وليام بيرنز “والاستخبارات الانتقائية”…بقلم المحامي محمد احمد الروسان

وليام بيرنز “والاستخبارات الانتقائية”…بقلم المحامي محمد احمد الروسان

دوماً وأبدأ ومراراً وتكراراً نتحوصل قولاً وفعلاً في هذه الهندسة كحكمة عميقة: أنّ الولاء للولايات المتحدة الأمريكية، أخطر من معاداتها.

فالعداء لها له مخاطره، والتحالف معها يقترن دائماً وأبداً بالمصائب والدمار، والعقل الدمشقي هو الوحيد الذي سبر غور نواة عقل أمريكا وكشفه، فجاءت المقولة التالية التي تدغدغ البعض وتثير أضغان البعض الآخر: هناك ثلاثة أسرار في عمق تاريخ البشرية: الله سبحانه وتعالى، ثم المرأة، ثم سياسة دمشق، لا أحد يعرف كيف تفكر دمشق؟ إنّ سياسة دمشق بالنسبة للغرب هي لغز. اتفاق نووي مع إيران عبر السداسية الدولية عام 2015 م، وصدر بقرار أممي من مجلس الامن الدولي، ثم انسحاب أمريكي أحادي منه في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، مع شحن الكرت النووي الايراني بكافة الاتجاهات وبأرصدة وحسابات مفتوحة، مع هندسة لعبة جديدة أمريكية عبر عميق الدولة العميقة في العالم، لعبة الانتخابات كل أربع سنوات، والان عبر قدوم ادارة ديمقراطية مثقلة الحمل، ومفخخة في العلاقات، ان نحو الداخل الامريكي، وان نحو الخارج الامريكي، ومع عودة محتملة من جديد للعلاقات الأمريكية مع كوبا ورفع سلّة العقوبات التي فرضتها الدولة العميقة عبر الرئيس دونالد ترامب، مع محاولات مرتقبة لخلق وتخليق وتفعيل الأدوات الاقتصادية والأستخباراتية لواشنطن في دول أمريكا اللاتينية، وإيصال القتلة الاقتصاديون لمراكز اتخاذ القرار وتنفيذه في تلك الساحات، كل ذلك يقود إلى حالة من الدفع التاريخي الحاد السائدة في العالم هذا الأوان، سأحاول أن أجمع وأكثف وأحلل في(حويصل)كمّاً من المعلومات لأخرج بمشهد آخر. انّ الهدف من الاتفاق النووي في الأصل والجذر، هو تفجير إيران من الداخل، فنحن لا ننجّم ولا نقتحم علم المستقبليات الذي يعتمد نظريات فلسفة التاريخ، عندما نبحث شكل العالم القادم بعد كل هذا المخاض غير المكتمل في عهد الرئيس دونالد ترامب، وهو مخاض مرسوم ومحدد عبر الدولة العميقة في أمريكا، والتي تشهد حالات من الصراع بصبغة التنافس بين أطرافها، بجانب تكريس وتجذير ضم القرم، وبعد عودة محتملة للعلاقات الامريكية مع كوبا بقرار آخر من البلدربيرغ الامريكي وعميق الدولة، فنحن أمام يالطا جديدة أنهت يالطا القديمة، والفاعل الوحيد والأوحد في التاريخ وحركته وفي صناعة المستقبل هو الله ربّ الحياة والموت، والناس والجنّ، مجرد أدوات يستعملها الخالق سبحانه لتحقيق التوازن في هذا العالم وعبر التدافع الأفقي والرأسي. وبين حالات الخلع الإستراتيجي ومحفزاته وتراكيبه في المنطقة ومن المنطقة، والإرباكات الأمريكية المقصودة للشرق الأوسط لغايات هيكلة وهندرة الوجود الولاياتي لهذا النفوذ، وبسبب الاتفاق النووي مع طهران فعّلت دولة الكيان الصهيوني أدواتها في دواخل أسيا الوسطى وخاصةً في دولة أذربيجان، والأخيرة كونها تعتبر النقطة الجيو – استراتيجية الأكثر أهمية في منطقة أوراسيا قلب العالم القديم، وتمثل بوابة السيطرة على منطقة حوض بحر قزوين(بحر الخزر بالتسمية الإيرانية)الغني بالموارد النفطية والغاز الطبيعي، وعن طريق أذربيجان يمكن بسهولة تهديد منطقة قلب الدولة الحيوي في إيران، وذلك لقربها الشديد من العاصمة طهران، والمناطق الإيرانية الفائقة الأهمية والحساسية، إضافة إلى وجود حجم ليس بالقليل لما يعرف بـ(الأقلية الأذربيجانية)الموجودة في شمال إيران، وتتميز بمشاعر عداء قوية إزاء المجتمع الإيراني، وتنشط داخلها حالياً بعض الحركات الانفصالية التي تطالب بالانفصال عن إيران والانضمام لأذربيجان، وذلك بدعم المحور الأمريكي الغربي الإسرائيلي البعض العربي، ولأنّ أذربيجان تشكل نقطة تموضع كقاعدة يمكن تهديد المنشآت الروسية في مناطق منابع النفط الروسي منها، ومحطات الطاقة الكهرومائية الروسية، وأيضاً منطقة جنوب غرب روسيا التي تتمركز فيها الأنشطة الصناعية الروسية، ولأنّ أذربيجان تشكل بطريقة أو بأخرى محطة لدعم الحركات المسلحة في آسيا الوسطى ومنطقة القفقاس، وبالتالي فإن دعم هذه الحركات عن طريق باكو من الممكن أن يؤدي إلى المزيد من القلاقل في هاتين المنطقتين. وكل الأحداث الإقليمية مترابطة، وكل حدث محلي هو بالضرورة وبالتبعات إقليمي ودولي أيضاً، ويذهب الكثير من المتابعين أنّ اتفاق السداسية الدولية مع طهران والذي قاد في النهاية الى الاتفاق النووي ثم الانسحاب الامريكي الاحادي منه في عهد ترامب، والان احتمالية العودة لليانكي الامريكي من جديد له، والاحتمال في السياسية ليس يقيناً ولا يوجد في السياسة أيضاً شيء مقدس، يحمل من المؤشرات والدلالات ما يتجاوز فكرة النووي الإيراني، إلى مرحلة تؤسس لعهد جديد في المنطقة في الترتيبات الإقليمية متضمنّاُ اعترافاً صريحاً بمدى النفوذ الإيراني، لذلك سنرى لاحقاً محاولات ذات مخاضات مزمنة غير مكتملة، لتشكل تحالف إقليمي تركي سعودي مصري قطري اماراتي بامتدادات باكستانية، لبناء طوق صلب حول إيران يحيط بها من الجهات الأربع بمحيط متجانس مذهبيّاً إلى حد ما، لتحقيق نوع من التوازنات بمفهومها الشامل، أو ليكون بمثابة حصان طراودة للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، وفي ظل عودة واستمرار التحالف الأمريكي مع الإسلام السياسي في المنطقة وعبر نيولوك جديد، وخاصةً في حال تطويع وتأطير تنظيمات الأخوان المسلمين، في إطار قريب جداً من نموذج حزب العدالة والتمنية التركي، المراد تسيّده وأدلجته في المنطقة، وهذا من شأنه أن يجعل تنظيم الأخوان المسلمين بهويات وطنية كلّ في ساحته وهويته وظروفه، إن حدث هذا(السابق ذكره مع واشنطن دي سي)تصبح أي تنازلات إيرانية نووية في الاتفاق إياه، مسألة تفصيلية أو تفصيل غير ذي صلة(المهم تأمين الحد الأدنى من حاجات إيران النووية). تساؤلات عديدة على شاكلة التالي: هل ستتكيف العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي مع القنبلة النووية الإيرانية، كما فعلت في الماضي القريب مع الباكستان والهند، وفي ظل معطى استراتيجي يتموضع في أنّ أمريكا تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديداً استراتيجيا،ً في حين أنّ”إسرائيل”تعتبره تهديداً وجوديّاً؟ هل صار البلدربيرغ الأمريكي يؤمن بحقيقة أنّ إيران دولة إقليمية حقيقية عقلانية ذات مجال حيوي تبني سلوكها على الربح والخسارة، وبالتالي لا بدّ من التعايش مع إيران نووية كخصم قوي؟ هل مشكلة وعقدة واشنطن مع إيران في مفاصل تقنية البرنامج النووي، أم في المعرفة النووية والتي صارت تحصيل حاصل، ومتحققة ايرانياً وبتقدم مبهر، أم في سلوك إيران ونفوذها الإقليمي؟. الغرب لا يفهم إلاّ لغة المصالح والاقتصاد، لذلك قرّرت الدولة العميقة الامريكية، وعبر مفرزها الجديد جوزيف بايدن كناطق باسمها، بإيعاز من البلدربيرغ الأمريكي، جنين الحكومة الأممية، وعبر إدارته(حكومة الأوتوقراطية الأمريكية)وذراعها العسكري المجمّع الصناعي الحربي، الى العودة الى الاستراتيجية الامريكية في المنطقة وقت الرئيس الأسبق باراك أوباما، مع تعديلات وتحسينات في الجوهر الى حد ما، من خلال الرهان على التقارب مع إيران من مدخل ملفها النووي واحتماليات العودة من باب التفاوض، كمقدمة لتحسين جلّ العلاقات معها ومحاولة إحداث التغيير الهادئ من داخلها، تنفيذاً لتوصيات عميق مجتمع مخابرات عميق الدولة العميقة ومفادها: أنّ مفتاح التغيير في المنطقة يمر من البوّابة الإيرانية، وأنّه لا حل لاحتواء إيران سوى الانفتاح عليها والرهان على مخطط تثويري بعيد المدى لزرع ثقافات الماكدونالد بديلاً عن ثقافات الثورة، في وجدان وعقول الأجيال القادمة في إيران نفسها، واللعب بالطبقة الوسطى الإيرانية والتغلغل داخل مفاصل الدولة الإيرانية للتفجير الناعم لها من الداخل، فالتطبيع مع إيران هو أحد آليات تنفيذ هذا السيناريو – استراتيجيات التطبيع الناعم. هذا الهدف الاستراتيجي يؤكد أنّ التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران والتنازل لها عن حقوقها دون مقابل يذكر(سوى تنازل إيران في الهوامش للغرب)هو حاجة أمريكية بالأساس، فتم الشروع في مذهبية الاستثمار في الجزرة النووية الإيرانية لاحتواء إيران والنفاذ إلى دواخلها، ضمن إستراتيجية كاملة وشاملة تصلح لعقود، ومن ثم أعمال أدوات التخريب الناعمة حتّى تعطي ثمارها على المدى البعيد، وقد يكون هذا هو السبب الرئيس لمعارضة الحرس الثوري الإيراني والجناح المحافظ للاتفاق النووي منذ البدء في التفاوض وقت ادارة أوباما لحين التوقيع عليه، ثم الانسحاب الامريكي منه عبر استراتيجيات اللعب وتوزيع الأدوار من قبل كارتلات الحكم الامريكية، بين كوادر الحزب الجمهوري وكوادر الحزب الديمقراطي. المعطيات والوقائع والمعلومات بدأت تتحدث، أنّ وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الجديد، والذي عمل في السابق كسفير لبلاده هنا في عمان وفي موسكو، وهو من خاض التفاوض بعمق من الجانب الدبلوماسي الامريكي مع ايران والى حد ما ترتاح له طهران، يجهد ناشطا هذا الأوان، وبالتنسيق مع رئيس مجمّع الأستخبارات الفدرالي الأمريكي والمخابرات القومية الامريكية، في محاولة لخلق وتأسيس، لمذهبية استخباراتية جديدة، في الولايات المتحدة الأمريكية وتباشر العمل بها، مع احتماليات العودة الى الاتفاق مع طهران، الذي بالأصل تم التسيّل التشريعي له في السابق، إن لجهة كواليس أروقة وغرف تشريع الكونغرس الأمريكي في عهد أوباما، وان لجهة مجلس الشورى الإيراني ولجانه وغرفه التشريعية والسياسية المساندة، الى أن صدر قرار به من مجلس الأمن الدولي. تهدف هذه المذهبية التي يراد خلقها أو تخليقها، الى دفع شبكات المخابرات الأمريكية المتعددة، ازاء تغيير أسلوبها الذي كان وقت الرئيس المنصرف للتو دونالد ترامب، واستبداله بأسلوب مستحدث جديد يقوم على مفهوم: الأستخبارات الأنتقائية، وصولاً الى مفهوم تقارير الاستخبارات النهائية(التي تقف على باب الرئيس أو الملك) والتي تكون نتائج للتحليل الدقيق للمعلومات والتوقعات، وهذا ما يؤمن به وليام بيرنز مدير السي أي ايه الجديد، بعبارة أكثر وضوحاً، أي اعداد التقارير الأستخباراتية، التي تعتمد الوقائع والأدلة لا الفبركات والكذب، التي من شأنها دعم توجهات الأدارة الأمريكية الحالية – ادارة جوزيف بايدن، وفقاً لما أطلق عليه في السابق، المحافظين الجدد الحربائيين العائدون بثوب الحزب الديمقراطي: التقارير المواتية التي تتيح، تعزيز رؤية وطموحات