مصر والعالم العربي: بداية ام نهاية…بقلم د.أسامه إسماعيل

مصر والعالم العربي: بداية ام نهاية…بقلم د.أسامه إسماعيل

نهاية الامة العربية اوشكت…تتضح معالمه بتخلي مصر عن قيادة العالم العربي ، الذي أعلن ضمنا في الخروج على الإجماع العربي  وتوقيع اتفاقية «السلام» مع إسرائيل في عام 1979 وتلك جريمة الرئيس الأسبق أنور السادات التي ارتكبها بحق مصر والعالم العربي ، يسعفني في ذلك تحليل الدكتور جمال حمدان الذي سبقت الإشارة إليه وذكر فيه أن مصر مفتاح العالم العربي  إن سقطت سقط، وهى العبارة التي تختزل الفكرة التي أدعيها وتؤيدها. وهي بالمناسبة تناقض رأيه الذي تبناه وذهب فيه إلى أن الجغرافيا عقدت لواء القيادة لمصر في كل الأحوال، وقد تأثر فيه بتخصصه كأحد علماء الجغرافيا البارزين، الأمر الذي غيَّب عن ذهنه التاريخ وتفاعلاته. إننا إذا أردنا أن نتصارح في هذه النقطة فينبغي أن نعترف بأن الدور القيادي المصري الذي أسهمت فيه الجغرافيا لا ريب، كان مستندا إلى قوتها الناعمة بالدرجة الأولى. فقد كانت قوة عسكرية في بداية القرن التاسع عشر، إبان عصر محمد على بشا الذي أسس الجيش والأسطول وأرسل جيوشه إلى الجزيرة العربية واليونان والشام حتى وصلت إلى الأناضول ودخلت معاقل السلطنة العثمانية في قونية وكوتاهية. وكما أن مصر تمتعت بالقوة السياسية في المرحلة الناصرية 1954 ــ 1970) حين صارت قوة يعمل لها حساب، وفيما بين التاريخين ظلت القوة الناعمة هي الرافعة الحقيقية لدورها القيادي. إذ تمثلت في علمائها ومثقفيها وفنانيها وقادة نضالها الوطني ضد الاحتلال البريطاني. والقوة التي أعنيها تقاس بمعيارين أحدهما أو كلاهما هما القوة الذاتية السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية، وقوة التأثير والإشعاع في المحيط. أما القيادة فترتبط بالعنصر الثاني بالدرجة الأولى، وفي الخبرة المصرية فإن قوة التأثير والإشعاع ظلت صاحبة الحصة الأكبر في الحفاظ على دورها القيادي. إذ ظلت تجربتا محمد على وجمال عبدالناصر حالتين استثنائيتين في المشهد المصري خلال القرنين الأخيرين.

معاهدة السلام أفقدت مصر دورها السياسي فتراجع تأثيرها في العالم العربي، وحين خرجت من الصراع فإنها حيدت قوتها العسكرية، ولأسباب طويلة ومفهومة فإنها كانت خارجة من ميزان القوة الاقتصادية، وتزامن ذلك مع تراجع قوتها الناعمة خصوصا على الصعيد الثقافي، الذي وجد منافسين له في الدول العربية الشقيقة. وذلك التنافس شمل المجال الفني الذي أبرزته وأنعشته ثورة الاتصال. بالتالي فلم يعد لمصر ما تنفرد به في الوقت الراهن. وظلت ريادتها منسوبة إلى التاريخ بأكثر من تعبيرها عن الواقع الراهن. الشاهد أن مصر حين لم يعد لديها ما تقدمه فإنها فقدت دورها القيادي. وظل المقعد شاغرا منذ ثمانينيات القرن الماضي. صحيح أن دور الدول النفطية برز خلال تلك الفترة متكئا على الثروة الاقتصادية بالدرجة الأولى، إلا أن ذلك لم يحل مشكلة القيادة، الأمر الذي أوصل العالم العربي  إلى ما وصل إليه من تصدع وتشرذم. من ثم تحققت نبوءة الدكتور حمدان التي قال فيها إن سقوط مصر إيذان بسقوط العالم العربي  بأسره الضعف الذي منى به، ومما لاشك فيه ان العالم العربي  حين تصدع وتشرذم تجاوز الأنظمة إلى المجتمعات العربية التي ظلت مهمشة طول الوقت، الأمر الذي أصاب الأمة بنقص المناعة، وكما يحدث لأي جسم يفقد مناعته وتتكالب عليه الأمراض والعلل، فإن السقوط الذي أدعيه فتح الأبواب واسعة لانفراط عقد المجتمع العربي  واستدعاء الصراعات والخلافات السياسية والعرقية كما يحدث حاليا.في كل من العراق وسوريا وكلها تخدم مخططات التقسيم التي يتبناها ويروج لها اليمين الاسرائيلي واليمين الأمريكي. الثاني أن تفتيت العالم العربي  تم بفعل عوامل داخلية نابعة من هشاشة المجتمعات العربية وليس من خلال التدخلات الأجنبية. الثالث أن انفراط عقد العالم العربي  ليس سببه الربيع العربي  كما يروج البعض، لأن ذلك الربيع كان ثورة من جانب الجماهير العربية على تدهور الأوضاع في بلادها. وهى خلاصة يصعب الاختلاف معها، وليتها تكون موضع مناقشة من جانب الذين يؤرقهم حاضر الأمة العربية ومستقبلها. وأخيرا وليس آخرا نسال الله ان يوحد العرب علي ان تكون القومية هي قومية حقيقية ذات صحوة.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023