من بريتون وودز الى عالم الغد…بقلم ناجي الزغبي

من بريتون وودز الى عالم الغد…بقلم ناجي الزغبي

من الواضح اننا بحاجة لقراءة الواقع الموضوعي الدولي بشكل تحليلي علمي محايد بدون خلط للاوراق , وبموضوعية وحيادية وبدقة تصف جوهر العلة .

فرضت اميركا نفسها كقوة عظمى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بثلاثة شهور اي بشهر آب بعد القائها القنبلتين النوويتين على هيروشيما وناجازاكي واشاعت الرعب بالعالم ، وقد استخدمت القنبلتين النوويتين لتحول دون ان يستثمر الاتحاد السوفيتي نصره على النازية ويقصيهم عن زعامة العالم والهيمنة عليه .

وفرضت نمطها الاستعماري الجديد بعد تطور استعمارها الاقتصادي السابق للمراحل الاستعمارية الاعلى وهي الامبريالية – اي الاحتكارية- وصبغتها الاجتماعية بمعنى انها فرضت وصايتها على العديد من الشعوب وحولتها لدول مرتهنة وفرضت التفاوت الطبقي .
كما فرضت الدولار بمؤتمر بريتون وودز الذي عقد سنة ١٩٤٤ كعملة استراتيجية وربطته بالذهب بحيث كانت اونصة الذهب تساوي 35 دولار ،

ثم في نهاية الستينات ومطلع السبعينات فكت ارتباطها بالذهب بعد ان سرقت ذهب العالم فيما سمي صدمة نيكسون ، وفرضت التعاطي مع راس المال المالي وهو تحالف راس المال البنكي والاقتصادي الذي تملكه العائلات السبع الكبرى مالكة الشركات متعدية الجنسيات والحدود مالكة الكتلة المالية الاضخم بالتاريخ ، وقد فرضت ايضاً الحاجة للاقتراض من صندوق النقد والبنك الدوليين الذين هما في جوهرهما اميركيين ،
وفرضت قيم وقواعد تدفق راس المال المالي المسماة ؛ العولمة ، والليبرالية والديمقراطية ، البرجوازية ، وحقوق المرأة والحيوان ، والطفل ، والهيئات الدولية كالامم المتحدة وباقي الهيئات التي كانت بقرارتها تلبي المصالح الاميركية ، والسويفت للتحكم بالتحويلات المالية الدولية .

كان لهذا الواقع استحقاقاته وهي افقار الشعوب وحجب ثرواتها لتحتاج للاقتراض وخلق طبقة طفيلية مستفيدة من هذا الواقع – الكومسيونجية او الكمبرادور –
والمحافظة على تخلف هذه البلدان وتنصيب موظفين بمرتبة حكام للاستبداد بالشعوب وتهيئة الشروط الملائمة للسيناريوهات الاستعمارية .

كانت بريطانيا ، وفرنسا ، قد سبق وان قسمت وطننا العربي باتفاقية سايكس بيكو وخلقت : (قوى امنية اي جيوش واجهزة امنية ) في اقطار الوطن العربي لتحافظ على مصالحها وفبركت لها ( دول زائفة ، ونصبت حكاماً ) كموظفين لديها يرتبط مصيرهم بها ، كما فعلت بفلسطين حيث صنعت ( قوة دايتون) لقمع شعبنا الفلسطيني وفبركت له (سلطة زائفة) فاصبحت الاقطار العربية مستعمرة لصالح الاستعمار البريطاني الفرنسي سابقاً بواسطة جيوشها وحكامها ، كما اصبحت فلسطين لاحقاً بموحد اوسلو مستعمرة لصالح العدو الصهيوني بايدي( قوتها الامنية الفلسطينية وسلطتها الزائفة) .
كما ان مشروع الكيان الصهيوني كان ولا يزال للحفاظ على مصالح المستعمر البريطاني والفرنسي تاريخياً واميركا راهناً وهو محض ثكنة وفرقة عسكرية اميركية امامية، وقد توطد ذلك بضم العدو للقيادة الاميركية الوسطى”السنتكوم “، للحفاظ على : (مصالح المستعمر) ، وعلى (الحكام العرب ) المنصبين بموجب سايكس بيكو .
وبمنتصف الخمسينات واثر العدوان الثلاثي على مصر آلت التركة الاستعمارية برمتها لاميركا .

ولم يكن الاتحاد السوفيتي قد استوفى شروط الدولة الصناعية الراسمالية التي تتطور حكماً لتتعدى الحدود القطرية للعالمية وتصبح قوة استعمارية بحكم تضخم قدراتها ومصالحها وتطورها لراسمالية احتكارية ” امبريالية ” ولم تكن ايديولوجيته تسمح بهيمنة راس المال الاستعماري ، ثم وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي دخلت روسيا في فترة سبات امتدت حتى عام 2015 حيث شاركت سورية بناءً على دعوة من الدولة السورية في حماية الامن الروسي والسوري ومجابهة الارهاب الاصولي الوهابي الممول من دول الخليج وقد اعترف رئيس وزراء قطر واعترف بانفاق 137 مليار دولار لهذه الغاية لكن ( الصيغة فلتت ) ولا زالت روسيا في طور النهوض والبناء ولم تستكمل مراحل تحررها الوطني لتقوم بالهيمنة والوصاية على احد .
واصبح العدو الصهيوني اداة اميركية والتحقت اوروبا برمتها وتذيلت السياسة الاميركية ، والان يجري تفكيك الاتحاد الاوربي بعد خروج بريطانيا لصالح الهيمنة الاميركية كقطب اوحد سابقاً .

والاردن جزء من هذه المنظومة الملتحقة والمرتهنة للوصاية الاميركية ، كما هي معظم اقطار وطننا العربي وكما كانت ايران الشاه والسافاك الجهاز الاستخباري الظهير للموساد والسي اي اي .
الى ان قامت الثورة الاسلامية وشقت عصا الطاعة السياسية والاقتصادية على الامبريالية الاميركية واصبحت عدوا لها وللعدو الصهيوني منذ ذلك التاريخ .

واثر انهيار الاتحاد السوفيتي استطاعت الامبريالية الاميركية ان تبسط سيطرتها على معظم ارجاء العالم كقطب اوحد يقود العالم .

لكن واقعا دوليا ً ابتداً حديثاً فرض تحولات دولية منذ ان شمت اميركا عدوانها الدولي على العراق وافغانستان واغرق اميركا بالازمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، ثم تفاقمت الازمات اثر العدوان الاميركي الصهيوني والاطلسي على سورية فقد بدأت قوى دولية بالظهور كروسيا والصين وتشكلت الكتل والتحالفات الدولية كالبريكس ومنظمة شنغهاي والدول المطلة على قزوين وفي اميركا اللاتينية سيلاك ، والبا، وبدأ العالم يشق عصا الطاعة على اميركا .
نستطيع بالخلاصة ان نستخلص جوهر معضلتنا ب وهي التبعية والوصاية الاميركية الصهيونية على معظم اقطار وطننا العربي .
وكل من حاول تحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي سيتعرض للعدوان ومحاولات ارضاخه كسورية وايران والصين وروسيا وفنزويلا وكوبا وكوريا الخ.

ان جوهر علتنا هي الوصاية والانتداب الاميركي والعدو الصهيوني وبدون استقلال وطننا وارادتنا السياسية والاقتصادية وبناء دولة الانتاج سنراوح في عذاباتنا الى ان يشرق فجر الحرية.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023