120 دقيقة في “سوق هراس”

120 دقيقة في “سوق هراس”

بقلم الأستاذ نبيل العرفاوي |

لم يكن هذا الميكانيكي الثلاثيني بسرواله الدجينز الرفيع وحذائه الرياضي باهض الثمن يبالي كثيرا بما يحدث من حوله، لقد جمع كل تركيزه في صيانة سيارتي مرة وفي إلقاء نظرة مطولة على جواله مرة أخرى وحين أراد أن يكسر حاجز الصمت بيننا قال وهو يمسح فوق شاشة لوحته الإلكترونية: “بفففف، بوتفليقة … بوتفليقة ما كاين غير بوتفليقة؟”، ابتسمت ولم أشأ أن أخوض معه حوارا قد أكون أكثر حرصا منه على أن لا ينتهي. ولكن يبدو أنه لم يكن يرغب كثيرا في تلقي الأخبار الاتية من عاصمة الجزائر، يبدو أنه كان بحاجة أكثر إلى أخبار المغامرة الرياضية التي سيخوضها شباب قسنطينة في وسط إفريقيا خاصة بعد الخسارة التي مني بها مؤخرا أمام النادي الإفريقي في منافسات دور المجموعات بدوري أبطال إفريقيا .. جمهور سوق هراس الرياضي مغرم بنادي شباب قسنطينة بحكم القرب ربما…فيما كانت حركة السير في ضواحي المدينة والطرق العصرية المؤدية إليها وفوق جسورها المعلقة في الاتجاهين تبدو سالكة… أما وسط “البلاد القديمة” أو ساحة البلاسات وكل ما يحيط بها من مغازات وفضاءات تجارية ومطاعم ومحلات الايس كريم فقد كانت تشير كلها إلى يوم عادي مليء بالحركة وإيقاع الحياة.

عند الاذان تغلق الأبواب البلورية لعدد من المحلات وتعلق عليها لوحات مكتوب فوقها ” مغلق للصلاة ” في الأثناء تمتلئ الشوارع بأصحاب القمصان البيضاء حاملين فوقها جمازات أو جاكاتات أروبية المنشئ مع أحذية رياضية تساعد على خفة الحركة حد الهرولة أحيانا…وليس على الزبائن مثلي إلا الإنتظار قليلا لاقتناء ما جئنا لأجله…وفي كل ذلك فأنت مرحب بك وتحظى بكل ثقة بمجرد أن يتفطن مخاطبك إلى أنك جار تونسي. وأنت تغادر المدينة قبل أن تحاذي نهر مجردة تنظر في المراة العاكسة لسيارتك لترى وراءك جمالا طبيعيا متوحشا جبال تحيط بك من كل اتجاه مازال ثلج الشتاء يكسو قممها فيما الشجر والخضرة وكل ألوان الربيع تعانق السماء طولا وعرضا…تعود الى موجات الاف ام لتستمع إلى نهاية حوار إذاعي took-show جزائري يستغرب المتحدث فيه كيف يطالب أمناء عامون لأحزاب سياسية بوتفليقة بالرحيل الان وهم على رؤوس أحزابهم قبل وصول بوتفليقة للحكم؟ يبدو أن المحتجين في شوارع العاصمة لم يعد بإمكانهم الإعتراف بمن يمكن أن يتحدث بأسمائهم لدى السلطة الحاكمة، أنهم لا يعترفون بالوساطة لقد أصبح الحوار مباشرا بين السلطة وبين المحتجين، تبدو الرسائل أكثر وضوحا يوما بعد يوم…في بلد عريق وكبير مثل الجزائر.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023