وتطلعات، القيادة السياسية الأمريكية، ومن ورائها الأيباك الأسرائيلي، ازاء الملف السوري بتشعباته المختلفة، وارتباطاته بالساحة اللبنانية، وازاء الملف الأيراني، ومجالاته الحيوية تحديداً، مع اشتباكات مخابراتية انتقائية جديدة، في ملفات: باكستان، الهند، أفغانستان، أسيا الوسطى، كوريا الشمالية، ايران…الخ. ولمّا كانت التقارير الأستخباراتية، ذات العلاقة بالتخمينات والمؤشرات وتقديرات المواقف السياسية، تلعب دوراً رئيسياً ومهماً، في صناعة القرار أولا، ومع نهايات الثواني والدقائق الأخيرة الحاسمة، وقبل صدور القرار، مع ما تؤكده معطيات الخبرة العملية، لعملية صناعة واتخاذ القرار الأستراتيجي، لجهة أنّه كثيراً ما تتضارب التقارير المخابراتية، مع توجهات القيادة السياسية. هل جذر الاتفاق النووي مع ايران بالأساس، تغير في الاستراتيجيات أم في التكتيك؟ أم أنّه تغير في أهداف ومنحنيات السياسة الأمريكية في جلّ المنطقة، والتي هي نتاج هندسة توزيع الأدوار بين الجمهوري والديمقراطي من قبل عميق الدولة الامريكية ومثلاً كل أربع سنوات؟ ويعني تراجع أمريكي من مستوى تغير سلوك إيران وتقليص مساحات نفوذها، إلى العمل على احتوائه، ويعني التسليم بنفوذ إيراني ومحاولة رسم إطار له، إطاراً جغرافيّاً للنفوذ العسكري الإيراني وامتداداته الميدانية عبر الأنصار والحلفاء في المنطقة، حيث إيران وضعت كل بيضها خارج السلّة الأمريكية فنجا من الكسر، بينما العرب ومع كل أسف وضعوا كل بيضهم فيها وأزيد من بيضهم، لهذا سينكسر جلّه ويزحفون على بطونهم، فالعراق بالنسبة لإيران جزء من أمنها القومي، وسورية بالنسبة لحزب الله عمق استراتيجي، واللغة الدبلوماسية غير اللغة الأستخباراتية المواتية، ولا حليف لأمريكا سوى نفسها، والمشهد صار سرياليّاً، وان قام بعض العرب بزيارة إيران، فهي زيارة الضعيف للقوي، هكذا المعادلات تقول وتتحدث وبعلم الرياضيات السياسية التي لا تجامل أحداً، وهذا أجمل شيء في لغة الرياضيات السياسية الرقمية، والتي تتساوق مع منطق الأمور، حيث لا مكان للعواطف والمشاعر والرغبات والأمنيات والهوبرة، في ثناياها وتمفصلاتها وتحوصلاتها، في أصل جذورها التربيعية والتكعيبية، أنّها الرياضيات العقلية لغة الأرقام ولغة المنطق. في المنظور الإسرائيلي الصهيوني لاتفاق إيران النووي بأنّه عمليّاً: هو نتاج صمود الدولة الوطنية السورية وتماسك جيشها وأجهزتها الأمنية ومؤسسات القطاع العام، وبالمجمل صمود النسق السياسي السوري. “إسرائيل” الصهيونية ترى في مفاعيل وتفاعلات مفهوم ايران دولة نووية او على الأقل على طريق ومسار أن تكون نووية، يعني الاعتراف بإيران دولة إقليمية لها نفوذها ومجالها الحيوي في جلّ منطقة الشرق الأوسط، وبحق إيران في تخصيب اليورانيوم كعملية تقنية فنيّه نووية وبعيداً عن نسبة التخصيب(بعد الانسحاب الامريكي الأحمق من الاتفاق النووي الايراني، بدفع من عميق الدولة، عبر الناطق الرسمي السابق دونالد ترامب)، ويعني ضخ المزيد من الأموال المجمّدة، وهذا يقود إلى تحسين الاقتصاد الإيراني وبالتالي تحسن وانتعاشات في الاقتصاد السوري المأزوم نتيجة المسألة السورية. ويعني تخفيض نسبة البطالة في إيران بشكل ملموس، وتخفيض نسبة التضخم المالي، واستعادة العملة الإيرانية لما فقدته من قيمتها، وبالنتيجة احياءات متصاعدة لدورة الاقتصاد الإيراني. وفي ذات السياق العام ترى “إسرائيل” الصهيونية، أنّ نووي إيران ما زال غامضاً ويحتاج إلى مزيد من الإيضاحات والكشف عن مفاصل المعلومات، وصحيح أنّ إيران لم تتنازل عن حقها في التخصيب. من جانب حذر، تنظر “إسرائيل” الصهيونية إلى اتفاق إيران كحدث سياسي، قد يقود إلى حالة إستراتيجية من العلاقات المختلفة مع العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، وبالتالي مع العالم، ومن جانب آخر كنتيجة مفعّلة سوف يقود إلى التقليل من الرقعة الجيواستراتيجية، التي تسيطر عليها روسيّا والصين في منطقة الخليج، وقد يقود هذا إلى إحياء عودة النفوذ الأمريكي إلى أسيا الوسطى عبر إيران، ويقود إلى تراجع تركيا وتمايز في علاقاتها مع واشنطن. ولكن”إسرائيل” الصهيونية تحاول إخفاء ابتسامة هنا: أنّ اتفاق نووي إيران، سوف يؤسس إلى تغير تدريجي في نواة المجتمع الإيراني عبر الطبقة الوسطى الإيرانية، واستعادة الأخيرة لديناميكياتها بسبب تحسن الاقتصاد الإيراني، كونها الطبقة التي يمكن الرهان عليها في إحداث التغيير المنشود والمأمول أمريكيّاً وغربيّاً وصهيونيّاً، كونها طبقة لها آفاق سياسية كبيرة في إيران وهي ذات مكون بشري شاب، والطبقة الوسطى في إيران هي مصنع القيادات السياسية والثقافية والفكرية والعلمية والعسكرية والأستخباراتية، وهي التي تحافظ على الصراع الطبقي في المجتمع، بينما “إسرائيل”الصهيونية تضحك بتشفي بأنّ الطبقة الوسطى في الأردن تم تذويبها وإلغائها ضمن نهج محدد في السياسات الاقتصادية وغيرها، لتأجيل وأو إلغاء أي رهان سياسي عليها في التغيير مع كل أسف، ففي حالة اندلاع الصراع وأو التنافس لمستويات ساخنة على المدى الطويل في الداخل الأردني، فسوف تكون النتائج عنيفة بالمعنى السياسي والأمني والمورد البشري، فلا طبقة وسطى يمكن لنواة الدولة الأردنية عندها الركون إليها، لإعادة التوازن للصراع المجتمعي أو إن شئت