من فورمولا 1 السيارات الى الفورمولا1 التطبيع مع الكيان الصهيوني…بقلم محمد الرصافي المقداد

من فورمولا 1 السيارات الى الفورمولا1 التطبيع مع الكيان الصهيوني…بقلم محمد الرصافي المقداد

إن اتفاقات السلام عادة ما تُبرم بين دول متحاربة، وقد تفتّقت سياسة دولتي الإمارات والبحرين، بإعلان اتفاق سلام مع الكيان الصهيوني، مع انهما ليستا طرفا في الصراع، ولم يخوضا حربا أو مواجهة معه، فهل تصدق التسمية مع انتفاء سببها؟ هكذا تتمّ المؤامرات بعناوين مناقضة للواقع.

من عرف نظام مملكة البحرين، وخبر سياسته الداخلية والخارجية، لا أعتقد أنه تفاجأ بإعلان حاكمها الإنضمام إلى الإمارات العربية، في إمضاء اتفاقية سلام، وتطبيع كامل مع الكيان الصهيوني، وهو انضمام كان منتظرا باعتبار العلاقات الحميمة، التي ربطها النظام البحراني منذ زمن، مع الكيان الغاصب للقدس وفلسطين، في مضمونه دعاية لبقية الدّول العربية، بالدخول اختيارا أو قسرا في مسار التطبيع، وإلّا ما شأن البحرين وحجمها، حتى يحسب لها حساب في مجال التوازنات الدّولية، وهي التي لم تتجاوز مساحتها 934 كلم2 ( قرابة ضعف مساحة جزيرة جربة 514 كلم2 ).

ما اصطلح عليه الغرب وصدّقه العرب، الحالمون بثورات الربيع العربي، فشل فيها شعب البحرين في تحقيق أمله، بالخلاص من نظام متعسّف على شعبه الصغير العدد، غائبة عنه قيم الحرية والديمقراطية، ولا يزال حراكه مستمرا ليلا، توقيا من بطش القوات الأمنية، المؤطرة بريطانيا وأمريكيا، فضلا عن ثلاثة قواعد عسكرية، أمريكية وبريطانية وفرنسية، وأتساءل: ماذا بقي بعد انتصاب هذه القواعد من مساحة للشعب البحراني؟

 

وبعد أن كان أميرا أصبح بين عشيّة وضحاها ملكا – وأي ملك؟ أعلى تلك المساحة التي لا تكاد تظهر على الخريطة؟ أم على القواعد العسكرية الغربية؟- قلب حمد بن عيسى آل خليفة صفحة تغاضيه عن المسلمين الشيعة في البحرين، فبدأ بالتضييق على دعاة الحرية فيهم، من جمعيات وشخصيات دينية ومدنية، وقد مهّد لذلك من قبل بحملات تجنيس، استقدم لها عرب بادية الأردن وسوريا من السّنة، ليغلّب نسبتهم على أصحاب الأرض الأصليين، الذين بلغوا في وقت من الأوقات أكثر من 90 %.

 

وحتى يستمر الملك في قمع شعبه، دون معارضة من دول الحماية، وتأييد من دول الدّعم المالي،(السعودية والامارات) سلك طريق التطبيع الاختياري، ارضاء لأمريكا أولا، وللسعودية والامارات ثانيا، ولولا هؤلاء لسقط النظام في ثورة الشعب البحراني التي انطلقت في 14 فيفري2011، التي قمعت بعنف مفرط بعد دخول قوات عسكرية سعودية الى البحرين لمؤازرة الأمن البحراني، بعد توسع نطاق المظاهرات السلمية، مما أسفر عن سقوط عدة شهداء وجرحى مدنيين، صحفية موقع كريستيان ساينس مونيتر ماكلاتشي Christian Science Monitor ذكرت أنه اعتبارا من منتصف مايو 2011  »عقدت السلطات محاكمات سرية، حيث حكم على المتظاهرين بالموت، وقبض على سياسيين معارضين بارزين، وسجن الممرضون والأطباء، الذين عالجوا المحتجين الجرحى، واستولت الحكومة على نظام الرعاية الصحية، الذي يتم تشغيله في المقام الأول من قبل الشيعة، ووقع تسريح ألف شيعي من أعمالهم، وإلغاء معاشاتهم التقاعدية، واعتقال الطلاب والمعلمين الذين شاركوا في الاحتجاجات وضربهم، واعتقال الصحفيين، وإغلاق الصحيفة المعارضة الوحيدة «(1)

