يا منتظري الفرج من بايدن وهاريس كفاكم الله شر القادم

يا منتظري الفرج من بايدن وهاريس كفاكم الله شر القادم

بقلم: د. أنور العقرباوي- فلسطيني- واشنطن |

تباينت ردود الأفعال العربية على فوز بايدن، بين الشماتة والتفاؤل عند الفريق، الذي رأى فيه نهاية حكم أحمق ضحل أجوف، وبداية عهد واعد جديد الذي طالما بشر به الديمقراطيون حال هزيمة الفوقي الأرعن، في الوقت الذي ذهب فيه الفريق الآخر، وقد خيمت الصدمة على وقع خسارة ترامب نفوسهم، قبل أن يعودوا ويلتقطوا من جديد أنفاسهم، والتعبئة عند تبدل كل إدارة جديدة، كما جرت عليه العادة في تبعيتهم، صاغرين في إعداد تقديم أوراق اعتمادهم!

 

قد يتفق البعض أو يختلف فيما أسلفناه، إلا أن الأمر الذي ربما لا يدركه أو يتجاهله الكثيرون، أن الخلافات التي تشتد بالأخص سعيرها، مع قرب موعد كل إنتخابات أمريكية، أنها لا تكمن في إختلاف الشعارات التي تطرحها الأحزاب، التي تداعب أفكار وتطلعات هذا الفريق أو ذاك من انصارهم، بالقدر الذي يؤجج من وتيرتها، مدى صلاحيتها في خدمة أصحاب النفوذ، التي يسيطر فيها رصيدها من الأموال، وتحكمها في وسائل الإعلام، على توجهات الناخب الأمريكي، وبالتأكيد جماعات الضغط الصهيوني، التي تنشط عند كل مناسبة في إبتزاز الطرفين، وخاصة فيما يتعلق منها بالكثير من مفاصل السياسة الخارجية، وهو الذي يعنينا فيما نحن بصدده، عندما وقع الخيار على كامالا هاريس نائبة للرئيس المرشح، حتى يستوعب “القاريء” العربي، ويفند أضاليل حكامه في حقيقة تبعيتهم!

من المعروف تقليديا في سباق الزعامة على البيت الأبيض، أنها تبدأ عادة قبل نهاية رئاسة المتربع على عرشه بحوالي السنتين، حيث يحزم الكثيرون من المتنافسين خلالها حقائبهم، متوجهين إلى الكيان الصهيوني، أملا في مباركة مساعيهم بعد أن يكونوا قد قدموا كل ما في حقبهم، من آيات الولاء والطاعة، لعل التي لفتت الإنتباه إليها أكثر، تلك الزيارة الثالثة أو الرابعة التي قامت فيها، كامالا هاريس المتنافسة في حينه إلى فلسطين المغتصبة، وعرجت في أثناءها على هضبة الجولان السورية المحتلة، في مخالفة صريحة إلى كل قرارات الشرعية الدولية، بحكم شخصيتها المعنوية ووظيفتها العامة!

 

لمع بين المتنافسين من الديمقراطيين في مراحل الإنتخابات الأولية، قلة منهم وخاصة السيناتور التقدمي، بيرني ساندرز والسيدة هاريس، بينما كاد منافسهم جو بايدن أن يتذيل قائمة المتسابقين، لولا وقوف الأفارقة الأمريكيون معه لاحقا، في انتخابات ولاية كارولينا الجنوبية، حيث أمدته ببعض من الزخم والدفع المعنوي، وزيادة كبيرة لم تكن منتظرة من التبرعات، ما لبثت أجهزة الإعلام في إعادة تسليط الضوء عليه، قبل أن تعلن السيدة هاريس إنسحابها من المنافسة بطريقة مفاجأة وغير متوقعة، دلت لاحقا تحليل الرسائل المشفرة على أسباب إنسحابها من المنافسة، عندما وقع الخيار عليها، نائبة للمرشح بايدن في حينه، الذي يذكرنا في هزيمة هيلاري كلنتون أمام السيناتور الأسود المغمور باراك أوباما، في الإنتخابات التمهيدية عام 2008, على الرغم من سيرتها الذاتية الغنية والطويلة في خدمة أمريكا، التي لا يمكن تفسيرها غير رغبة الدولة العميقة، في تبييض وجه أمريكا في العالم، بعد أن أطاح في سمعتها مجرم الحرب بوش الإبن الأبيض، وهو ما يعزز الإعتقاد وراء السبب في تسمية السيدة، هاريس ذات الأصول الهندية الأفريقية، بعد أن لوث المنصرف الأهوج ترامب الناصع البياض، هيبتها في كل أنحاء البسيطة!

