ياليتني كنت مستشارا للكاظمي… بقلم جهاد العيدان

ياليتني كنت مستشارا للكاظمي… بقلم جهاد العيدان

من شاور الناس شاركهم عقولهم , انطلاقا من هذه المقولة والقاعدة الذهبية , يجب القول ان اي مسؤول او قيادي او زعيم بحاجة الى عقول الاخرين سيما الذين يملكون رصيدا من التجارب ورصيدا من الواقعية ورصيدا من المصداقية , وهذه الامور هي بحد ذاتها بحاجة الى التوصيف والتعريف والاختبار .

ان موقعية المستشار لم تكن وظيفة بسيطة او هينة او ممكنة , اللهم , الاّ اذا تهيأت لها العديد من الخصوصيات والمزايا والتوصيفات , اضافة الى ملكة الاستشراف وقراءة المعطيات واستكناه الاستحقاقات , ناهيك عن القدرة على توجيه القضايا الوجهة الصحيحة بما ينسجم مع الهوية الوطنية والاصالة والصدقية والتوازن بين متطلبات المسؤول ومتطلبات الوضع دون اي تجاوز للحقائق او الاستسلام لعامل استرضاء المسؤول او مناغاة الاخرين من الحاشية او المحسوبين على الشخصيات القريبة من دائرة الحدث او المسؤول , والاغرب ان كلمة مستشار في الانجليزية هي consultant , , وهي اقرب للكلمة او الجملة العربية , كن سلطان .
ان مهام المستشار أو المشرف واسعة جداً وحساسة ، لكن يمكننا أن نذكر الرئيسية منها كما يلي:
• التحري عن مواطن المشكلات أو المظاهر التي يمكن أن يتم تحسينها او تطويرها والرقي بها .
• تحديد الحلول والتحسينات التي يجب القيام بها؛ والاخذ بمقاليدها
• وضع الأهداف؛ وترتيب الاولويات بما ينسجم والظروف والاهداف
• رسم الطرق وخارطة العمل بهدف الوصول إلى النتائج المتوخاة والمرجوة .
اما الخصائص التي يجب ان يتمتع بها المستشار او المؤتمن , فهي كثيرة وعديدة ولكن هناك خطوط عريضة يمكن التماهي معها والتحرك ضمن سياقاتها ومساراتها , حيث ان المشتشار يحتاج الى بعض من الخصوصيات والمعرفيات والمتواضعات لاداء دوره وواجبه الحساس , وليكون بمستوى المهام المنوطة به ليتمكن من تأدية عمله بشكل مناسب ومرموق . لان المستشارية لها تبعات خاصة اذا الموقع في هرم السلطة والحكم , وكم من مستشارين كانوا في الظل الا انهم كانوا في موقع التاثير المباشر في الحكم وفي موقع القيادة الاساسية لانهم كانوا يلهمون المسؤول من وحي افكارهم ما يؤسس لحكم متوازن يعول الحاكم عليهم ويتجاوب مع افكارهم ومخططهم بما يؤدي الى النموذج الراقي في الحكم خصوصا اذا تمتّع هؤلاء بخصوصية الصدق مع الله ومع المسؤول ومع الشعب.
من دون هذه الخصائص والصفات، يصبح عمل المستشار أصعب بكثير في تلبية المتطلبات التي يحتاجها العمل، وتحتاجها الامة ويحتاجها المسؤول , وبدلا من ان يكون وجود المستشار عامل ايجاب وجذب وخير يتحول بمرور الزمن الى طاقة سلبية تذهب بالمسؤول الى طريق وعر وتؤدي الى افشال للعمل والاضرار بالواقع والى تاليب النفوس والوقوع في المطبات والنكسات.
لكن، لا يمكننا اعتبار أن كل شخص في هذه الحياة يولَد وهو يتمتع بكافة هذه المزايا والمهارات، لكن أغلب هذه المهارات يمكن تطويرها وتحسينها من خلال الكثير من الدراسة، التجريب والخبرة, وتقنيات الاعلام الموجه والواقعي , ودون ذلك تتحكم الاهواء ويتغلغل الشيطان وتضيع الموازين وتنفلت الحقائق
وبرأينا هناك بعض الخصوصيات التي تفتح الطريق لكي تكون مدخلا لموقعية الاستشارية بما يحقق للمسؤول المحبوبية وبما يحقق للشعب السعادة والرفاه ومن هذه الخصوصيات المنظورة هي : اتقان فن التعبير واسلوبه والتمتع بنظرة واسعة وايجابية وادراك حدود العمل ومتطلباته واشراك اكبر شريحة من الناس والتواصل معهم والوقوف على افكارهم واحتياجاتهم والقدرة على تفهم الاوضاع وايجاد المخارج للحلول المتوخاة والتمتع بمعارف نفسية ومعرفية واجتماعية والاهم هو التمتع بعامل الابداع والالهام يكي يتمكن المستشار ان ان يكون همزة الوصل بين المسؤول وبين المحيط المراد تغييره او التعاطي معه من اجل تحقيق الاهداف والغايات العليا وكلما كان المستشارون واقعيين ثقاة ومؤتمنين كلما كان المسؤول والشعب في امان وراحة بال وطمأنينة , وفي تطور وابداع وانتاج .
ان خدمة الناس هي مسؤولية انسانية وفي الحديث القدسي ورد: ان الخلق عيالي احبهم اليّ اقضاهم في حوائجهم , وان تطوير ديناميكية الحكم تقوم على اساس ان الشعب هو مصدر السلطات , وان المسؤول الناجح هو من وهب نفسه لخدمة المواطنين واعطاهم وجوده , وعاش همومهم , وتواضع لارادتهم , ومن خدم الناس كان الله الى جانبه وضاعف من محبوبيته وخلّده التاريخ في صفحاته المشرقة الواعدة.
نسال الله ان يعي كل غيور ومؤتمن على امور الشعب هذه الحقائق وهذه المواصفات وهذه التجليات , وان يضع خدمة الشعب وتطلعات ومتطلبات الامة فوق اي اعتبار وفوق كل العناوين الاخرى , وخيركم من نفع الناس وانتفع الناس به .

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023