سميه التنافس بفعل المحفزات الداخلية الديمغرافية، والمحفزات الخارجية الإقليمية والدولية، والتي يصار لتوظيفها عبر البلدربيرغ الأمريكي ونواته الأممية، بعد تعثر المشروع الأمريكي في سورية. اذاً أمريكا قد تعود الى الاتفاق النووي، ضمن مفهوم جدلية العودة ورفع العقوبات، في عهد الناطق الرسمي الجديد جوزيف بايدن لعميق الدولة فيها، من خلال لعبة مستحدثة عندما تنضج الظروف والمعطيات، وتتضح مسارات واتجاهات الحروب البيولوجية مع الصين والروس والغرب الأوروبي، حيث الغرب وعبر الاتفاق النووي، يسعى إلى تغير طبيعة النظام السياسي في إيران، عبر الطبقة الوسطى الفاعلة في المجتمع الإيراني، كمقدمة لإنهاء البرنامج النووي الإيراني وعبر إطلاق العنان وافساحات للمجال السياسي لطهران وإدماجها في بيئة الاقتصاد العالمي. والاعتراض الإسرائيلي الصهيوني هنا: هو أنّ هذا يحتاج إلى وقت طويل ومثابرة وهذا لا يصب في الصالح الإستراتيجي الإسرائيلي مع وجود نخب سياسية وعسكرية واستخباراتية واقتصادية إيرانية تلتف حول الدولة الإيرانية وولاية الفقيه. ونظرة “إسرائيل” الصهيونية أنّ اتفاق إيران يعزّز مكانة إيران كقوّة نفوذ في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ويقود إلى تقاربات ومزيد من العلاقات مع غالبية الشعب الأذري في شمال إيران حيث أذربيجان، والى تفاهمات خاصة وجديدة مع باكو حول مخزونات بحر قزوين في الشمال الإيراني للتوصل، إلى اتفاقيات إطار قانوني مع الدول الأربعة الأخرى المطله عليه وهل هو بحر أم بحيرة؟ كذلك إلى تفاهمات إيرانية أذربيجانية حول الوجود العسكري والأستخباري الإسرائيلي المستتر في الداخل الأذربيجاني. “إسرائيل”الصهيونية تسعى إلى توظيفات لأتفاق إيران النووي، واحتمالية عودة أمريكا له عبر عهد الناطق الرسمي الجديد بايدن وتعمل عليها، للحصول على ثمن ما غير واضح في مجمل الصراع العربي الإسرائيلي وخاصةً على المسار الفلسطيني – “الإسرائيلي”، خاصة مع احتمالية عودة بنيامين نتنياهو للحكم ولكن دون أن يشكل حكومة لوحده وحزبه، كأن يكون مثلاً بقاء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، تفاهم حول القدس مع بقاء سفارة اليانكي الامريكي فيها، والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، وحول كل موضوعات الحل النهائي بما فيها اللاجئين والنازحين، وأنّه في حالة عدم منح “إسرائيل” هذا الثمن فسوف تعيقه وعبر أدواتها في الداخل الأمريكي وفي الكونغرس وغيره من مؤسسات الدولة الأمريكية وعبر أدواتها في الخارج الأمريكي وفي أوروبا، الاّ في حالة واحدة محتملة وهي رفض الحكومة الأممية(البلدربيرغ)الأمريكي التوجهات الصهيونية، وهذا باعتقادي ما سيكون، حيث الدولة العميقة بعهد الرئيس باراك أوباما لجمت اسرائيل، وأفشلت كل محاولاتها في منع التوقيع على الاتفاق في حينه!. وترى “إسرائيل” الصهيونية في الاتفاق النووي مع إيران، أنّه أشّر إلى حد ما على انتصار المكون الشيعي السياسي ضد المكون السنّي السياسي، واستمرار النسق السياسي السوري، واستعداده للنسق السوري، على اجراءالانتخابات السورية القادمة وبقاء النظام الرئاسي في الدستور، والرفض للنظام البرلماني الذي تسعى أمريكا واسرائيل عبر عملائها في الفريق السياسي المعارض في لقاءات جنيف، على ايجاده في الدستور الجديد، وبقاء الرئيس لقيادته المرحلة الانتقالية القادمة، والتي يمكن أن تنتجها أي عملية سياسية تسووية قادمة، واتفاق إيران أدخل الدول العربية المطلة على الخليج في دائرة الخطر الإستراتيجي، والتمهيد للثورات فيها لأحداث التغيرات المطلوبة أمريكيّاً، وهذا ما لا تريده “إسرائيل” الصهيونية الآن على الأقل بعد توقيع اتفاقيات ابراهم التطبيعية مع الاماراتي والبحريني حديثاً، وقطر في حالة ذوبان كامل منذ زمن بعيد مع رؤى الكيان الصهيوني، والسعودي في حالة انتظار وترقب، يرقب نفسه وغيره. تل أبيب الصهيونية ترى أنّ إيران قدّمت تنازلات في الهوامش ونسب التخصيب وتفاصيل أخرى لا تعيق حقها في التخصيب الذي شرعنه الاتفاق النووي الموقع معها، وأنّ الاتفاق النووي فقط أبطأ جوهر مشروعها، ولكن بسبب الانسحاب الامريكي الأحادي حدث العكس الان، حيث هناك تسارعات في تقدم وتطوير البرنامج النووي الايراني بأجهزة طرد متطورة وعديدة في منشأة فوردو المحصّنة في عمق الجبال، والتي صار اسمها منشأة الشهيد محسن زاده، وفي مفاعل نطنز، وكذلك انشاء مفاعل نووي آخر يعمل بالماء الثقيل غير مفاعل أراك والذي يعمل بالماء الثقيل أيضا، وأن اغتيالها للعالم محسن زاده، أعطى دفعات الى الامام في انطلاقة مسارات متعرجة للبرنامج النووي الايراني، والبرنامج الصاروخي الباليستي، وفي مديات الصواريخ، بعد كشف عن قاعدة صاروخية استراتيجية تحت الارض، مطلة على الخليج بمسافات قريبة تقدر بعشرين كيلو متر فقط أو أقل من ذلك. “إسرائيل” الصهيونية ترى في اتفاق إيران يعني استخدام الجمهورية الإسلامية الإيرانية لأوراقها السياسية، وأدواتها العملياتية في داخل الباكستان وأفغانستان ومع حركة طالبان أفغانستان، وطالبان باكستان، لتسهيل عمليات انسحاب جزئية لبعض القوّات الأمريكية من أفغانستان مع عدم عرقلة ومواجهة المصالح الأمريكية هناك، وهذا من شأنه أن يقود إلى حالة من التسكين على طول خطوط العلاقات