مناورات الغنوشي و رفاقه.. لخلق شرعية موازية !!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

مناورات الغنوشي و رفاقه.. لخلق شرعية موازية !!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

“الوطن هو المواطن الحر، والشعب الكريم قبل كل شيء.. الوطن ليس الطغمة الفاسدة، ولا الشرذمة القاتلة، ولا حفنة الوطنجية الذين يحرضون على المواطنين بإسم الوطن.. و إنّ أكثر مايحتاج الوطن هذه الأيام هو إنقاذه من خاطفيه الذي شرعنوا بإسمه كافة أشكال الانتهاكات والإخفاقات.. الوطن الحقيقي هو الشعب صاحب السيادة” ..

فــــي 25 جويلية 2021 ، ثار التونسيون وانتفضوا على قلب رجل واحد، لإزاحة الغم والهم الجاثم فوق صدورهم، منذ عشر سنوات، عندما أحكم حزب النهضة الإخواني قبضته الغاشمة على مقاليد الحكم ومفاصل الدولة التي أرادوا تسخيرها لخدمة مصالحهم الانتهازية، وراقب الشعب التونسي بتوجس وقلق بالغ كيف أن هذه الجماعة الإخوانية كانت تقود بلادهم باتجاه الهاوية، وتعمدها زيادة معاناة وأوجاع الناس الاقتصادية والصحية والاجتماعية والمتاجرة بها، لكي يستتب لها الأمر ويرضخ المواطن التونسي لارادتها ومطامعها في نهاية المطاف..

لا نعرف ما هو سر إصرار الإخوان على مخالفة القوانين وفشلهم في حفظ ماء وجههم في الحفاظ على ما تبقى لهم من تاريخ سياسي بإستعراضات فاشلة لم تزدهم إلاّ تأزيما سياسيا وشعبيا، وبدلا من أن يعود هؤلاء الى رشدهم والجلوس مع انفسهم ومحاسبتها على ما ارتكبوه من اخطاء بحق تونس وشعبها وقياداتها ورموزها ، يواصلون الجنوح الى الإثم بسبب تلك العزة التي فقدوها بكبرتهم وغرورهم السياسي الذي عبر عنه هؤلاء في اكثر من مناسبة بأنهم اكبر من القوانين على اعتبار ان شرعيتهم يستمدونها من الشارع الذي لم يعد لهم فيه إلاّ قلة بعدما تكشفت مخططاتهم بدءا من مشروعهم السياسي الذي سقط ذات 25 جويلية 2021..

هؤلاء الذين لا يزالون يعتقدون ان البرلمان المجمّد سيعود، فهذا يدل على الافلاس السياسي الذي اصاب هؤلاء، ورغبتهم في خوض معارك “دنكوشوتية” أملاً في الوصول الى مبتغاهم الذي لم يعد واضح المعالم ليس للاخرين وانما لهم أنفسهم، و الواضح أنّ حركة النهضة تواصل تصعيدها برسائل تعكس ضمنياً حالات الارتباك والقلق التي تنتابها نتيجة الوضع التي وصلت إليه، وتحاول الترويج لبعض المقاربات التي تبدو خارج السياق العام للتطورات السياسية بعناوينها المختلفة، لأنها مدفوعة بحسابات مُخادعة بُنيت على مغالطات مُتراكمة، لم يعد بالإمكان الرهان عليها مُجدياً مهما كان حجم الحشد والتحشيد و التحريض و العنتريات الزائفة و النضالات المشبوهة.. تتواصل مناورات رئيس البرلمان المجمّد راشد الغنوشي وحلفاءه رغم تجميد عمل البرلمان، و يبدو أنّ الغنوشي غير مقتنع أن زمنه انتهى وأنه لم يعد رئيساً للبرلمان، و الجلسة الافتراضية ليس لها أي أساس دستوري ولا قانوني لأن مجلس النواب تم تجميده من طرف رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ 25 جويلية 2021 ليصبح ليس له أي وجود و أيضا مخالفا للمرسوم عدد 117، و أن الغنوشي لا يملك أي صفة لدعوة النواب إلى الاجتماع، و ما يقوم به هو استفزاز واستهتار واستمرار في لعب دور الضحية لإستعطاف الرأي العام الدولي.. حركة النهضة انتهت سياسياً وأخلاقياً ومجتمعياً، وهذه المحاولات و المناورات هي من أجل خلق موازين قوى ضد كل القرارات ما بعد 25 جويلية ، بعد أدركت أنها لم يعد لها أي مجال لإنقاذ نفسها والبروز من جديد.. في محاولة محكوم عليها بالفشل للعودة إلى الحكم وإثارة الفوضى في الشارع السياسي، دعا زعيم الإخوان رئيس البرلمان المجمّد راشد الغنوشي إلى جلسة برلمانية لإنهاء الإجراءات الاستثنائية التي فرضها الرئيس قيس سعيّد في 25 جويلية 2021 والنظر في جدول أعمال المجلس في الفترة القادمة.. في دولة تحترم نفسها، لا تسمح بمهزلة مثل تلك الحاصلة الآن، حيث مواطن فيها ينتحل صفة رئيس برلمان مجمّد ، ويدعو لإنعقاد مكتب مجلس البرلمان المعلقة أعماله .. لا يوجد خطر داهم على الأمن القومي، وعلى وحدة الدولة، أكثر ممّا فعل المواطن راشد الغنوشي، و في تحدٍّ صارخ لمقتضيات المرسوم الرئاسي عدد 117، والقاضي بتجميد أعمال مجلس نواب الشعب.. و الدعوة لإنعقاد مكتب مجلس البرلمان المجمّد ولو افتراضياً، هي عملية من المفروض أن تُجابه كعملية تمرّد، حتى ولو كانت افتراضية.. و في كل الحالات، إن كان تصعيدا أو مناورة، فهو شيء خطير ، و أيّ تحرك يمثل خطرا على الأمن القومي.. و بالتالي هذا الاجتماع المرتقب، هو بمثابة تمّرد غير قانوني على إجراءات الرئيس قيس سعيد التي أعلنها منذ 25 جويلية تقضي بتجميد أعمال البرلمان وتجريد أعضائه من الحصانة البرلمانية، و الدعوات التي وجهها الغنوشي بمثابة خروج عن القانون ودعوة صريحة للعصيان وتهديد للسلم الأهلي في البلاد، فضلا عن أنها تشكل تحدٍّيا صارخا لقرارات 25 جويلية التي وضعت حدّا لعشر سنوات من حكم منظومة فساد ونهب خرّبت اقتصاد البلاد .. نحو تقسيم الدولة وخلق شرعية موازية على غرار ما هو قائم في دول أخرى.. و في محاولة يائسة لكسر جمود البرلمان وإعادته إلى الحياة من قبل الغنوشي والنواب المعارضين، الذي اعترف البعض منهم بفشل البرلمان في تسيير البلاد وحمّلوه مسؤولية الوضع السياسي الذي وصلت إليه وما ترتب عنه من أوضاع اقتصادية سيّئة..و السعي لخلق شرعية موازية عن طريق اجتماع البرلمان المعلقة اعماله ستكون له آثار خطيرة.. ‎إذ لابدّ من التحرك بجدية لوضع حدّ لمحاولات إحداث سلطة موازية بالبلاد وتقسيم مؤسسات الدولة..!!..

