هل سيحملُ ملعب “تيزي وزو” الجديد اسم  ألبير إيبوسي؟

هل سيحملُ ملعب “تيزي وزو” الجديد اسم  ألبير إيبوسي؟

تتناقل وساط التواصل الاجتماعي في الجزائر هذه الأيام اقتراحا يدعو إلى تسمية ملعب “تيزي وزو” الجديد على اسم اللاعب الكاميروني ألبير إيبوسي ولن أتردد لحظة واحدة في تأييد ودعم هذا الاقتراح إلى أن يُصبح أمرا مقضيا ذلك أنني أرغب أنا أيضا في أن أرى اسم ألبير إيبوسي مكتوبا على مدخل الملعب الجديد، وبأكبر وأجمل صيغة أو شكل ممكن، ولكن من أين جاءت هذه الرغبة وما أصل القصة؟

في22 من شهر أوت 2014 شهد ملعب أول نوفمبر بولاية “تيزي وزو” حادثة مؤلمة اهتز لها الرأي العام الجزائري، وخلَّفت حزنا عميقا في الأوساط الكروية الجزائرية، وظلَّت حديث وسائل الإعلام العالمية لفترة ليست بالقصيرة، وهي حادثة وفاة اللاعب الكاميروني ألبير إيبوسي لاعب شبيبة القبائل وهداف الدوري الجزائري لسنة 2013 ، كان اللاعب الكاميروني قد عرف تألقا كبيرا في البطولة الجزائرية وكسب قلوب الالاف من محبي كرة القدم، وكان من المرجح جدا أن يحقق المزيد من النجاحات والتألق لو قُدِّر له أن يبقى فترة أطول، فقد لا حظ الكثير من المدربين والمراقبين الرياضيين القدرات البدنية والفنية الكبيرة لهذا اللاعب ونزعته الهجومية وحسِّه التهديفي، وبعبارة أخرى فألبير إيبوسي كان بصدد بناء كاريزما لامعة ليس بسبب تفوقه الفني وأدائه في الميدان فقط ولكن أيضا لشخصيته المنفتحة على التفاعل والتواصل الاجتماعي، ولدماثة ونبل أخلاقه.

وإنني أذكر جيدا تلك اللحظات الأليمة من مساء ذلك السبت الحزين من يوم 23أوت 2014 التي تناقلت فيها وسائل الإعلام الوطنية والعالمية خبر وفاة هذا اللاعب المتألق في البطولة الجزائرية على إثر مباراة بين شبيبة القبائل وإتحاد العاصمة في إطار الجولة الثانية من البطولة الوطنية، لقد شعرت بحزنٍ وألمٍ عميقين ولم أستطع أن أقاوم دموعي وأنا أتابع مراسم توديع ألبير إيبوسي وإرسال جثته لتُدفن في بلاده، كان موقفا حزينا مؤلما وكانت لحظات ثقيلة أسيفة لا أتمنى أن أعيشها مرة أخرى أبدا، لكن من هو ألبير إيبوسي ؟ هو موطن كاميروني من مواليد 06 أكتوبر1989 بمدينة دوالا التي تعتبر العاصمة الاقتصادية للبلاد، وقد لعب للعديد من النوادي مثل كوتون سبورت ويوني سبورت وكوالا أتلتيك انتهاء بشبيبة القبائل في الجزائر، وقد قاده تألقه إلى أن يكون عنصرا في الفريق الوطني لبلاده منذ سنة 2009 إلى غاية وفاته، وهو لم يتجاوز الخامسة والعشرين من العمر، والجدير بالذكر أن هذا اللاعب الكاميروني المتألق كانت له مواقف جديرة بالاحترام والتقدير، فقد رفض مثلا أن يلتحق بنادي مونبلييه الفرنسي ، لماذا ؟ لأن مدرب النادي الفرنسي كوربيس كان قد رفض الموافقة على إيبوسي عندما كان مدربا لإتحاد الجزائر، فإيبوسي لم يكن يريد أن يلعب كرة القدم فقط بل كان يريد أن يلعب حيث يجد كرامته والتقدير المطلوب له كإنسان وكلاعب.

ولكي نقف على حجم الصدمة التي خلَّفتها وفاة هذا اللاعب الكاميروني الشاب في الأوساط الرياضية الجزائرية يكفي أن نستعيد ماقاله مدرب شبيبة القبائل عزالدين آيت جودي : “يجب إيقاف كرة القدم في الجزائر ” في حين صرح اللاعب الدولي الجزائري إسلام سليماني : ” إن مقتل إيبوسي كارثة على الكرة الجزائرية ويجب إيقاف الدوري ” .

وأنا من خلال هذا المقال الموجز لا أريد أن أعود وأنكأ الجراح، إنما قصدتُ إلى غرض واحد ومحدد، وهو أن أدعو كل الجهات الرياضية والإدارية المختصة كما أدعو فعاليات المجتمع المدني ذات الصلة إلى التفكير بصورة جدية في إطلاق اسم اللاعب الراحل ” ألبير إيبوسي” على ملعب “تيزي وزو” الجديد ليس فقط وفاء لهذا اللاعب الراحل الذي تألق ذات يوم في البطولة الجزائرية وتخليدا لذكراه وإنما كرسالة محبَّة واعتذار وجبرٍ للخواطر والأفكار خاصة وأن الذكرى السادسة لوفاة إيبوسي ستحل بعد أيام قليلة (23 أوت 2020 ) وسيكون أمرا ذكيا ومشرفا أن تجري مراسم تسمية هذا الملعب الجديد بحضور أفراد من عائلة اللاعب الراحل، وأنا واثق أن الجهات الرياضية المعنية لو تعمد إلى تبني هذا الاقتراح الذي بدأ يجد صدى متصاعدا في مواقع التواصل الاجتماعي فإنَّها بذلك ستُبرهن على حسٍّ رياضي وثقافي مستنير، وتُرسل رسالة بالغة العمق والتأثير إلى كل إفريقيا مفادها أن اللاعب ألبير إيبوسي إذا كان قد راح ضحية عمل إجرامي أو طيش ورعونة عديمي الضمير، فإن الضمير الوطني الجزائري لم ينس اللاعب الراحل ولن ينساه فحيثما أرادت أيادي الغدر كتم أنفاسه ستُخلدُ ذكراه.

وفي الأخير أودُّ أن أختم هذا المقال بسؤال احتياطي ولكن ضروريا : ماذا لو يحدث وأن يُقتل لاعب جزائري – لاقدر الله – في إحدى الملاعب الأوربية أو الإفريقية أو العربية ؟ وهذا السؤال أظنه كافيا ليشرح بمافيه الكفاية ما قلناه وما لم نُرد أن نقوله هنا…

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023