الأمريكية الإيرانية، وهذا لا يصب في الصالح الإسرائيلي الصهيوني. تتحدث المعلومات أنّه: وبعد باكورة نشاطات هاتفية آنية لمستشار الأمن القومي الامريكي الجديد لبايدن جيك سوليفان، وسبقها بأسبوعين بلقاءات أمنية على مستوى عالي، وقبل تنصيب بايدن(من لقاءات سرية واتصالات علنية لجيك سوليفان مع مسؤولين أوروبيين ويابانيين وكوريين جنوبيين وعرب ومسلمين، حول روسيّا والصين وكوريا الشمالية وايران وسورية)أنّ مؤسسات القرار السياسي والأمني في واشنطن في مفاصل الادارة الديمقراطية، تفكر وبجدية متناهية وبعمق، إقامة(مظلة دفاعية مستحدثة)من أجل حماية حلفائها في منطقة الخليج خاصةً، والشرق الأوسط عامةً، من ما يسمّى في المجتمع الدولي(الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل)وفي سائل الميديا العالمية بالخطر النووي الإيراني(مفهوم فوبيا ايران من جديد كثابت وليس متغير)، حيث العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي عبر عميق الدولة فيها وحلفائها، يبذلون قصارى جهدهم من أجل منع إيران من الحصول على القدرات النووية، بما فيها القنبلة النووية والتي لا تسعى إليها ولا تريدها إيران أصلاً، والأخيرة(أي ايران)باعتهم قنبلة نووية لا تملكها، لقاء رفع عقوبات لا تستحقها عبر الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترامب وبايعاز من الدولة العميقة، وأعاد فرض العقوبات الأحادية الجانب عليها من جديد، ودخولنا الان في معادلة: جدلية العودة الامريكية للاتفاق النووي مع طهران ورفع العقوبات. ومع كل ذلك، الدولة العميقة في الولايات المتحدة الامريكية، وعبر الناطق الرسمي الجديد لها العجوز الكهل جوزيف بايدن، قرّرت إذا استمرت طهران في برنامجها النووي دون أي أثر على عملية إبطائه عبر الاتفاق حتى ولو لم تعد اليه من جديد وترفع العقوبات التي فرضها، مولانا دونالد ترامب الصفق، وصار(ومن الزاوية الأمريكية)حصولها على القدرات الحربية النووية أمراً واقعاً لا فرار منه، فانّ واشنطن ترى أن الحل يكمن في خيار نشر القدرات النووية الأمريكية في المنطقة، لحماية حلفاء أمريكا وحماية المصالح الأمريكية الحيوية ليصار إلى ابتزاز الجميع وبالجميع وعبر الجميع ومن جديد. لقد وجدت واشنطن في استخدام الخطر النووي الإيراني، الفزّاعة المناسبة التي فتحت أمامها نافذة الفرصة لنشر قدراتها العسكرية النووية وبشكل مكثف في الشرق الأوسط، مما يتيح لها وضع منطقة الشرق الأوسط بشكل نهائي وأخير تحت السيطرة العسكرية الأمريكية، وبالتالي يجعل هذه المنطقة خطّاً أحمراً أو” تافو” محرّم على القوى الدولية الأخرى كروسيا الفدرالية والصين والاتحاد الأوروبي، ومن هنا نلحض أن الدولة العميقة وفي آخر ربع ساعة من حكم ترامب، أمرته بوضع اسرائيل ضمن القيادة الوسطى الامريكية، لفرض التطبيع العسكري على الجميع. وعبر هذه الفزّاعة الإيرانية النووية وتضخيمها(بجانب الاتفاق النووي واحتمالية عودة اليانكي الامريكي له)، تستطيع العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، من توسيع نطاق انتشار القواعد العسكرية الأمريكية في المناطق ذات الأهمية والحساسية الفائقة إزاء السيطرة على النظام الدولي، بعد أن فشلت الولايات المتحدة الأمريكية ومن ارتبط بها من العربان في إسقاط النسق السياسي السوري، وبالتالي هي تسعى وعبر نشر قواعدها العسكرية والنووية، لوضع إيران تحت السيطرة الأمريكية، بما يتيح لواشنطن لاحقاً القيام بعملية احتواء النظام الإيراني، وتعزيز القدرات العسكرية للقيادة الوسطى الأمريكية، بما يتيح لها قدرة أكبر في السيطرة على المسرح الشرق الأوسطي، لجهة الردع والحسم السريع لكافة أشكال وأنواع المهددات الماثلة والمحتملة. مصادر عليمة أمنية وسياسية وعسكرية، تتحدث عن معلومات حول المجمّع العسكري الصناعي الحربي الأمريكي أحد أذرع الدولة العميقة، وشركات سلاح أمريكية وغربية ذات صفة أممية، تمارس الان ضغوط كبيرة على الإدارة الأمريكية الحالية – ادارة الكهل جوزيف بايدن، لكي يتم عودة أمريكا الى الاتفاق، حتى ولو دون أي تفاوض بسيط باطار خمسة + 1، مع إيران وتذليل كافة العقبات، واعتماد مبدأ موازنة القدرات العسكرية النووية الإيرانية، بنشر المزيد من القدرات العسكرية النووية الأمريكية، لأنّ دراسات الجدوى التي تفحّصها خبراء هذه الشركات، أكدت أنّ الشركات العسكرية الأمريكية وكيانات المجمع الصناعي الحربي الأمريكي، ستحصل على إيرادات مالية لا مثيل لها إذا ما استطاعت واشنطن توظيف فزّاعة الخطر النووي الإيراني بجانب عودتها الى الاتفاق مع إيران، وجعل بلدان الخليج تذهب إلى سباق تسلح إقليمي واسع النطاق(السعودية تسعى الآن الى امتلاك قدرات نووية عبر التعاون مع روسيا مثلاً)، حيث هذا السباق في التسلّح، يتم على خلفية قيام واشنطن بنشر قدراتها العسكرية في المنطقة، طالما أن ذلك يؤدي إلى إلزام دول الخليج بتمويل نفقات القواعد العسكرية الجديدة، وفي العراق حيث يتم احياء داعش من جديد فيه وفي سورية، التفجيرات الارهابية الاخيرة في العراق، وتصعيدات قسد الكردية في الحسكة السورية وسعيها الى السيطرة على عين عيسى، بعد تسلم بايدن السلطة في امريكا كناطق رسمي باسم البلدربيرغ الامريكي، مع تهديدات الرئيس التركي بدخول سينجار شمال