فهل يدرك الشعب التونسي حقّاً خطورة وحساسية المرحلة الحالية وما تمرُّ به تونس من تحدّيات كبرى؟! وهل يدرك الشعب التونسي العزيز والمقهور أنّ عودة هؤلاء الفاسدين المفسدين إلى السلطة لا يعني إلّا نهب ما تبقّى من ثرواتهم و مقدراتهم بعدما نهب هؤلاء اللصوص ما نهبوا وسرقوا ما سرقوا من خيرات وثروات تونس والتونسيين على مدى سنوات طوال؟! عسى أن يدرك التونسيون اليوم حساسية المرحلة الحالية وأن يدركوا بأنّ كلَّ ما يجري في تونس حالياً من ضغوط داخلية المنشأ_خارجية التدبير والتخطيط والبرمجة والإخراج ، واقعيةً كانت أو مخطّطة مدبَّرة ما هو إلّا ضغط استعماري دولي من أعداء تونس الكثر وبتنفيذ شيطاني مشؤوم من عملاء الداخل الفاسدين المفسدين الذين وُضعوا أساساً في مناصبهم تلك لأجل هدف واحد وهو رهن إرادة التونسيين ونهب ثرواتهم بعدما قام هؤلاء الفاسدين المستغلّين وعلى مدى سنوات طوال بنهب أموالهم وممتلكاتهم وبعدما بات أكثر من نصف الشعب التونسي يرزح تحت خط الفقر نتيجة سياسات هؤلاء الفاسدين..لابدّ أن يدرك الشّعب التونسي بأنّ لا فائدة تُرجى بعد إلّا بأن يتّحد التونسيون جميعاً في رفض ومواجهة هؤلاء الفاسدين المفسدين وأن يقطعوا الطريق على من يريد لهم أن يواجهوا بعضهم بعضاً وينجرّوا إلى الفوضى التي يسعى إليها الكثير من الطامعين والمفسدين من الداخل والخارج ، وأن يعلموا يقيناً بأن لا حل ولا دواء يخرج تونس من محنتها و أزمتها الحالية إلّا بأن يُحاسَب الفاسدون جميعاً على كلّ جرائمهم وانتهاكاتهم ونهبهم وسرقاتهم ، من أيّ موقع كانوا ولأيِّ جهة انتموا..أيها الشّعب انت الآن سيّد نفسك و سيّد الموقف إنتصر لبلدك ولنفسك ومستقبلك، لا ترضى بغير ديمقراطية حقيقية في دولة القانون الجديدة التي تكفل لك الحرية والمواطنة والعدل والكرامة والمساواة لتنال حقوقك السياسية والإقتصادية والإجتماعية كاملة.. وإن لم تفعلوا ذلك فعلى تونس والتونسيين السلام !!..

أمام هذا التطور فإن الواجب الوطني يفرض الإصطفاف إلى جانب الشعب التونسى وقيادته.. و مراعاة الحذر فى التعامل مع هذا التحرك من جانب الغنوشى وجماعته، إن ذلك يحتم مزيدا من الثبات والتماسك والإصرار على استكمال مسيرة إنقاذ الوطن.. تونس لا يمكن أن تعود إلى الوراء مرة أخرى!!..

عاشت تونس حرّة مستقلّة
عاش الشعب التونسي العظيم

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023