 

وقبل أن ننتقل إلى الخاتمة من عرضنا هذا، فلعله من المفيد على “القاريء” العربي، أن نستعرض معه كيفية ترتيب أولويات العمل، لدى أي إدارة أمريكية جديدة، التي غالبا ما تبدأ في نقض سياسات سلفها التي لا تتفق مع توجهاتها، قبل أن تمضي قدما في وضع الخطط والبرامج لعملها، مع الأخذ بعين الإعتبار التخطيط لجمع ما يكفيها من النقاط، التي سوف تعزز من حظوظها بعد أربع سنين، بالفوز في فترة حكم ثانية، سواء في الإيفاء ببعض وعودها ما أمكن، دون تجاهل مصالح أصحاب النفوذ واللوبيات وخاصة الصهيونية، التي قد تكون أسهمت في نجاحها! وإذا ما أردنا التوقف عند قدرات الرئيس المنتخب الحالي، بايدن المتقدم في العمر، والذي يبدو تأثيره واضحا على قدراته العقلية، وما يعنيه ذلك من ممارسة أو إنتقال مسؤولية الحكم عاجلا أم آجلا على عاتق نائبته، التي أحاطها بالمستشارين الأشد تأييدا للكيان الصهيوني، أو كما يسمونهم هنا في واشنطن بمخلفات المنصرف أوباما، الذي ودع البيت الأبيض عام 2016, بعد أن أقر حزمة من المساعدات العسكرية لم يسبق مثيلا لها، على حساب دافع الضرائب الأمريكي، بلغت في مجموعها 38 مليار دولار على مدى عشر سنين، فعلينا أن نتصور كيف سيكون الحال عليه، عندما تنتقل السلطة الفعلية رسميا، إلى الرئيس القادم كامالا هاريس، التي توصف بالأكثر تشددا في من بايدن الصهيوني، في دعمها للكيان الغاصب، ولعله من المفيد أيضا التذكير كيف أن أول قرار سبق وأن اتخذته، من خلال موقعها عضوا في مجلس الشيوخ، كان عندما أدانت عام 2017 إدارة أوباما، بالإمتناع عن التصويت في مجلس الأمن على إدانة المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية، وربما حينها قد نترحم على المتهور ترامب، بعد أن تصبح أكثر من ألعوبة منه، بين يدي اللوبي الصهيوني!

 

وإذا كان من المهم في النهاية من التذكير، بأن المباديء الأساسية التي تستند إليها النظم “الديمقراطية”، بأنها لا تعني بالضرورة وحدة الممارسات، بالقدر الذي يكون فيه الأهم هو تحقيق الأهداف والغايات، فلعله من المستحسن لفت الإنتباه كذلك، لدى المتشائلون والمرتعدون من الحكام العرب، الذين على عجل بدأوا في إعادة حساباتهم، أن يدركوا أنهم أينما وضعوا رؤوسهم، فإن النظرة إليهم لن تتعدى، قيمة الحذاء الذي ينتعله جمهوريا أم ديمقراطيا، كان سيد البيت الأبيض، طالما بقيت شعوبهم على حالها، في منامها تنعم!

 

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023