العراق لأخراج حزب العمّال الكردستاني، مع بيع المزيد من العتاد والأسلحة الأمريكية المتطورة لدول الخليج(فخ اليمن)، كذلك جعل دول الخليج وبقية حلفاء أمريكا العرب بالدخول في روابط واتفاقيات إستراتيجية مع واشنطن، لكي تكون وعلى وجه التمام مثل اتفاقيات حلف شمال الأطلسي(الناتو)، والتي ظلّت على مدى أكثر من ستين عاماً وأزيد، تفرض القيود والالتزامات على بلدان غرب أوروبا. إشعال حرب باردة جديدة في الخليج العربي والشرق الأوسط عبر الحدث السوري والحدث النووي الإيراني، بشكل يتيح لأمريكا ربطها مع الحرب الباردة في الباسفيك ضد الصين والحرب الباردة في وسط وشرق أوروبا ضد روسيا الفدرالية، بما يفتح المجال أمام حرب باردة عالمية جديدة توفر الغطاء لمساعي واشنطن من أجل إعادة تشكيل الخارطة الجيو سياسية العالمية، تعبئة بلدان الخليج وحلفاء واشنطن الشرق الأوسطيين للانخراط إلى جانب واشنطن في المواجهات الدولية والإقليمية، وعلى وجه الخصوص المواجهة الأمريكية الصينية والمواجهة الأمريكية الروسية. بالرغم من الاتفاق النووي مع ايران، فانّ نواة الدولة الأمريكية(البلدربيرغ الأمريكي) قرّرت إبقاء ما يسمّى بالخطر النووي الإيراني، لفترة طويلة قادمة هو الخيار الأنسب والأفضل لا بل الأمثل النموذج بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها – رغم انسحابها منه بعهد ترامب واحتمالية عودتها الان له واليه وعبره، لتفجير ايران من الداخل، إن لجهة استخدامه كغطاء لتنفيذ أحد أهم المخططات الأمريكية الساعية للسيطرة على العالم، حيث كلما كان الخطر النووي الإيراني موجوداً، كلما وجدت المبررات لاستخدامه كغطاء في تنفيذ متطلبات عملية التظليل الإستراتيجي الواسعة النطاق ضد بلدان المنطقة، كذلك توافر القدرات العسكرية النووية الأمريكية في الخليج والشرق الأوسط، هو توافر لن يؤدي إلى ردع واحتواء الخطر النووي الإيراني، وإنما إلى ردع واحتواء القدرات العسكرية التقليدية العربية ومنعها من التحول إلى قدرات غير تقليدية حماية(لإسرائيل) الطارئة على كل شيء في المنطقة. وتسعى أمريكا إلى بناء تحالف عسكري في الخليج والشرق الأوسط كما هو الحال في تجربة حلف الناتو، مع إطلاق محادثات سريّة لا مفاوضات لما يسمّى بالسلام في الشرق الأوسط، والتي تشي كل المعلومات السياسية والإعلامية والأستخبارية في وسائل الميديا العالمية، أنّها محادثات ليست للتسوية وإنما لتصفية القضية الفلسطينية برمتها، عبر ما يسمّى بالسلام الإقليمي، وجعل مطبخ القرار في الأردن يفكر من الآن بما يسمى بالحدود المعقولة لتوطين اللاجئين والنازحين لديه، ودمجهم بالمجتمع الأردني مع تغيير قواعد اللعبة السياسية الداخلية، مع غياب تام لأية ضمانات دولية في هذا السياق، والذي يجد آذاناً صاغية في عميق الدولة الامريكية، عبر إدارة بايدن الديمقراطية، وهي نسخة ثالثة لادارة أوباما بشكل معمّق. أنّ إدارة الرئيس الناطق الرسمي باسم الدولة العميقة جوزيف بايدن صحيح أنّها ديمقراطية، إلا أنها بأجندة جمهورية لأربع سنوات قادمة((أنظر إلى جغرافية ما يسمّى بالربيع العربي من تونس إلى مصر، فليبيا إلى سورية، ولبنان وفلسطين، والعراق، وما يحضّر للجزائر والمغرب – راجع تحليلنا السابق: (الجزائر مستهدفة من الدولة العميقة في أمريكا)وما يحضذر أيضاً لموريتانيا حيث نفوذ اقتصادي إيراني فيها، عبر الاستثمارات في الثروة السمكية الهائلة والأمريكان يريدون استهداف هذا النفوذ، والأردن كذلك، فكل جغرافية هذا الربيع العربي في عيون استراتيجيات الخداع الأمريكية، إن لجهة الديمقراطي، وان لجهة الجمهوري، طالما أنّ المشغّل واحد هو البلدربيرغ الأمريكي – وعميق الدولة وجنيين الحكومة الاممية، وهي(أي ادارة بايدن وأجندة ادارتي أوباما السابقتين، وحيث ادارة جو بايدن النسخة الثالثة من ادارتي باراك أوباما)أخطر على الشرق الأوسط، وقضية الصراع العربي الإسرائيلي وجوهره القضية الفلسطينية، وعلى العالم من إدارتي بوش الجمهوري، وادارة الرئيس المنصرف للتو دونالد ترامب. نعم : إنّ إستراتيجية الاحتواء التي سبق وطبقتها واشنطن في غرب أوروبا وتركيا خلال الحرب الباردة، قد أتاحت للولايات المتحدة الأمريكية السيطرة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية على الأوروبيين، والآن فقد آن الأوان لاستخدام معطيات إستراتيجية الاحتواء هذه ضمن صيغة جديدة معدلة لجهة تفعيل مفاعيل إسقاطها على منطقة الخليج والشرق الأوسط وسورية وإيران معاً. فمن أجل أن تثبّت اسرائيل الكيان الصهيوني، فإنها تسعى دائماً وبثبات إلى تحقيق تفوق استراتيجيين، وهذا الكيان العبري لا يجد وسيلة لبقائه الاّ بتحوله بالكامل إلى ثكنة عسكرية، وبامتلاكه السلاح النووي، حيث ذهب إلى تطوير البرامج النووية التي تستخدم للأغراض العسكرية، وصناعة القنابل الذرية، ففي العاشر من آب عام 1948 م وبعد قيام هذا الكيان العبري الطارئ على التاريخ والجغرافيا في المنطقة، أنشئت مؤسسة الطاقة الذرية الأسرائلية ” ناجال سوريك “التابعة إلى وزارة الحرب الإسرائيلية، كما وضعت الخطط لبناء مفاعلات نووية ومسرعات ذرية وإنتاج الماء الثقيل والحصول على اليورانيوم المخصّب، ولهذا التسليح العبري أبعاده الإستراتيجية، إنها ليست مشكلة حدود أو سيادة، بل مشكلة بقاء مادي بكل