“معاناة الشعب التونسي من أبناء جلدته”…بقلم مروى الباشا

“معاناة الشعب التونسي من أبناء جلدته”…بقلم مروى الباشا

تحاورت مع البعض من أبناء مدينة تطاوين في مخيمات الاعتصام التى تمركزت في عدة أنحاء من الجه،ة فكان الجواب بالإجماع “فاض الكأس”… باختصار لم يعد لدى الشعب ما يخسر.  كنت فى مقالات سابقة قد تحدثت عن معاناة أهالي تطاوين والتى سببها أن “العدو من أبناء جلدته” وهذا ما أسميه الإرهاب الداخلي وهم حيتان المال والأعمال والسياسة ممن توارثوا البلد.  فإبن الفلاح الفقير يولد مزارعا ويذهب للتعلم على أمل أن يصبح يوما فى مكانة تليق بما درسه ليخدم بلده وشعبه ويفاجأ بالمحبطات من الأعمال والعراقيل التي لو وضعت على جبل لخدمته. والمفاجأة أن رؤساء هؤلاء البسطاء من ذوي التعليم العالي هم ممن لم يتعلموا أو ممن اشتروا الشهائد وما أكثرهم في زمننا هذا. المشكل الحقيقي في تونس يمكن تلخيصه في ثلاث محاور الأول : إن من يسمون أنفسهم بالصف الأول من السياسيين والاقتصاديين ليسوا سوى قراصنة يغتصبون حقوق الآخرين وينسبونها لأنفسهم. فبمجرد أن يصبح الواحد منهم في منصب يبدأ برنامج تعيين الأقارب والمعارف في المناصب، لأن الحكومة “شركة عائلية”، على سبيل المثال فذلك مدير وذلك رئيس تنفيذي وهكذا وهم ممن لا خبرة لهم ولا معرفة في القطاع الذي يرأسه.

الثاني : إن من ينظّرون على الشعب بأن علينا التحمل لأن الموارد محدودة وغيرها لأنها ذهبت إلى جيوبهم حصرا وبات الشعب نزيل الشوارع، طريح الأرصفة لا حول له ولا قوة مع كل رفع للأسعار بحجة عدم الحصول على دعم خارجي حتى أصبحت الأسعار تتساوى بأسعار أقرب جيراننا إلى قلوبنا. الثالث : إن من يذهب إلى مناطق بجهة الشمال والساحل التونسي تصيبه الدهشة والذهول. ذهبت يوما مع وفد إيطالي سنة 2016 لزيارة منطقة قرطاج، قمرت، البحيرة وولاية سوسة هناك وأثناء تجولنا قال لي أحدهم قال ” ما أرقى وأجمل بلدكم ” ضحكت وقلت نعم، ولكن هذه لا تجسد صورة “التونس” بأكملها بل تمثل من يقطنها من كبار المسؤولين وأرباب المال والأعمال، وأن الوجه الآخر بدا جليا حين قمنا بزيارة منطقة عين دراهم، الناظور، الزريبة، الفحص، وشاهدوا الفروقات بأعينهم.

فترى الإقتصاد التونسي مبني على أفراد لا هيئات أي من يتحكم بالوضع العام هم أفراد، حين يتحدث مسؤول سابق تسبب في الأزمة الحالية للإقتصاد التونسي ويقول لابد أن يتحمل الشعب الضغوطات التي تعاني منها البلد لأن لا حلول في الأفق، هو يعني بالتأكيد أن على الشعب أن يخرج ما في جيبه حتى يمتلئ جيب ذلك المسؤول وما أكثرهم في بلدى ممن يتاجرون بالوطنية هم منها براء !

لقد تم تهميش المواطن وأبعد عن كل القرارات التي تخدم مصلحته بل إنه تم تجريم المواطن لمطالبته بأبسط حقوقه التي أكلها وشرب عليها الفاسدون ممن نهبوا المال العام والمعونات الخارجية في الماضي. كنا نعيش في تونس لا نعرف غنيا ولا فقيرا، أي كنا نعرف الأغنياء بالعدد وباقي الشعب طبقة متوسطة وقلة قليلة هم الفقراء، أما اليوم فقد ألغيت الطبقة الوسطى وتحولت إلى الشريحة الكبرى من الطبقة الفقيرة، ما زاد الهوة بين الأغنياء والفقراء، مل الشعب من الوعود الكاذبة للحكومات المتتالية ما بعد انتفاضة 14 جانفي 2011، من أن المعضلة ستحل وأن البلد سيخرج من عنق الزجاجة عن قريب، تلك الوعود سمعناها منذ أول انتخابات رئاسية ما بعد الثورة ولا نزال نسمعها وعنق الزجاجة لايزال كما كان بل دخل البلد في نفق مظلم طويل، إن المظاهرات والإعتصامات بمختلف مطالبها ( الحرية، الشغل،تخفيض الأسعار. …إلخ ) منذ 2011 إلى يومنا هذا تعطي دلائل كثيرة منها أنه لن تعود عقارب الساعة في تونس إلى الوراء.  فحذاري من غضب الشعب هذه المرة فقد بلغ القيء الحنجرة .

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023