هيجان في بحر الصين!!…بقلم راتب شاهين 

هيجان في بحر الصين!!…بقلم راتب شاهين 

تتلاطم أمواج بحر الصين الجنوبي ويتصاعد هيجانه مع تصاعد التنافس بين القوى العظمى، إذ يعتبر بحر الصين الجنوبي “قناة سويس” جديدة أو “مضيق بوسفور” جديداً في العلاقات الدولية الساخنة، فهو يحتل موقعاً مهماً في الحسابات الإستراتجية للدول العظمى، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تراقبه عن كثب وتنقل إليه أهم قطعها البحرية، والصين بطبيعة الحال فهو بحرها، كما أن الصراع فيه وعليه جذب دولاً محسوبة على أمريكا إضافة لروسيا للاهتمام به.

اعتبر بحر الصين في قراءات متعددة، “الصاعق الذي سيفجر الحرب العالمية الثالثة”، وخاصة أن مقدمات الحرب أصبحت كثيرة وليست بحاجة لقتل أرشيدوق النمسا فرانز فرديناند مرة جديدة، ويجب فقط الانتظار إلى ما سترسو عليه الأرقام الحقيقية للانهيار الجاري في الاقتصاد العالمي، أو لحظة الغضب الصيني الأعظمي من الخناق الذي تقوده أمريكا ضدها، أو وصول الجنون بالبيت الأبيض الأمريكي إلى لحظة التوهم بقناعة قدرة قواتها العسكرية على إحراز فارق ضد الصين في أي حرب.

سلسلة من المعارك المتتالية شنتها أمريكا على الصين، من اتهامات واشنطن لبكين “بالتجسس” على منشآتها النووية إلى “تقليد” اختراعاتها إلى الحرب التجارية، ومؤخراً تحميل بكين “مسؤولية انتشار كورونا”، ودخول أمريكا في النزاع بين الصين وجاراتها على بعض الجزر، ورغم صبر الصين الاستراتيجي، إلا أن تشديد الخناق عليها الذي خلط فيه بين الاقتصادي والسياسي، قد لا يطول أكثر، فالصين والعالم بانتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية ونتيجة الصراع بين الرئيس الحالي دونالد ترامب و”الدولة العميقة”، لفهم الموقف الأمريكي من الملفات العالمية العالقة في ساحات الصراع الأمريكية- الأمريكية، وإلى ذلك الحين تنتظر الصين والعالم، للبناء على الشيء مقتضاه.

رغم مقدمات الحرب الكثيرة إلا أن الإبقاء على الوضع الراهن المتوتر هو الأرجح، فأمريكا تتجنب خوض الحروب مع دول عظمى أو إقليمية فهي غير مضمونة النتائج بالنسبة لواشنطن، وأكثر ما يمكن للإدارة الأمريكية القيام به، جعل الصين قضية لتمتين العلاقة بين واشنطن وولاياتها برفع الصراع وتضخيمه، حتى يرتفع إلى مقام الخطر على الأمن القومي الأمريكي، وخاصة أن أمريكا في مرحلة التشرذم بحاجة إلى خطر خارجي كبير يجمع حوله كل الأمريكيين.

بحر الصين الجنوبي بؤرة ملتهبة في صراع القوى العظمى، قد يؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات الدولية، فالمواجهة رغم أنها بدأت ورغم أنها تحت السيطرة، إلا أن الفتيل قد جهز ومسمار الصاعق قد حرر، والحكمة في طرف واحد لا تكفي بل تحتاج طرفين، وهذا غير ممكن مع وجود أمريكا في الطرف المقابل.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023