ما في هذه الكلمة من معنى، وهي مسألة بقاء لا للشعب اليهودي في الأراضي المحتلة عام1948 م فقط، بل للشعب اليهودي في جميع أنحاء العالم. والحديث عن السلاح و/ أو البرنامج النووي الإسرائيلي، يتم تجاهله تماماً وكأنّ هذا البرنامج و/ أو السلاح لا يشكل خطراً أو تهديداً أو تقويضاً للسلام والأمن في المنطقة، التي تعد أكبر المناطق في العالم التهاباً وتوتراً بسبب الاحتلال العبري للأراضي العربية المحتلة / الجولان السوري، مزارع شبعا، قرية الغجر، وكذلك الأرض الفلسطينية المحتلة / عام 1948 م وعام 1967 م . والمفارقة المضحكة المبكية هي: وعلى الرغم من أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تتبنى بنفسها منذ فترة مسألة حظر أسلحة الدمار الشامل، الاّ أنها رفضت منذ سنوات التصديق على معاهدة حظر إجراء التجارب النووية، بل أنّ واشنطن لم تتخذ موقفاً مناهضاً لامتلاك ” إسرائيل ” أسلحة الدمار الشامل، وتجاهلت المواقف العربية والدولية الحيّة، الرافضة للسلاح النووي ” الإسرائيلي “، حيث تمتلك ” إسرائيل ” أخطر وأفتك الأسلحة النووية، ويهدد المنطقة العربية وغير العربية بأسرها، وقد رفضت أمريكا باستمرار الدخول في اتفاقية حظر إنتاج وتطوير الأسلحة النووية أمام سمع العالم وبصره وصم أذنيه عن ما يجري في مفاعل ديمونا، وبما أنّ أسلحة الدمار الشامل ” الإسرائيلية ” تؤدي إلى اختلال التوازن العسكري في المنطقة، فمعنى هذا أنّ مقولات وعبارات السلام المقبل / السلام الوهم، وخارطة الطريق الأمريكية، عبر مفاوضات التقريب / خارطة تصفية القضية الفلسطينية / والدولة الفلسطينية الواقعية/ على رأي سلام فياض/ مجرد أوهام ستذهب أدراج الرياح في ظل خطط قادة هذا الكيان الطارئ على كل شيء. وتجدر الإشارة إلى أنّه في بدايات شهر شباط من عام 2008 م، حدثت عملية استشهادية مزدوجة في قرية ديمونا، جعلت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وعلى رأسها ( الشاباك )، أن أصيبوا جميعاً بالصدمة، بفعل عملية استشهادية مزدوجة بطولية نوعية، خاصةً وأنها جاءت في قلب بلدة ديمونا، حيث تقع في أقصى جنوب فلسطين المحتلة عام 1948 م، ويوجد بالقرب منها مفاعل ديمونا الإرهابي النووي، والتساؤل الذي طرحته(الشاباك )على نفسها وما تزال هو: اليوم نجحوا في تخطي كل الإجراءات الأمنية المشدّدة في ديمونا وحولها، وكانت العملية المزدوجة ناجحة بكل المقاييس! ماذا لو وصلوا غداً و/ أو بعد غد إلى ديمونا نفسه(المفاعل)وفجّروه ؟!! إنها كارثة حقيقية على إسرائيل والمنطقة والعالم!. والى جانب مفاعل ديمونا، تمتلك إسرائيل مفاعل نووي آخر في قلب فلسطين المحتلة عام 1948 م ” إسرائيل الآن ” على الساحل المتوسطي اسمه مفاعل( سوريك )النووي، الذي قدّمه الرئيس الأمريكي دوايت ايزنهاور عام 1955 م، حيث يظهر للعيان من مفاعل سوريك هو: المنشأة المخصصة لمشروعات لا علاقة لها بالقنبلة الذرية، كتطوير منظومة الرؤية الليلية و/ أو الكاميرات النووية، كما يجري العلماء في سوريك أبحاثاً حول وسائل ضبط المقاومين الاستشهاديين من خلال أجهزة يمكنها رؤية ما تحت الملابس. فهذه الدولة العبرية الطارئة على الجغرافيا والتاريخ، وان كانت تمارس سياسة الغموض النووي في برنامجها النووي العسكري الإرهابي، فإنّها بالمقابل لا تخفي مشروعاتها للأسلحة التي يستخدمها القنّاصة، بحيث تتيح قياس سرعة الريح من خلال التصويب نحو الهدف، بالإضافة إلى ليزر آخر يحدد المسافة. وتبلغ قوّة هذا المفاعل خمسة ميغاوات، حيث وضع قلب المفاعل تحت تسعة أمتار من الماء المنزوع منه المعدن الأزرق الباهت البالغ الشفافية، حيث ظاهر هذا المفاعل يقوم بأبحاث تطبيقية لتطوير منتجات تكنولوجية رفيعة المستوى، وسوريك هذا يماثل ويتساوق في الهدف والغاية مع مفاعل ديمونا، على اعتبار أنّه يقوم في تطوير الأسلحة النووية، وان كان يعد المفاعل الوحيد في العالم الذي لا يضم دائرة للفيزياء النووية. فمجمّع سوريك مسؤول مسؤولية كاملة، عن الأبحاث وتطوير الأسلحة النووية وتصنيعها أيضاً، وبشكل ملفت لأجهزة استخبارات عالمية تعمل في الشرق الأوسط، باعتبار الأخير ساحة صراع، ويعد مفاعل ديمونا، المفاعل الأول في إسرائيل وموجود في صحراء النقب، وقد بني بمساعدة من الفرنسيين أواخر الخمسينات وقوته مابين 40 إلى 150 ميغاوات وينتج البلوتونيوم المخصص للاستخدام العسكري، حيث أحاطت إسرائيل، نشاطاتها النووية بالغموض، حيث رفضت وما زالت، تأكيد و/ أو نفي امتلاكها السلاح الذري الإرهابي، وكذلك ترفض توقيع معاهدة الحد من الانتشار النووي وزيارات مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مفاعل ديمونا والى أمكنة خاصة في مجمع سوريك النووي على الساحل المتوسطي في الأراضي المحتلة عام 1948 م، بفعل مساندة الولايات المتحدة الأمريكية، هذه المساندة التي هي نتاج سياسات ازدواجية في التعامل مع الملفات النووية الأخرى، وخاصةً المفاعل النووي الإسرائيلي الإرهابي العسكري . إنّ خطورة مفاعل ديمونا النووي تكمن، أنّه يقع في منطقة بحكم موقعها وتاريخها الزلزالي، فانّ تعرضها لزلزال وارد وغير مستبعد، وهذا إن حدث سوف يؤدي إلى تصدّع هائل في جدران مفاعل ديمونا النووي، وقد أشار الخبير مردخاي فعنونو والذي أعتقل في السجون الإسرائيلية لمدة 18 