وهل لكم في الشارع الجزائري من أسوة وقدوة يا عرب… بقلم: د.أنور العقرباوي

وهل لكم في الشارع الجزائري من أسوة وقدوة يا عرب… بقلم: د.أنور العقرباوي

ليس على المواطن العربي شيء أشق، حين يجد نفسه و قد حبس أنفاسه، وهو يراقب التطورات المتسارعة في الجزائر، وكله أمل ورجاء أن يتجاوز أهل المليون شهيد الإمتحان التاريخي، بعد أن أثبتوا للعالم كله، أنهم أهلا للحضارة والمدنية، والحكم الرشيد اللذي يلبي طموحاتهم!

بالأمس أعلن في الجزائر عن إستقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بعد حكم استمر لمدة عشرون عاما، تنازلا عند رغبات شعبه في الحرية وتقرير مستقبله بنفسه، وإذا كان من حق للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. اللذي أعياه وأقعده المرض، فإنه من الواجب علينا أن لا ننكر عليه أفضاله وإنجازاته، حين جاء إلى الحكم والوضع اللذي كانت عليه بلاده، عندما أقر قانون العفو العام لدى توليه رئاسة الجمهورية عام 1999, اللذي استفاد منه المقاتلون حين ألقوا بسلاحهم، بعد الحرب الأهلية التي وصفت ب-“العشرية السوداء”، والتي ذهب ضحيتها العشرات من الآلاف من أبناء الشعب الواحد، ناهيك عن إنهيار الوضع الإقتصادي وخسائره في حينها.

وكذلك يجب علينا أن لا ننسى، حين تخلى عن الدراسة وهو في التاسعة عشر من العمر، كي يلتحق بجيش التحرير الوطني أثناء حرب الإستقلال الجزائرية، ودوره الفعال وزيرا للخارجية لاحقا بعد الإستقلال، عندما ذاع صيته في دعم حركات التحرر في العالم، وترؤسه عام 1974 الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة للأمم المتحدة, اللذي صدقت فيه الجمعية على القرار اللذي يؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني، وهي نفس الدورة التي ألقى فيها الشهيد ياسر عرفات خطابه التاريخ في تلك الدورة.

وإذا كان لنا عليه من مأخذ بعد التعديل الدستوري عام 2008, اللذي ألغى حينه حصر الرئاسة في ولايتين، إلا أنه وإنصافا للحقيقة وله، فإنه قد فاز في الولايتين التاليتين بعد التعديل بنسب أصوات، إن دلت على شيء فإنما كانت على الثقة التي أولته إياه الغالبية من جماهيره، التي أثقلها وأعياها كاهل الحرب الأهلية، ومواقفه من قضايا أمته العربية والفلسطينية منها خاصة.

صحيح أن الرئيس بوتفليقة ما كان له أن يستقيل، وربما الأصح أن ترضخ حاشيته إلى مطالب الجماهير، إلا أن مظاهر الإحتجاجات السلمية والحضارية التي أشاد العالم كله بها، ناهيك عن مطالبها المشروعة في الحياة الكريمة، فقد كان ذلك كله كفيلا بأن يجبر أي زعيم مسؤول أن يتنازل عند رغبات شعبه، أو هكذا نرجو من الله ونأمل أن يكون، في غياب برنامج واضح المعالم، وعدم بروز قيادة تأخذ على عاتقها، تلبية مطالب الجماهير بكل أمانة وإخلاص ومسؤولية، بعيدا عن أي مؤثرات بالأخص خليجية أو أجنبية.

عاش الجزائر آمنا وشعبه العظيم حرا كريما، وقدوة للمواطن العربي اللذي عله أن يعرف حق قدره، حين يدرك قوة الشارع وتأثيره، في تحقيق آماله وبناء مستقبله!

*فلسطيني واشنطن

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023