وإن عدتم عدنا…بقلم د. أنور العقرباوي

وإن عدتم عدنا…بقلم د. أنور العقرباوي

كثيرة كانت هي الأسئلة التي ما لبثت أن طرحت نفسها، عن النتائج التي أدى إليها الهجوم الصاروخي الإيراني، على قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق، تطوع البعض في الإجابة عليها من تلقاء أنفسهم، سارعت في مقدمتها الجماعات التكفيرية في الزج فيها بنفسها، من خلال مواقفها الإنهزامية التقليدية المعروفة عنها، بينما آثر آخرون على أنفسهم التروي إلى حين انجلاء الضباب ومعرفة أدق تفاصيلها، في الوقت الذي عكف فيه المحللون والخبراء المهنيون، قراءة المشهد والبناء عليه، من خلال البيانات والتصريحات والكلمات، وما نشر من تسريبات وتغريدات!

القرار الذي اتخذ بالرد الإنتقامي على عملية الغدر، التي راح ضحيتها الشهيدين سليماني والمهندس، لم يكن سرا بل كان متوقعا ومنتظرا، وتحصيل حاصل لم يختلف عليه الطرفان الإيراني والأمريكي، ترد فيه الأولى الإعتبار لدماء شهدائها وتهدء في الوقت نفسه من مشاعر جماهيرها الغاضبة، بينما تبتلعه الأخيرة التي تدرك عدم شرعية عمليتها، طالما أنها ستكون محدودة ولا تمرغ كبريائها من خلالها وعنجهيتها!

المتتبع للتصريحات منذ بداية الأزمة الأخيرة، وعلى الأخص تغريدة ترامب التي سبقت الهجوم الصاروخي، والتي هدد فيها الإيرانيين برد ساحق من خلال “أسلحة لا مثيل لها”، وبين تغريدته التي أعقبت إجتماع مجلس أمنه القومي في أعقاب الرد الإيراني، التي ورد فيها أن “كل شيء على ما يرام”، وما تزامن معها من تغريدة وزير الخارجية الإيراني، بأن إيران “لا تريد أن تذهب إلى حرب مفتوحة”، يمكنه الإدراك بأن كل طرف قد توصل إلى ما يريده، وبأن الأمور قد عادت كي تسير نحو مجراها التقليدي، الذي يريد منه الرئيس الأمريكي إلزام إيران بإتفاق نووي جديد يمهره بتوقيعه حتى لا نقول نكاية بسلفه، بدليل أن أول ما افتتح كلمته في أعقاب إجتماع مجلس أمنه القومي صبيحة اليوم التالي، بأنه “لا يمكن لإيران أن تمتلك السلاح النووي”، بينما تصر فيه الأخيرة على أن أي إتفاق يجب أن لا تسبقه أي شروط، يحفظ لها حقوقها بالتطور التقني!

إذا وعودة على بدء، فإن كل من كان ينتظر من دولة في العالم الثالث، الزعم أنه بإمكانها أن تحقق نصرا عسكريا ولو كان محدودا، على الدولة الأقوى في العالم، فهو من دون أدنى شك ساذج وواهم، أو متربص تكفيري شامت، لا يقيم للعقل وزنا، أو للمنطق حيزا، لكن ذلك لن يمنع أن تمرغ في الوحل كرامتها وفوقيتها، حتى تعود يوما إلى رشدها، أو أن تتحمل سخط وغضب شعوب المنطقة عليها، نتيجة عنادها وعنجهيتها، وتدفع الثمن في كل مكان من خلال إستهداف مصالحها.

 

فلسطيني واشنطن

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023