عاماً، بعد أن كشف للعالم امتلاك الدولة العبرية(والأخيرة هي الطارئة على الجغرافيا والتاريخ في المنطقة والعالم)لهذا المفاعل النووي، أكد فعنونو أنّ تعرض المنطقة لهزّة أرضية قوية من شأنه أن تؤدي إلى شروخ وتصدعات في جدران المفاعل، وسوف يؤدي ذلك إلى تعرّض المنطقة والعالم إلى كارثة نووية أكبر بكثير من الكارثة النووية التي حصلت في مدينة تشرنوبيل، حيث مباني ومنشآت المفاعل والذي أقامه الكيان العبري، قبل أكثر من خمسين عاماً وأزيد من ذلك، تعاني حالياً من شقوق بفعل الهزّات الأرضية المتتالية، وأنّ مباني المفاعل لم تعد صالحة وآمنة وفق المعايير والمقاييس العلمية العالمية، وعليه لم تعد الدول العربية وشعوبها آمنة كطفل في سريره، وبعد احتلال بغداد في 9/4/2003 م، وهو يوم سقوط الشريك الاستراتيجي الاقتصادي للأردن/ الدولة والشعب. في الوقت الذي شنّت فيه واشنطن ولندن، ومن حشدت إليه من الدول إلى جانبهما في عام 2003 م وما زالتا، لحرب ضروس على العراق الدولة والشعب والحضارة، في تحد سافر ومقلق، بزعم إنقاذ العالم من أسلحة الدمار الشامل العراقية، والتي لم يتم العثور عليها حتّى الآن، وفي ذات الوقت الذي ترتفع فيه عقيرة لهجة التهديدات الأمريكية والأوروبية بالرغم من توقيع اتفاق نووي مع ايران، لكل من إيران الدولة المسلمة وسوريا الدولة العربية(بالرغم من الحرب بالوكالة عليها منذ عشر سنوات وأزيد)وغيرهما من الدول، لمجرد الارتياب والخوف في سعي تلك الدول لإعادة أو تطوير برامجهم النووية السلمية، نجد فيه إسرائيل تسعى إلى تطوير برنامجها النووي العسكري السري، وتعقد مزيد من الاتفاقيات السرية مع واشنطن وغيرها من دول السلّة والجوقة، والتي تقضي بأنّه بوسع إسرائيل أن تمضي قدماً في برنامجها النووي، كيفما شاءت ما دام الأمر قد بقي طي الكتمان!!. إنّ الدولة العبرية بأسلحة دمارها الشامل، وبرنامجها النووي العسكري السري(عمره قارب الستين عاماً)وما يحويه من نظم التسليح النووي الخطيرة، يؤكد أن إسرائيل دولة إرهابية بامتياز، وجديرة بالانخراط في دول محور الشر التي يجب على العالم أجمع محاربتها عسكرياً واقتصادياً، كيف لا وهي( أي إسرائيل )تمتلك سادس ترسانة نووية في العالم، من بينها أسلحة نووية ذات تكتيكات صغيرة وألغام نووية، علاوة على صواريخ متوسطة المدى تطلق من البحر والجو وتقوم بتطوير قنبلة النيترون؟!. إنّ سياسة الغموض النووي التي تمارسها إسرائيل، منذ اغتيال الرئيس الأمريكي جون كندي، والأخير مارس ضغوطاً على إسرائيل وبقي متربصاً بها إلى أن تم اغتياله، وتحديداً في عهد جلودا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية عام 1969 م، والتي وصفها يوماً ما فرانسوا ميتران لشدة قباحتها بقوله: يا الله كأنّها للتو وقد سقطت من مؤخرة يهوذا، حيث وصلت إلى تفاهم مع الأمريكان حول برنامج إسرائيل النووي السري، ومن هنا يجب أن لا تستمر هذه السياسة النووية الغامضة الإسرائيلية، حيث تعد هذه السياسة دليل على المساعي الإسرائيلية الفاشية، ودليل على السياسات الأمريكية المتخاذلة في المنطقة والعالم أجمع، وما صرّح به كارتر وقبل ثلاثة عشرة عاماً من الآن(أذكر ذلك جيداً أنا كاتب هذه الرؤى عبر هذه السطور)، في مهرجان أدبي بريطاني في مقاطعة ويلز، أنّ إسرائيل تملك أكثر من 150 سلاحاً نووياً، فهي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط الآن والتي تمتلك أسلحة نووية هائلة، ومع ذلك نجد هذه الدولة العبرية الطارئة على الجغرافيا والتاريخ في المنطقة الشرق الأوسطية، لم تؤكد ولم تنفي هذه المعلومات القديمة الجديدة والتي تفوّها بها كارتر، معتمدةً على سياسة الغموض النووي في برنامجها العسكري السري والذي يهدد الأمن والسلم العالميين . إنّ الإشعاعات النووية القادمة من المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونه، لها تأثير واضح على الحوامل والأجنة تحديداً، فهي تسبب تشوهات خلقية، واجهاضات متكررة، ومشاكل في النمو، وعقم للرجال، وعقم للنساء، كذلك سوء تغذية للأطفال، كل ذلك وأزيد منه سواءً في غزّة والضفة الغربية، وكذلك يمتد أثرها على جنوب الأردن الصامد، فالأطفال يولدون بأوزان قليلة، وبقامات قصيرة، فمستوى الفقر في غزّة يصل إلى ذروته العالية المتفاقمة، مع استمرار الحصار وفي الضفة الغربية أيضاً، وان كان طبعاً أقل من غزّة، الأمر الذي يؤثر على صحة الحوامل وعدم قدرتهن على معالجة ومقاومة تأثير هذه الإشعاعات، كما أنّ 60% من النساء الحوامل يعانين من مرض فقر الدم. والتساؤل الأخير هو: هل بدأت مفاصل وتمفصلات الدولة العميقة والبلدربيرغ الأمريكي، وعبر الناطق الرسمي الجديد في أمريكا جو بايدن، وعبر احتماليات العودة ورفع العقوبات عن ايران، في الشروع باستراتيجيات الاختراق النظيف للدولة الإيرانية، عبر الأدوات من المعارضة الإيرانية الخارجية ذات الارتباطات الموساديّة، والخلايا النائمة منها وغيرها في الداخل الإيراني، كما فعلت في جلّ المنطقة حتّى اللحظة، بحيث لا تلوّث أياديها بدماء غيرها؟ وهل شرّع الاستثمار في الطبقة الوسطى الإيرانية، لأحداث التغيرات السياسية المطلوبة وللتمهيد لتفجير إيران من الداخل؟.

 

Mohd_ahamd2003@yahoo.com

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023