023