ومنذ ذلك التاريخ ومعظم الشعب البحراني يعاني من ارهاب نظامه، على مرأى ومسمع من دول العالم ومنظماته الدولية، ولا حياة لمن تنادي، كأنما شعب البحرين لا حق له في الثورة، وفك رقابه من عبودية نظامه الدكتاتوري العميل، وهو على ذلك الأساس كان مستثنى من الربيع العربي، حفاظا على المصالح الغربية هناك، وفي مقدمتها القواعد العسكرية، التي ستكون معرضة لإجلائها لو سقط نظام ال خليفة، ومن هذه المفارقات تنكشف حقيقة ثورات الربيع العربي بارك الغرب نجاحها وسقوط انظمة حكمها، التي ضحى بها وهي العميلة والموالية له، من أجل التثبيت النهائي للكيان الصهيوني، واستثنى أنظمة أكثر رداءة في العمالة والدكتاتورية، كدول الخليج، والمغرب والسودان.

مملكة البحرين تعيش اليوم تحت جناح النظام السعودي والاماراتي، اقتصاديا وأمنيا، وسياسيا، استجاب حاكمها لذلك الوضع المهين، ولو كان بمقدوره أن يسبق الإمارات لفعل، ولكن دوره حدد له بأن يكون ثانيا بعدها، وقد قرر ان لا يفوته ذلّ امضاء وثيقة العار، الذي خطط لها الرئيس الامريكي ترامب، لعلها تنقذ حظوظه في الترشح للمرة الثانية، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي هي على الأبواب، استغاثة باللوبي الصهيوني، ودوره مؤثر في الحياة السياسية الأمريكية.

يقيننا بأن الانظمة المطبعة مع الكيان الصهيوني، هي انظمة خائنة لله اولا، ولرسوله ثانيا، ولأحكام دينه ثالثا، ولشعوبها رابعا، وللشعب الفلسطيني المظلوم المغتصبة ارضه والمشرد شعبه خامسا، وأنّ مخططا غربيا صهيونيا جُهّز بأدواته، من أجل انهاء الصراع العربي الصهيوني، بعدما اخذ صبغته الاسلامية، وهذه السباقات التطبيعية جاءت لتتوج سلسلة من خيانات الانظمة العربية التي بدات منذ الايام الاولى للنكبة، وتواصلت الى دفع الفلسطينيين نحو الحلول الجزئية التي جردتهم من حقوقهم الشرعية في كامل ارضهم وبسط سيدتهم عليها، ما دفع الامارات العربية ومن ورائها البحرين، هو بداية المخطط الذي سيستتبعه هرولة أنظمة عربية أخرى، الى التطبيع، ويبدو النظام السعودي المتخلف عن الركب ظاهرا، لكنه قائد المجموعة واقعا، كقادة الجيوش المنهزمة والجبانة تتستّر خلف عساكرها، والسودان المبتلى بنظام مجرم فاسد حل محل نظام عمر البشير، يعتبر من اقرب الانظمة العربية، وصولا الى إحتضان الكيان الصهيوني، بعد قصب السّبق الإماراتي البحراني.

ولا أرى النظام المغربي متأخرا في شيء من التطبيع، الا أنه قد تكون له حسابات خاصة، تمنعه من كشف أوراق تطبيعه، أو أنّ مطبخه السياسي، قد رتّب تصانيف تطبيعه على أساس عراقة العلاقات الصهيو مغربية، التي كان يرعاها الملك الحسن الثاني بكل اهتمام، كما ان موريتانيا الاسلامية لا تبدو بعيدة عن الصهيونية التوراتية، سباق التطبيع في مظهره الجديد المنزوع حياؤه، انفتحت حلباته، لمن يجيد الولاء لأمريكا وحلفاءها الغربيين، ومن تحصيل حاصل، أن كل من سيبلغ خط الوصول، سوف يحصل على حوافز امريكا وكيانها.

 

المراجع

1 – حقوق الانسان في البحرين – ويكيبيديا

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023